فئات تتحدث عن العنف وتقع في قبضته... الصحفيات والمحاميات نموذجاً

تعاني النساء داخل نطاق عملهن من أزمات مركبة أهمها التناقض بين طبيعة العمل، وما تتعرضن له من ضغوط وانتهاكات وفي مقدمتها العنف المبني على النوع الاجتماعي.

أسماء فتحي

القاهرة ـ هناك عدد من المهن تعمل بها النساء وتجدن أنفسهن في مأزق حقيقي وذلك لأنهن في الوقت الذي تسعين فيه للانتصار لغيرهن وإعادة الحقوق لأصحابها، تجدن أنفسهن عاجزات عن القيام بالأمر ذاته لأنفسهن.

من الفئات التي تتحمل تبعات العبء الصحفيات والمحاميات، والذي يرى عدد ليس بالقليل من المعنيين بالملف أنهن واقعياً في حاجة لدعم نفسي يعينهن على تجاوز ما تمرن به من أزمات داخل بيئة العمل المفتقرة للأمان وسط أجواء محفزة على العنف.

وتم طرح عدد آخر من الاحتياجات التي من شأنها أن تعالج ذلك الخلل ومنها تفعيل دور النقابات المهنية في هذا النطاق ومتابعة ما يحدث داخل المؤسسات وأماكن العمل بفرض آليات مراقبة ومتابعة، فضلاً عن توفير الدعم للأعضاء، معتبرين أن للمجتمع المدني ومؤسسات الدولة المعنية دور محوري في التعامل مع هذا النوع من القضايا والأزمات.

 

بيئة عمل الصحفيات بها جانب كبير من التعنيف وتفتقر الأمن

قالت نائب رئيس قسم السياسية بجريدة الفجر أسماء حسنين إن هناك أقسام تعرض الصحفية لأخطار عديدة ومنها العمل في التحقيقات أو الحوادث وكل ماله صلة بالشارع، مضيفةً أنها أثناء ممارسة عملها الخاص بالتحقيقات تعرضت لمخاطر حقيقية وأن زميلتها تعرضت للضرب لكونها فقط تؤدى عملها المتمثل في رصد واقعة فساد في أحد الأماكن.

وأشارت إلى أنها أثناء عملها على أحد التحقيقات تم تهديدها وظلت قلقة لنحو ثلاثة أشهر وهذا الأمر حال دون قدرتها على مواصلة عملها بشكل طبيعي، موضحةً أنها سلكت المسار القانوني وأبلغت الشرطة عما تتعرض له ولكن لم يصلوا للجناة وتم إغلاق الملف، إلا أنها ظلت تعاني من الخوف والضغط النفسي لشهور.

الكثيرات في مجال العمل الصحفي تتعرضن لعنف واضح غير قابل للتأويل، إلا أن الجهات المعنية ومنها المجلس القومي للمرأة لا يتحركون لأجله، بل إن البعض يعتبره ضريبة العمل وأمر طبيعي لا يستدعي الدعم النفسي أو المساعدة.

 

 

الصحفيات في مأزق حقيقي

اسوأ ما يمكن أن يشعر به المرء أن تتناقض أفعاله مع أقواله فمهنة الصحافة جانب ليس بالقليل منها مبنى على فكرة تحقيق العدالة والعمل على رد الحقوق، فهي صوت من لا يمتلك القدرة على الحديث ولكن قمة العجز أن تجد الصحفيات أنفسهن مسلوبي الحقوق ومنتهكات ومعنفات ولا تجدن من يستمع إلى شكواهن.

وعن الصوبات التي تتعرضن لها الصحفيات أوضحت أن واحدة من أبرز الصعوبات التي تعاني منها الصحفيات تتمثل في عجزهن عن العمل من أجل انتزاع حقوقهن المسلوبة، وهو أمر بالفعل صعب ويجعلهن في مأزق فكيف لهن أن تعملن على الحقوق وهي مسلوبة منهن.

وعن موقف نقابة الصحفيين مما تتعرض له الصحفيات من عنف أثناء ممارسة عملهن قالت أنها لم ترى عمل منظم من المجلس فقط هناك جهود فردية وأغلبها يتعلق بالمعرفة المباشرة للمعنفات أو من خلال تدخل رؤساء التحرير أو الوسطاء.

وحول موقف المؤسسات الصحفية من تلك القصة أوضحت "هناك عدد من المؤسسات تساند الضحية ولكن العدد الأكبر منهم يماطل ويتهرب من مسؤوليته ويتخلى عنها حال رغبتها في الحصول على حقها من معنفها أثناء ممارسة عملها".

ومن جانبها قالت المحامية والباحثة القانونية المهتمة بقضايا المرأة هالة دومة أن المحامية كأي امرأة في المجال الخاص تعاني نفس الأزمة وتتعرض لمختلف اشكال العنف بحسب قدرتها على القبول أو الرفض.

وحول مجال العمل أوضحت أن الأمر أصعب فعلياً فمع أول خطواتها في المهنة قد تلتقي شخص يخبرها بأن تلك المهنة ليست للنساء بالأساس ويمارس عليها العنف اللفظي فيعرقل خطواتها، وقد تعمل بالفعل ولكن بدون راتب أو بأجر أقل من زميلها المستوى لها في العمل فقط لكونه صاحب الأعباء المالية الأكبر بحسب ما يردده البعض كتبرير لا يمت للواقع بصلة وهو ما يضعها في قبضة العنف الاقتصادي.

وعن الصعوبات التي تتعرضن لها قالت أن هناك محاميات تعرضن للتحرش والعنف اللفظي واحياناً البدني في بداياتهن، ولكون فرص العمل القليلة للنساء مقابل الرجال في هذه المهنة يضطر بعضهن للتحمل.

اما عن مجال العمل خارج المكتب فتؤكد هالة دومة على أنه مخيف أحياناً في أقسام الشرطة والمحاكم والنيابات "بعض موظفين المحاكم يتحرشون بالمحاميات وبعض أفراد السلطة القضائية تصدر منهم أفعال تندرج تحت بند التحرش".

 

عبء مضاعف

اعتبرت هالة دومة أن ما تتعرض له المحاميات أثناء ممارسة عملهن أمر قد يفوق قدراتهن على التحمل ولكنهن تحاولون دائما الفصل بين مقتضيات العمل وتلك المؤثرات حرصاً على الموكلين والقضايا.

وأشارت إلى أن النقابات عليهم دور كبير في التعامل مع تلك القضايا بتوفير آليات حماية لأعضائها وكذلك آليات للمراقبة من أجل توفير مساحة من الأمان.

ومن واقع خبرتها أكدت المحامية والباحثة القانونية المهتمة بقضايا المرأة هالة دومة على أنها التقت بصحفيات ومحاميات كثر عانين من التحرش في أماكن العمل وخارجه بالمجتمع المحيط، وأنها شخصياً تعرضت لواقعة عنف ولم تتمكن من الإبلاغ عنها "كل زميلاتي قالوا لي تدخلي القسم تقولي إنك تعرضتِ للضرب وتكسري صفتك الاعتبارية فمش هتعرفي كمحامية تشتغلي معاهم مستقبلاً".