في اليوم العالمي للعمال... أين وصلت حقوق العاملات في المغرب؟

قالت رجاء كساب رغم المكاسب التي حققتها النساء، وولوجهن لسوق العمل، وفرض ذاتهن في عدة مهن صعبة، لكن يظل واقعهن بحاجة إلى مزيد من الجهود لتحسين ظروف عملهن.

حنان حارت                      

المغرب ـ تُخلد الطبقة العاملة في المغرب، على غرار نظيراتها في العالم، يوم الأحد 1 أيار/مايو اليوم العالمي للعمال، وفي هذا اليوم يتم تقييم وضعية العمال، والمطالبة بتحسين ظروف العمل لهم.

في ظل التقدم الحاصل على مستوى حقوق النساء في المغرب ووجود قوانين تحميهن، تمكنت المرأة المغربية من الحصول على حقها في التمكين الاقتصادي والعمل، وأثبتت جدارتها في المهن والأعمال الخطرة، حيث لم تقتصر على الأعمال المكتبية فقط، بل امتد عملها للمصانع وغيرها من المهن الشاقة، فهل حصلت العاملة على حقوقها؟، وهل تمكنت المرأة النقابية من الوصول إلى مراكز القيادة؟

ترى عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للعمل رجاء كساب، وهي أكبر النقابات في المغرب، أنه رغم المكاسب التي حققتها النساء، وولوجهن لسوق العمل، وفرض ذاتها في عدة مهن صعبة، ووصولها لمراكز القرار، لكن يظل واقع العاملة يحتاج لمزيد من الجهود من أجل تحسين ظروف عملها.

وأضافت رجاء كساب الواقع يظهر أن العاملة ما زالت تتعرض لمجموعة من مظاهر التمييز؛ فمثلاً العاملات الزراعيات وفي المصانع، هناك ظلم كبير على مستوى الأجر بحقهن، حيث أن دخل النساء يقل عن دخل الرجال العاملين.

وأشارت إلى أنه رغم كون المغرب أقر قانوناً لمحاربة العنف ضد النساء، إلا أن العاملة لا زالت تعاني من جميع أشكال العنف خاصة التحرش الجنسي، والعنف النفسي، واصفة الوضع بـ " واقع مزري مرتبط بالثقافة المغربية".

وطالبت رجاء كساب الحكومة والبرلمان بتسريع المصادقة على الاتفاقية 190 لمنظمة العمل الدولية للقضاء على العنف والتحرش في ميدان العمل، لأن من شأن مصادقة المغرب على هذه الاتفاقية أن تشكل إضافة نوعية ومرحلة متقدمة في انخراط المملكة في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، ما سيساهم في خلق بيئة مواتية في أماكن العمل ويوفر الحماية الضرورية للعاملات والعمال والأشخاص الآخرين في عالم العمل، لتحقيق الأهداف المرجوة.

وقالت "المرأة يقع على كاهلها كافة أعباء المنزل، وهذا العمل غير مأجور؛ باعتباره غير منتج ولا يعترف بدوره في خدمة المجتمع والمساهمة في العجلة الاقتصادية، ما يؤثر على صحتها النفسية وجودة حياتها، في المقابل فإن العديد من النساء اللواتي ولجن سوق العمل وأصبحن يعملن خارج البيت، ظل العمل المنزلي مرافقاً لهن بعد الإنتهاء من العمل خارج البيت، إذ يعتبر من مسؤولياتهن وحدهن، مقارنة مع الرجل الذي ينهي عمله، فيذهب للمقهى أو ممارسة الرياضة، لكن المرأة تخرج من عملها مسرعة في اتجاه البيت من أجل إنهاء الأعمال المنزلية التي تنتظرها".

وأضافت أن واقع العاملة لا زال يحتاج للمزيد من المجهودات، فالمسيرة نحو المساواة في ميدان العمل ما زالت طويلة وتتطلب تظافر الجهود وتعاون كبير بين النساء العاملات والإطارات عبر مختلف القطاعات وداخل المجتمع كذلك، "يجب على الحكومة والنقابات الترافع من أجل تحسين ظروف عمل النساء المغربيات".

