هل سيبقى الصمت الدولي عنوان لجرائم الدولة التركية؟
حولت الدولة التركية مدينة عفرين منذ احتلالها لساحة ترتكب فيها جرائمها وانتهاكاتها بحق أهلها وأرضها، عفرين المدينة التي عُرفت بتلاحم وتعايش مكوناتها يعاني أهلها أفظع وأبشع أشكال العنف والقتل والتهجير والمضايقات.
روبارين بكر
الشهباء ـ في الذكرى السادسة لاحتلال مدينة عفرين بإقليم شمال وشرق سوريا، أكدت المنظمات والمؤسسات النسوية أن المدينة منذ احتلالها تتعرض لانتهاكات وجرائم بحق الأهالي وعلى رأسهم النساء والأطفال، وأن الدولة التركية تحاول القيام بأكبر عملية تغير ديمغرافي في العصر الحالي.
وسط فلتان أمني وجرائم وانتهاكات لا تعد ولا تحصى وخرق للقوانين الدولية المعنية بحقوق الإنسان، الأوضاع في مدينة عفرين المحتلة تزداد سوءاً يوماً تلو الأخر، فقد وثقت منظمة حقوق الإنسان عفرين ـ سوريا انتهاكات الدولة التركية بالمدينة منذ احتلالها عام 2018، فقد أكدت على اختطاف أكثر من 9186 شخص بينهم أكثر من 1000 امرأة، وقتل أكثر من 693 آخرين بينهم 97 شخص لقوا حتفهم تحت التعذيب و104 نساء بينهن 11 حالات انتحار، و74 حالة اعتداء جنسي.
وأوضحت المنظمة أنه تم قطع أكثر من 400 ألف شجرة مثمرة وحراجية، وحرق أكثر من 15 ألف شجرة مثمرة، وحرق الآلاف من الأشجار الحراجية، وإضافة إلى ذلك حرق أكثر من ثلث المساحة المخصصة للزراعة، وأما بالنسبة لبناء المستوطنات فقد تم بناء أكثر من 30 مستوطنة ومخيم فيها، وتم نبش وتدمير أكثر من 75 تل أثري وأكثر من 59 موقع، وأكثر من 28 مزار ديني وحتى القبور نُبشت.
وعن الجرائم والانتهاكات التي تمارسها الدولة التركية في المدينة، قالت المحامية بمقاطعة عفرين ـ الشهباء بإقليم شمال شرق سوريا روشين حدو بأن "الاحتلال التركي ومرتزقته منذ بداية الهجوم على عفرين بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير عام 2018 وإلى الآن مستمرون بانتهاكاتهم بحق السكان الأصليين وبطرق ممنهجة ومدروسة، ومن تلك الانتهاكات التهجير القسري ليتم توطين المئات من عوائل المرتزقة، وهذا دليل واضح على محاولات الدولة التركية للقيام بأكبر تغيير ديمغرافي في العصر الحديث".
وأضافت "مدينة عفرين تشهد بشكل مستمر انتهاكات مروعة من قتل وخطف ونهب ممتلكات المدنيين وتعذيبهم، وتدمير للبنية التحية من أجل القضاء على تاريخ المنطقة من خلال نبش وتجريف الأماكن الأثرية وغيرها الكثير من الانتهاكات التي يتم ممارستها بشكل يومي حتى طالت المرأة ولكن بشكل مضاعف فقد تعرضت للاختطاف والاعتقال والتعذيب والاغتصاب، هدف الاحتلال التركي من عداءه للمرأة القضاء على فكرها الحرة الذي نظمت به نفسها، وقد فُرض عليها ما يسمى باللباس الشرعي وهذا يدل على الذهنية المتطرفة التي تتبانها الدولة التركية ومرتزقتها".
