هدى فونو تدعو لمحاربة العنصرية اللغوية ضد النساء المغربيات ذوات البشرة السمراء

تسعى هدى فونو وهي ناشطة نسوية مغربية إلى محاربة الأفكار العنصرية التي تمس النساء والتي تؤثر على ذوات البشرة السمراء خاصة وعلى تمركزهن في مراكز القرار.

حنان حارت

المغرب ـ قالت هدى فونو المدافعة عن النساء ذوات البشرة السمراء في المغرب، أنه يجب تكثيف الجهود النسوية من أجل محاربة  ظاهرة التنمر والعنصرية التي تتعرض لها هذه الفئة من النساء بسبب لونهن.

أوضحت الناشطة النسوية المغربية هدى فونو، في حوار مع وكالتنا إلى أنها كامرأة صاحبة بشرة سمراء تعرضت لعدد من المضايقات والسخرية، التي جعلتها في الصف الأول للدفاع عن هذه الفئة.

 

حدثينا عن التجربة التي خضتها في مساعدة النساء ذات البشرة السوداء اللواتي تتعرضن للتنمر؟

التجربة التي خضتها والتي لا أزال أخوضها حتى الآن، استلهمتها من واقع أعيشه يومياً، حاولت تسليط الضوء على ظاهرة تمس هذه الفئة من النساء، وهي التنمر والكلام العنصري الذي نواجهه كنساء سوداوات، فمنذ طفولتي وعندما كنت في المدرسة وحتى في المحيط الذي عشت فيه تعرضت للعديد من المضايقات والسخرية من الأطفال في نفس سني بسبب لون بشرتي أو نوعية شعري، الشيء الذي كان يؤثر على نفسيتي وجعلني لا أتقبل نفسي أحياناً ولا أتقبل شعري المجعد لمدة طويلة، ما كان يدفعني لاستعمال المواد الكيميائية لتنعيمه. 

 

هل لاقت حملة "ماشي عزية" (لست سوداء) لمحاربة العنصرية والتنمر ضد ذوات البشرة السمراء نجاحاً؟

لاقت الحملة قبولاً من المتابعين وقد شاركت النساء تجاربهن معي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر ليس متعلقاً فقط بالنساء الإفريقيات، بل بتجارب النساء السوداوات أو السمراوات المغربيات، فحملاتنا مستمرة من أجل مواجهة كل الأفكار العنصرية التي تستهدف النساء. وأتوجه في حملتي للناس من أجل تغيير أفكارهم، ومحاربة العنصرية وننادي بالتعايش والتسامح.

وما أركز عليه منذ إطلاق الحملة هو تفادي استعمال مفردات باللهجة المغربية مثل (عزِية، دراوية، كحلة)، وغيرها من الأوصاف التي تستعمل لنعت أو المناداة على الأشخاص ذوي البشرة السمراء أو السوداء.

فالمشكلة الحقيقية تتجلى في كوننا نعاني من عنصرية لغوية، وهذا يصدر من بعض الأشخاص إما عن قصد أو من دون قصد. ويبقى هدفي من خلال الحملة هو نشر الوعي بخصوص عدم استعمال الأوصاف والدلالات السلبية التي تؤثر في نفسية النساء السمراوات والسوداوت.

 

ما هي الوسائل التي اعتمدت عليها لإيصال صوتك، لا سيما أن حملة "ماشي عزية" بدأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟

الوسائل التي اعتمدها هي فن الصورة والفيديو، حيث أقوم بجلسات تصوير تتعلق بتيمات مختلفة لإبراز جمال النساء السوداوات وأشارك النساء كيفية اعتنائهن بنفسهن وتقبل نوعية شعرهن المجعد، وأناقش بعض المواقف التي تعتبر عنصرية، لكي أوضح للناس أنها تضر بأصحاب البشرة السوداء، وكل هذا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

كما أحاول تمرير رسائل ضمنية تشجع النساء من ذوات البشرة السوداء على إظهار جمالهن الطبيعي دون فلترات، وكذلك مناهضة العنصرية على أساس اللون من خلال زوايا ورؤى فنية تعبيرية، من أجل كسر الصور النمطية التي ترتبط بمعايير الجمال البيضاء التقليدية، ودفع النساء السمراوات والسوداوات إلى ترك بصمتهن وفرض وجودهن في المجتمع.

 

تسميتك لصفحة تم إنشاؤها لمحاربة الفكر العنصري بـ "المرأة السوداء"؛ ألا يعتبر هذا توصيف عنصري قد يثير غضب النساء؟         

لماذا لا نعتبر كلمة أبيض عنصرية؟ لماذا نعتبر اللون الأبيض رمزاً للجمال واللون الأسود رمزا للقبح؟ ولا يجب توصيفه للآخرين أليست هذه هي العنصرية الحقيقية؟

أنا أفتخر أنني إمرأة سوداء واعتز بهذا، ففي منطقتنا دائماً نربط اللون الأسود بالأشياء السلبية، وغيرها من الأمور المرتبطة بالموروث والعادات التقليدية البالية، إذ يجب علينا أن نتخلص من هذه الرمزية تجاه اللون الأسود؛ فهو القبح والبشاعة، ويتم ربطه بكل المصائب التي تحدث في حياتنا، وبالتالي عند رؤية فتاة ذات بشرة سوداء يتم إسقاط كل ما هو سلبي عليها بسبب لون بشرتها.

 

كيف تفسرين غياب النساء السوداوات عن وسائل الإعلام في المغرب، وهل ذلك مرتبط بالمجتمع ووسائل الإعلام في حد ذاتها؟

نعم، إن المغرب يبذل جهود كبيرة على مختلف المستويات في مجال الوقاية ومحاربة العنصرية، فالبلاد تؤكد تمسكها بالحقوق والتنوع والانفتاح والتسامح، وبالتالي خلق أساس للعيش المشترك، لكن رغم هذه الجهود فإن ما نعيشه من تمييز يرتبط بعقلية المجتمع ووسائل الإعلام في حد ذاتها، لا ننكر أن هناك بعض النساء ذوات بشرة سوداء تعملن في مجال الإعلام افتخر بهن، وأثبتن كفاءة عالية.

وأرى أنه آن الأوان لتغيير الصورة النمطية السلبية التي تتعامل بها الدراما المغربية مع النساء ذوات البشرة السوداء، نحن بحاجة إلى أن نرى نساء سوداوات يلعبن أدواراً ملهمة خارجة عن الأدوار المحصورة في عاملة منزلية أو دور ثانوي، نريد بطلات أفلام ومسلسلات رائدات وقويات يبرزن نوعية جمالهن المختلف عما نراه دائماً في الأفلام.