وأوضحت أنه رغم الوضعية التي تعرفها العاملة، إلا أن قانون العمل عزز من مبادئ عدم التمييز ضد النساء، وقام بتحسين أوضاعهن كحق الأمومة، واعترف بحق النساء في تكوين النقابات، وأعطى القانون حقوقاً متساوية للرجال والنساء وحظر التمييز ضد النساء في أماكن العمل؛ بشكل عام، أعطى القانون حقوقاً خاصة للنساء العاملات، إلى جانب الحقوق العامة التي يتمتع بها النساء والرجال.

وعن مشاركة المرأة في النقابات العمالية، تقول رجاء كساب إنها حاضرة رغم عدم وجود إحصائيات دقيقة حول عدد النساء المنتسبات للنقابات، "برغم من انخراطها هناك معوقات اجتماعية وثقافية؛ فمثلاً لا تتمتع النساء بحرية التواجد ومزاولة العمل النقابي لأوقات متأخرة فعادة ما تكون بعد ساعات الدوام".

وأكدت أنه رغم انخراط المرأة المغربية في مبادرات التغيير والإصلاح والاندماج في كل المجالات، وتحقيقها لمجموعة من المكاسب، إلا أن مسار تمكين النقابية خاصة والعاملة بشكل عام من السلطة ومراكز القرار، لم يرق بعد إلى مستوى التطلعات.

وعن وصول المرأة لقيادة النقابات وهل يعد أمر صعب؟ قالت "يظل أمراً صعباً، فعموماً عدم تمكين المرأة النقابية والعاملة من مراكز القرار يعود لعدة أسباب أولها غياب إرادة حقيقية، والعقلية الأبوية والإقصاء الممنهج للمرأة، حيث نرى في بعض الإدارات أنه عندما يكون هناك مساواة بين النساء والرجال حول المناصب، وأحياناً رغم كفاءة المرأة يتم اختيار الرجال بدل النساء، وهكذا أمام هذا الوضع تزهد المرأة نفسها في مناصب المسؤولية".

وأضافت "هناك أيضاً جملة من المعوقات التي تقف في وجه المرأة النقابية وتعرقل وصولها إلى مراكز القرار، أحياناً المرأة نفسها لا تثق في قدراتها وكفاءاتها التي قد تكون أكثر جودة وفعالية من الرجل، مروراً بعقدة الرجل الذي لا يحب فكرة منافسة المرأة له على مراكز القرار، إلى جانب المجتمع الذي يثقل كاهل المرأة بمهام تفوق طاقتها الاستيعابية الجسدية والفكرية".

 وحول كيفية تفعيل مشاركة النساء في أماكن العمل، قالت "يجب أن تكون هناك قوانين فيها نوع من الجرأة، وإقرار إجراءات محفزة من أجل وصول المرأة لمراكز القرار، مع ضرورة وجود آلية وطنية لتفعيل الحقوق القانونية للنساء العاملات".

وبخصوص تجربتها الخاصة في العمل النقابي، أوضحت "بالنسبة لتجربتي ومساري بشكل عام لم يكن فيه صعوبات، بل وجدت تحفيزات من زملائي، لكن بالنظر للواقع نرى أن الرجال يحبون المسؤولية ويتطاحنون فيما بينهم من أجل بلوغها، فالمرأة لا تحب المنافسة، وغالباً ما تخسر الحرب الدائرة، لأنها لا تحب الدخول في هكذا صراعات".

وفي ختام حديثها وجهت عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للعمل رجاء كساب رسالة للمرأة المغربية العاملة في اليوم العالمي للعمال قائلة "الانخراط في العمل النقابي كفيل بتحقيق مطالب النساء وحقوقهن الأساسية وعلى رأسها المساواة وعدم التمييز، فالعمل النقابي سيجعل العاملة تطالب بحقوقها وتتعلم كيف تتفاوض وتترافع وكيف تعد ملفاً مطالباً وسيجعلها على دراية بحقوقها، وتضطلع على قوانين الحماية"، مشددة على أنه بإمكان المرأة المطالبة بحقوقها فلها جميع الكفاءات لتكون في مواقع المسؤولية سواء في العمل النقابي أو عملها.