وعن صمت الدول والمنظمات الحقوقية والإنسانية قالت روشين حدو "جميع الانتهاكات التي يتم ممارستها في عفرين المحتلة تحصل أما مرأى ومسمع العالم، وقد وصلت إلى مستوى جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحق الإنسانية، والتقارير التي صدرت بخصوص الانتهاكات أثبتت ذلك".
وأوضحت أن "تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية أكد أن هجمات الدولة التركية على إقليم شمال وشرق سوريا وصلت إلى جرائم الحرب، وهو التقرير الأول الذي يتم إصداره دولياً بخصوص ما يحصل في عفرين، وفي الأيام الأخيرة صدر تقرير من قبل منظمة هيومن رايتس واتش أكدت فيه أن الدولة التركية المسؤول الأول عن ارتكاب الجرائم في عفرين، علماً أن التقارير السابقة كانت تُحمل المرتزقة مسؤولية ارتكاب الجرائم، وهذا يثبت أن المنظمات خرجت عن صمتها حيال ما تمارسه الدولة التركية من جرائم أثقلت كاهل الإنسانية".
وفي ختام حديثها طالبت روشين حدو جميع المنظمات الإنسانية والحقوقية بالخروج عن صمتها والعمل بحزم تجاه الوجود الاحتلالي والاستعماري للدولة التركية على أرض عفرين ومعاقبتها وإنهاء الاحتلال وتهيئة الظروف المناسبة لعودة الأهالي، مؤكدةً أن الاحتلال بحسب القوانين والاتفاقيات الدولية هو حالة مؤقتة وبعد احتلالها لمنطقة يجب على تلك الدولة الخروج منها وتسليمها إلى سكانها الأصليين.
ومن جانبها قالت عضو منظمة سارا للعنف ضد المرأة بمقاطعة عفرين ـ الشهباء تكوشين محمد "ستة أعوام ومدينة عفرين تعاني الظلم والانتهاك، المدينة التي كانت الملجأ الآمن لجميع مكوناتها، أصبحت منذ احتلالها على يد الدولة التركية ومرتزقتها منطقة للجرائم والانتهاكات".
وأضافت "أكثر الفئات التي تدفع الثمن الأكبر من هذا الاحتلال والظلم والانتهاكات المرأة، بالإضافة لما سبق تتعرض لضغط نفسي على سبيل المثال الزواج المبكر الذي انتشر بشكل كبير خلال الست سنوات، الأهالي باتوا مجبرين على تزويج الفتيات القاصرات للمرتزقة تحت التهديد، إضافة إلى ذلك المرأة تتعرض للعنف في منطقتها فهي معرضة للاغتصاب والخطف والقتل، الاحتلال التركي هو المسؤول الأول عما تتعرض له النساء في عفرين".
وعن هدف الدولة التركية من الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة أكدت أن "المرأة الكردية في عفرين أثبتت وجودها في الثورة ووقفت بوجه الذهنية الذكورية المتسلطة وناضلت لدحض الظلم والعبودية، لهذا نراها تتعرض لأكبر قدر من الانتهاكات التي تمارسها الدولة التركية في المدينة، وتهدف من خلالها لكسر إرادتها والقضاء على وجودها، إلا أنها لا تتواني عن المشاركة في الاحتجاجات التي خرجت إلى الشوارع والساحات للتنديد بما يمارسه الاحتلال التركي ومرتزقته من انتهاكات بحق الأهالي، ومنها كانت عند وقوع مجزرة نوروز بناحية جنديرس والجريمة التي راح ضحيتها طفل بنفس الناحية، نساء عفرين انتفضن بوجه الظلم، ولكن الاحتلال التركي يهدد ويتوعد لإخفاء جرائمه وإسكات أصوات النساء والأهالي في عفرين".
وناشدت تكوشين محمد المنظمات الحقوقية والإنسانية بوضع حد لجرائم الاحتلال التركي بحق أهالي عفرين ومحاسبته على الانتهاكات والممارسات التي خالفت بها جميع القوانين الدولية.