هبة عادل: نعمل على توعية النساء بحقوقهن القانونية وتحقيق العدالة (1)

الوصول للمناصب القيادية يحتاج إلى صراع ونضال متعدد الأبعاد، لارتباطه بعدد من العوامل التي لها جذور راسخة في المجتمع المصري إحداها الثقافة السائدة بشأن وضعية المرأة وما يرتبط بتكافؤ الفرص

 

أسماء فتحي 
القاهرة ـ ، وآخر يتعلق بالأدوات والقدرات التي يتطلبها الأمر والتي لا تمتلكها الكثير من النساء تأثراً بالمتاح لهن.
خاضت المحاميات المصريات نضالاً كبيراً من خلال مؤسسة "المحاميات المصريات لحقوق المرأة" والتي كان لها دور فاعل في معركة حققت نجاحاً تم تتويجه بوصول إحدى المحاميات إلى مقعد خلال انتخابات النقابة، وأخريات  لمواقع النقابات الفرعية واللجان النقابية، وهو مشهد حرمت منه المحميات لنحو 30 عام.
ولمعرفة تفاصيل أكثر عن هذا النضال الذي بدأ في عام 2004 كان لنا حوار مع  المحامية بالنقض هبة عادل ورئيس مجلس أمناء مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة.
 
لمؤسسة المحاميات المصريات تاريخ نضالي طويل امتد قبل الثورة... هلا أوضحتم من أي جاءت فكرة تأسيس مؤسسة للمحميات ووكيف تطور نشاطها؟
بدأ الأمر بفكرة طرح مبادرة للمحاميات المصريات عام 2004 وتأسست من خلالها مجموعة حملت اسم "المحاميات المصريات وخطوات نحو الأمام"، كانت نسبة المحاميات والعاملات في السلك المتدرج من قضاء جنائي أو مدني أو قضاء الأحوال الشخصية آنذاك قليلة جداً، فللأسف كان يعهد إليهم بعض الوظائف التي تحمل في أغلبها الطابع الإداري.
والمجتمع كان يرى أن مهنة المحاماة تصعب على النساء، وأن المحاميات وهذا التصور دفعني للعمل على تكوين مجموعة من المحاميات المؤمنات بمهنتهم وراغبات ومتمسكات بضرورة الترقي بها ويعملن على مساعدة زميلاتهن الأخريات على العمل في تلك المهنة بنفس الروح.
وتم البدء في عمل مجموعة من الأنشطة لربط المحاميات بالخدمات النقابية، وللأسف الشديد حتى تلك الخدمات التي كانت متوفرة نقابياً كانت مبنية على أفكار تمييزية بين الجنسين، فعلى سبيل المثال يحق للمحامي إضافة زوجته لوثيقة التأمين العلاجية ولا يحق ذلك لزميلته بدعوى أنها امرأة والزوج غير ملزم بها وهو ما طرحنا به تساؤل حول علاقة الاشتراك النقابي المبني على حقوق متساوية وخدمات متساوية بمستوى الخدمات المقدمة والبحث في أسباب التمييز فالمرأة تدفع كالرجل وبالتالي لها نفس الحقوق ومن هنا بدأ العمل.
وظلت الفكرة تعمل في هذا السرب الدافع للمحاميات نحو الاندماج في خدمات النقابة إلى أن انقلب كل شيء رأساً على عقب في ثورة 25 كانون الثاني/يناير، بدخول المبادرة كغيرها من الكيانات الموجودة في الثورة وتحولت الرغبة في العمل على تقديم الخدمات من استهدافها للمحاميات إلى النساء جميعاً خاصةً تلك الأفكار التي تحول دون نزول المرأة للتعبير عن رأيها، ومن هنا تحولت الفكرة من مبادرة إلى كيان رسمي يوجه خدماته وجهوده  إلى جميع النساء دون تمييز.
 
