حملة مصرية تنشر شهادات عن حرمان النساء من الميراث
تتعرض العديد من النساء في مصر للحرمان من ميراثهن، وربما تتعرضن للعنف إذا طالبن به خاصةً إذا كان ذلك الميراث يسمح لهن بامتلاك الأراضي
إيناس كمال
القاهرة ـ ، وهو ضد العرف المتبع حالياً في مصر الذي يمنع النساء من تملك الأراضي ويسمح لهن فقط بأخذ مقابل مالي ربما لا يتوافق مع قيمة الأرض.
للمطالبة بحق النساء في الحصول على حصتهن من الميراث، أطلقت مبادرتا "Super woman" و"براح آمن" المصريتان حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع يوم المرأة الريفية الذي وافق يوم 14 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وطالبت المبادرتان بتعديل قوانين المواريث وإدراج قوانين مدنية تمنح الجميع حقوق متساوية، والعمل على كتابة وتفعيل لوائح تضمن للنساء الحصول على حقوقهنّ كاملةً بقوة القانون، بالإضافة إلى تفعيل المادة 53 من الدستور المصري، والتي تنص على أن "جميع المواطنين لدى القانون متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، وإنشاء مفوضية مستقلة لمناهضة كافة أشكال التمييز بين الجنسين".
تقول مؤسسة مبادرة "Super woman" آية منير، أن "الحديث عن النساء والمواريث في مصر خط أحمر لا يُمكن الاقتراب منه، نظراً لحساسية الأمر من المنظور الديني، ولكن نحن هنا للتحدث عن النساء وحقهن في الميراث من المنظور الاجتماعي والاقتصادي بشكل أساسي".
وأضافت أن الحملة ستشمل التدوين من النساء عن تجاربهن في حرمانهن من الحصول على الميراث، لافتةً أنه تم اختيار يوم الرابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي لأنه يصادف اليوم العالمي للمرأة الريفية.
وسلطت الحملة الضوء على قضية الميراث في مصر وتأثرها بالأوضاع القانونية، العادات والتقاليد، الوضع الاجتماعي والاقتصادي، بالإضافة إلى تأثيرات القسمة الظالمة في الميراث على حياة العديد من النساء والفتيات، وحرمانهن من الحصول على حقهن في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
الحملة أتت ثمارها خلال أيام معدودة وبحسب آية منير فإن وسم "ميراث الستات فين" قد تم قراءته بما يزيد عن 250 ألف قراءة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بعد أسبوع فقط من إطلاقه، هذا بخلاف ما وصلته الحملة من شهادات للنساء المحرومات من الميراث تخطت الـ 100 شهادة.
وقالت إحدى الشهادات التي نقلتها الحملة "عائلتي الصفة السائدة فيها أنها مخادعة، كذب وتزييف وخداع، يذكرون الشرع في كل شيء بالكذب، الحقيقة غير ذلك، رافضين إعطائنا أوراق تثبت حقنا في الميراث، خدعونا في تقييم الممتلكات، سرقوا متعلقات، يرون أنهم من الطبيعي أن يحصلوا على أكثر مما حصلوا عليه لأنهم عائلة وأهل أبي ونحن فقط بناته، ويتصرفون كأننا لسنا موجودين ويستخدمون اسم أبي كأنه لا يزال حياً، وهذا في رأيي أصعب حالة ممكن أن يواجهها أحد لأنه من الصعب أن تثبت للناس أنه يتم إهانتك وإذلالك وعدم إعطائك ميراثك".
وقالت شهادة أخرى "توفي أبي وأنا صغيرة في السن وحتى الآن لا نستطيع إثبات حقنا أنا وأمي في البيت الذي نسكن فيه والذي هو ميراثنا الوحيد من أبي، ولابد من أن نرفع قضية وذلك سيتطلب طاقة ومال وأنا لا أملك الاثنين".
وقالت شهادة ثالثة "نحن بنات، توفى والدنا عام 2003، لكن إخوتي الذكور أخذوا حقهم بالميراث لكن البنات لم يحصلن عليه، أخي الأكبر قال إن حقنا سيكون جزء من بيت أبي وحينما يقرر بيعه سنأخذ حقنا، لكن هذا البيت يقيم فيه أخي وأسرته وأولاده حتى الآن ولا نية له لبيعه".
وقالت مؤسسة مبادرة "براح آمن" شيماء طنطاوي، إن توقيت اختيار انطلاقة الحملة ليكون بالتزامن مع يوم المرأة الريفية، هو بقصد ربط فكرة ميراث النساء بالأرض، "لاحظنا أن نسبة النساء اللواتي تمتلكن أراضي قليلة جداً جداً مقارنة بنسبة الرجال".
وخلال بث مباشر على الصفحات الرسمية للمبادرتين والحملة قالت الباحثة النسوية منى عزت أن "العائلات الكبيرة في الريف المصري التي تستمد نفوذها مما لديها من ثروات، لا تزال تتمتع بسلطة وكلما زاد ميراثها من الأراضي زادت سلطتها على هذه القرية، والنساء لا مجال لهن في هذا الأمر حتى في المجالس العرفية، أما عن منع تملك النساء للأراضي فلا أحد ينظر له أنه ضد الشرع".
وأوضحت منى عزت أنه إذا بادرت النساء بطلب ميراثهن تتعرضن للتنكيل، وقد يتعرضن للعنف أحياناً؛ لأن رجال العائلة يعتبرونهن تجرأن على مساحتهم وحتى لا تتجرأ باقي نساء العائلة في طلب ميراثهن.
وجمعت المبادرتان ضمن فعاليات الحملة تواقيع المؤسسات والمبادرات والمنظمات والجمعيات النسوية، وأصدرتا بياناً أشارتا فيه إلى أنهما استطاعتا التواصل مع العديد من النساء والفتيات اللاتي واجهن ويواجهن تحديات كبيرة في الحصول على ميراثهن بالقانون.
وترى القائمات على الحملة على أنه بالرغم من تعديل القانون رقم 77 لعام 1943 فيما يتعلق بالمواريث، في 30 كانون الثاني/ديسمبر 2017، بإضافة باب عقوبات على المادة 49 لتجريم الامتناع عن تسليم المراث لأول مرة في القوانين المصرية، إلا أنه غير كافي.