في اليوم العالمي لحقوق الإنسان... صحفيات تنتهك حقوقهن

من واجب الصحفيات المشاركة في كسر العقليات النمطية والرجعية التي لا تؤمن بحقوق النساء.

زهور المشرقي

تونس ـ يصادف 10 كانون الأول/ديسمبر، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتسعى الصحفيات التونسيات إلى نشر قيم السلام واحترام مبادئ حقوق الإنسان والنساء، برغم العراقيل التي تعترض سبيلهن في تحرير المجتمعات، ومهمتهن لا تنحصر في البحث عن المعلومة ونشرها، بل تتعدى ذلك بكثير ليبلغ درجة التوعية والمشاركة في تغيير العقليات البطريركية والتحرير من كل القوالب الجاهزة التي تعرقل مسار التطور والانفتاح.

حول مشاركة الصحفيات في نشر قيم حقوق الإنسان والسلام والتزام البلاد بتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها تونس، أكدت الصحفية التونسية أميرة محمد على أن للإعلام دور محوري في مكافحة العنف ضد النساء والتوعية فيه، وإعطائه المساحة اللازمة للمعنفات للتعبير عن مواقفهن وإيصال أصواتهن وتحفيزهن على الإفصاح عما تتعرضن له من عنف مهما كان شكله اجتماعياً أو سياسياً أو اقتصادياً، في سبيل الدفاع عن مختلف المكتسبات التي حققتها المرأة في تونس منذ الاستقلال إلى اليوم، وأيضاً لدعم السياسات التي من الممكن أن تحسن من وضع المرأة وتوفر لها حماية أكبر.

وأوضحت أن انخراط الصحفيات في مسار النضال من أجل الدفاع عن حقوق النساء وتحسين وضعهن ونشر القيم الأممية التي ترجمتها مختلف التشريعات والاتفاقيات الدولية التي تنضوي تحتها تونس، وذلك من أجل نبذ كل أشكال العنف والتمييز ضد النساء ودعم حقوقهن.

وأشارت إلى أن الصحفيات بدورهن تتعرضن للعنف والشتم والتشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهن ككل النساء تعتبرن أحياناً ضحايا بدرجة أكبر لاعتبارهن في واجهة إيصال رأيهن والتعبير عن مواقفهن بكل شفافية وحرية.

وقالت "مجتمعنا لا يقبل أن تعبر المرأة عن آرائها السياسية بكل جرأة لتتم مهاجمتها عبر مواقع التواصل خاصة في حالة أبدت موقفها أو علقت كغيرها على حدث ما"، لافتة إلى أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين قد سجلت الاعتداءات التي تعرضت لها الصحفيات مؤخراً على أساس النوع الاجتماعي وعلى خلفية عملهن الصحفي، داعية المرأة الصحفية لإعلام نقابتها عن العنف الذي قد تتعرض له وكسر حاجز الصمت وأن تأخذ كل عملية تحريض ضدها على محمل الجد وتقوم بكل ما يلزم من تبعات عدلية وغيرها للتصدي لهذا العنف لأن الصحفيات يجب أن يكن قدوة لبقية النساء من ناحية التبليغ والدفاع عن حقوقهن في نبذ العنف والتمييز.

 

 

ومن جانبها قالت الصحفية أميمة حيدري، بأنّ الإعلام هو الوجهة الأولى لنبذ العنف والانتصار للقضايا العادلة وخاصة تلك التي ترتبط بحقوق النساء، فعلى الصحفيات عدم تقبل أشكال العنف ضدهن والتحلي بالشجاعة في فضح المعنف والمتحرش حتى يكون عبرة لغيره.

وأكدت على أهمية التدريب على الفكر النسوي المناصر لقضايا النساء من قبل الصحفيات والصحفيين ما يدفع الجنسين لفهم مبادئ حقوق الانسان الرافضة للعنف والعنصرية والتمييز على أساس الجنس واللون واللغة، لافتة إلى أن أشكال العنف تطورت وتغيرت ما يحتم على النساء توحيد الجهود أكثر ووضع استراتيجيات تتماشى وواقع النساء في تونس اليوم لمكافحة العنف خاصة وأن المسألة باتت ظاهرة مزعجة مهددة لكينونة النساء وكرامتهن ووجودهن بل وحياتهن.

وحول الاحتفاء الدولي باليوم العالمي للإعلان العالمي لحقوق الانسان قالت "نحن نحتفي بهذا اليوم بينما النساء لا تتمتعن بحقوقهن برغم ترسانة القوانين والتشريعات والمكتسبات التي حققت بنضالات الحركة النسوية، لكن تلك الصورة التي تسوق إعلامياً وتتحدث عن مساواة تامة وحريات لا نجدها على أرض الواقع، الأمر مختلف تماماً والنساء تعشن ظروفاً صعبة بين التهميش والاقصاء واللامبالاة وظلم الحكومة لهن".

وأضافت "شيء مؤسف أن يموت شهرياً 4 نساء ونحن نشاهد ركوداً للبلاد وتخلّ وكأنه مقصود، وزاد الأمر سوءاً بعد أن أقصيت النساء من الانتخابات وتذبذبت حقوقها بل وانهارت".

 

 

وبدورها قالت الصحفية سحر دحمان "إن ظاهرة العنف المتفشية ضد النساء وتتناول إعلامياً ويأخذها المجتمع المدني على عاتقه للمعاجلة والمكافحة، تنخرط تلك العقليات في مضاعفتها بصفة مقصودة، معولة على وجود جيل من الصحفيات المهتمات بالحقوق والحريات، جيل من المكافحات للعنف الصامدات في وجه الأنظمة الأبوية التي تسعى لكسر كل المكتسبات النسوية؛ هذا الجيل النسوي يجب أن يأخذ مشعل النضال مع الأجيال السابقة".

وأكدت على أنه من الضروري الكشف عن الأرقام الصحيحة لنسب العنف ضد النساء أولاً للمعالجة، حيث أن التزييف لن يؤدي إلا إلى إشكال أكبر، داعية الصحفيات إلى تسليط الضوء على هذه الظاهرة وتناولها عبر مقاربة حقوقية منصفة للنساء.

وعن ماهية الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الانسان والعلاقة بحقوق النساء التي تعتبر وثيقة وأساسية، أكدت على  أنه لا يمكن الاحتفال في ظل ارتفاع مرعب لنسب العنف ضد النساء ومع تضاعف استهدافهن خاصة مع تلك القطيعة بين القوانين الموجودة والواقع المرّ ومن ضمنها القانون رقم 58 الصادر عام2017 الذي بات صورياً برغم تجريمه لتلك الانتهاكات.

وتطرقت الصحفية سحر دحمان إلى الانتهاكات والتعدي على النساء متسائلة هل المشكلة في القوانين في حد ذاتها أم في عقلية التونسيين؟ هل المشكلة في السلطة التي تخلت عن دورها أم في دور المجتمع في حد ذاته أو في ضعف دور الإعلام الذي لم يبلغ بعد مرحلة التعاطي الصحيح مع العنف ضد النساء، أو في التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي لم تبنى على مبادئ حقوق الإنسان والمساواة والحريات؟".