القضايا التي حرصتم على عرضها من خلال المؤسسة انصب جانب كبير منها على دعم وتمكين النساء في المناصب القيادية... فما هي مجالات عملكم بقدر من التفصيل؟
خلال عملنا في المؤسسة تبنينا مجموعة من البرامج الأساسية وأخرى وقتية ارتبطت بالحالة، ومن البرامج الثابتة التي نقوم بها توفير التوعية القانونية، فتحقيق العدالة للنساء واحد من أهداف المبادرة، لتخفيف عبء الحقوق والمصطلحات الصعبة لتنمية وعي المرأة بما تستحقه ومنع أي محاولة للتحايل على حقوقها، وللوصول بها لدرجة من الوعي بالحقوق والقانون.
ونعمل أيضاً على مساعدة النساء للوصول إلى مواقع اتخاذ القرار والتي بدأت من الحملة التي تم توجيهها في انتخابات نقابة المحامين والتي حملت عنوان "المحاميات صانعات القرار" والتي عملت على إيصال المحاميات لمواقع الإدارة في النقابة التي غابوا عنها لأكثر من 30 عام، وتوجت بحملة "انتخبوا المحاميات" ونجحت في مساعدة محامية في الوصول لمقعد بالنقابة، وكانت هناك إشادة بدور الحملة في تغيير ثقافة الناخبين بشكل واضح.
كما أننا معنيين بالعمل على بناء قدرات النساء وإكسابهن الثقة، فمشكلة العديد من النساء هي فقدان ثقتهن في قدراتهن إلى حدٍ ما وبعضهن لا يمتلكن الأدوات أو الإمكانيات التي تؤهلهن للوصول لمواقع اتخاذ القرار، لذا بدأنا في التفكير المصحوب بخلق حالة من التضامن النسائي مع المجتمعي لمساعدة المرأة في اكتساب الثقة بنفسها بشكل يؤهلها للوصول لهذه المواقع بالإضافة لتعليمها المهارات اللازمة، وكذلك الأدوات التي تمكنها من عمل حملة انتخابية بأقل التكاليف الممكنة وبالتالي تصبح في غنى عن الاستعانة بمتخصصين يكبدونها أعباء مالية هي في غنى عنها.
وعملنا أيضاً على مجموعة من البرامج كان منها "انتخبوا النساء للمحليات، والمحليات للستات" وضربنا بها عدد كبير من الشابات ومديرو الحملات على مساعدة النساء في الوصول للمواقع المحلية، وعملنا على تدريب مجموعة كبيرة في البرلمان السابق وما قبله، وتمكنا من إيجاد مساعدات من النساء لعضوات برلمان لتسهيل تقديم الخدمات ومساعدتهن في القيام بالمهام الخاصة بهن داخل البرلمان.
وهناك مجموعة من البرامج عملنا فيها بالتقاطع مع القضايا العامة السابق ذكرها التي منها "المرأة ذات الإعاقة وتعديل قانون الإعاقة" و"العنف التي تتعرض له عاملات المنازل" وكذلك عاملات الزراعة وحرمانهن من الحماية القانونية، فضلاً عن اقتراح تعديلات للقوانين فقد شاركنا في تعديل الدستور، وفي الوثيقة الخاصة به فضلاً عن العديد من القوانين الأخرى، كما ساهمنا في الحملات التوعوية الخاصة بالتصويت على الدستور مستهدفين النساء وتمكينهن من الإدلاء بصوتهن والتحول لعنصر مؤثر في العملية الانتخابية.
 
واحد من أهداف المؤسسة دعم أواصر المشاركة المجتمعية في العمل العام... فما هي البرامج التي تم تقديمها في هذا الصدد؟
كنا نعمل على برنامج هام اسمه "حقي" منذ عدة أعوام وفتح لنا آفاق عديدة للعمل على أرض الواقع واستهدفنا خلاله الشباب والشابات من خلال ورش أغلبها ارتبط بقبول الآخر والتفاهم داخل المجتمعات المختلفة ومساعدة النساء على المشاركة في الحياة العامة.
وفي نهاية التدريب كان يطلب منهم تصميم خاص بالمبادرات وكنا نساعدهم على تنفيذها على أرض الواقع وأحياناً بعضها يتم من خلال الأداء المسرحي أو التمثيل أو الاستبيانات والمعلومات أو تقرير فني وغير ذلك من الأدوات، وفي الواقع كان التدريب العملي ملفت للنظر.
هذا الأمر جعلنا نفكر في استبدال المناهج القديمة بأخرى جديدة واستخدام الأنشطة التفاعلية في أعمالنا، وبعدها طورنا الأمر واستخدمنا المسرح التفاعلي تحديداً في العمل على تغيير وجهات نظر المسؤولين في نقابة المحامين حول مشاركة المرأة في اتخاذ القرار وكانت أداة فعالة ومبهرة وقتها.
وخلال حملة الـ 16 يوماً العالمية لمناهضة العنف التي تطلقها الأمم المتحدة، قمنا بعمل مبادرة فريدة بإعلان أول تجمع سكني مناهض للعنف ضد المرأة في منطقة أكتوبر الجديدة، وقمنا بمشهد تمثيلي خاص بالزواج المبكر فنحن أعضاء في حملة "مش قبل 18" المناهضة لزواج القاصرات، وعملنا من خلال المسرحية على إظهار المشهد التمثيلي وكأنه حقيقي، فلم نخبر السكان أنها مسرحية، فبدى وكأنه زواج حقيقي والفتاة والشاب يتجولان في المدينة وهو ما أفزع المواطنين وجعلهم يعلنون رفضهم صراحة لها، بل ومحاولة البحث عن العائلة لحماية الطفلة، وتطرقنا خلالها عن خط نجدة الطفل، وطورنا الفكرة بعمل مسرحي ضم عدد من القضايا الكبرى حمل عنوان "جيران بالألوان"، وتحول بذلك المجتمع من مجرد متلقي لمشارك بنفسه في نشر الوعي ونقل التجربة الخاصة به لمجتمعات أخرى، وتلك الحالة التشاركية الكبيرة ساعدت إلى حد كبير على الترويج للقضايا التي نعمل عليها مما ساهم في وصول الرسالة بشكل مبسط.
 
انتهى عام 2021 بمجموعة صاخبة من الأحداث التي راكمت في الوعي الخاص بالملف النسوي... فما هي حصاد أعمال مؤسستكم خلال العام الماضي وخططكم المستقبلية؟
كانت سنة جيدة دخلناها منتصرين بتحقيق نجاح كبير في حملة انتخبوا المحاميات بدرجة أكبر من المتوقع، ساهمت في وصول الكثير من المحاميات لمواقع النقابات الفرعية واللجان النقابية.
وعملنا خلال العام الماضي بجهد وطاقة أكبر في مختلف المحافظات وهذا العام لدينا حماس وطاقة أكبر بعد تغيير مقرنا للعمل في مناطق جديدة، سنعمل خلال العام الجديد على خدمة نساء بحاجة للتوعية بحقوقهن ومساندتهن في الحصول على تلك الحقوق بشكل منصف وعادل.