في الشرق الأوسط... أزمات وحروب ونضال ضد العنف في 25 نوفمبر ـ8ـ نساء إيران وشرق كردستان تقبعن تحت عنف وقمع السلطات
العنف الهيكلي ضد المرأة في إيران؛ ومن هيمنة القوانين المناهضة للنسوية والقمع الممنهج إلى مواجهة حركات التحرر ومطالبات المرأة بالعدالة الاجتماعية والمساواة، تقف النساء أيضاً ضد كل أشكال العنف من خلال تنظيم أنفسهن والمقاومة من الشارع إلى السجن.
سحر أفشاري
يعد اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يتم الاحتفال به كل عام في 25 تشرين الثاني/نوفمبر، فرصة لجذب انتباه العالم إلى قضية العنف ضد المرأة، وتم اختيار هذا اليوم تخليداً لذكرى الأخوات الثلاث ميرابال، الناشطات السياسيات من جمهورية الدومينيكان، اللاتي قُتلن بوحشية عام 1960، وأصبحت هؤلاء الأخوات رمزاً للمقاومة والنضال ضد الدكتاتورية، ويُعرف موتهن بأنه نقطة تحول في تاريخ مكافحة العنف ضد المرأة.
أشكال العنف
يحدث العنف ضد المرأة بأشكال مختلفة، وله آثار خطيرة وطويلة الأمد على حياتها، ويعد العنف الأسري أحد أكثر أشكال العنف شيوعاً، والذي يتضمن السلوك العنيف من قبل الشريك أو أفراد الأسرة، ويمكن أن تشمل هذه السلوكيات الضرب والتهديد والإذلال والسيطرة المالية، ويشمل العنف الجنسي أيضاً الاغتصاب والتحرش الجنسي، وأي سلوك جنسي غير مرغوب فيه، يؤثر بشدة على الصحة الجسدية والعقلية للمرأة، ويشمل العنف النفسي أيضاً التهديدات والإذلال، والسيطرة وإثارة الخوف لدى النساء، مما قد يؤثر بشدة على صحتهن العقلية.
الاتجار بالبشر هو شكل آخر من أشكال العنف حيث يتم الاتجار بالنساء والفتيات بشكل غير قانوني لأغراض الاستغلال الجنسي أو العمل القسري، ويتضمن ختان الإناث أيضاً قطع أو تغيير شكل الأعضاء التناسلية الأنثوية، لأسباب ثقافية أو دينية، مما قد يكون له عواقب جسدية ونفسية خطيرة، وزواج القاصرات هو زواج الفتيات في سن مبكرة، والذي غالباً ما يكون قسرياً، ويمكن أن يؤدي إلى ضرر جسدي ونفسي، ويشمل العنف عبر الإنترنت أو العنف الرقمي أيضاً، التحرش والتهديدات ونشر صور خاصة للنساء في الفضاء الإلكتروني.
وبالإضافة إلى ذلك، يؤثر العنف الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي والسياسي أيضاً على النساء، ويمكن أن يكون لهذه الأشكال من العنف آثار مدمرة على حياة المرأة، وتتطلب اهتماماً وإجراءات جدية لمنعها والتعامل معها، وخلال العام الماضي، واجهت المرأة في إيران أشكالاً مختلفة من العنف الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي، والعائلي، والتعليمي، ويشمل العنف الاجتماعي التمييز وعدم المساواة الاجتماعية التي تمنع المرأة من المشاركة الكاملة في المجتمع، ويمكن أن يشمل هذا الشكل من العنف قيوداً ثقافية واجتماعية تحرم المرأة من الحصول على فرص متساوية.
كما ظهر العنف السياسي في قمع الاحتجاجات، واعتقال الناشطين والناشطات في مجال حقوق المرأة، فبعد مقتل جينا أميني على يد السلطات الإيرانية، اندلعت احتجاجات واسعة النطاق في إيران وشرق كردستان، قوبلت بقمع شديد، وتم القبض على العديد من المحتجات وواجهن اتهامات غامضة تتعلق بالأمن القومي.
ويشمل العنف الاقتصادي القيود المالية والاقتصادية التي تحرم المرأة من الوصول إلى الموارد المالية وفرص العمل، ويمكن أن يشمل هذا الشكل من العنف التمييز في مكان العمل وعدم الحصول على فرص عمل متساوية.
كما يشمل العنف التعليمي القيود والتمييز الذي يمنع المرأة من الوصول إلى التعليم، وفي بعض الحالات، تُمنع الفتيات من مواصلة تعليمهن أو تواجهن أشكالاً مختلفة من التمييز في البيئات التعليمية.
القوانين الحالية تلعب دوراً مهماً في زيادة جرائم الشرف
وبحسب التقارير المتوفرة، فقد تم تسجيل أكثر من 10 جرائم شرف في إيران في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023 وحتى نهاية تموز/يوليو من نفس العام، وقعت ما لا يقل عن 49 جريمة شرف في مدن مختلفة في إيران، وتشير هذه الإحصائيات إلى تزايد المخاوف بشأن العنف القائم على النوع الاجتماعي وجرائم الشرف في البلاد. ولقد تزايدت جرائم الشرف في إيران لأسباب مختلفة، بما في ذلك العوامل الثقافية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية.
ثقافياً واجتماعياً، في بعض المجتمعات، لا تزال التقاليد والمعتقدات القديمة تلعب دوراً مهماً في حياة الناس، وقد تؤدي هذه المعتقدات إلى تعزيز الضغوط الاجتماعية للحفاظ على "سمعة" و"شرف" الأسرة، ونتيجة لذلك، تشجع الأفراد على ارتكاب جرائم الشرف، وفي هذه المجتمعات، يمكن أن تؤدي سلوكيات مثل تحدي الزواج القسري، أو العلاقات الرومانسية غير التقليدية، أو حتى شائعات الفجور، إلى جرائم الشرف.
ومن ناحية أخرى، فإن الافتقار إلى قوانين الحماية الكافية وضعف تنفيذ القوانين الحالية يلعبان أيضاً دوراً مهماً في زيادة جرائم الشرف، وتعتبر بعض القوانين القائمة في إيران، مثل المادة 630 من قانون العقوبات الإسلامي، بمثابة نوع من الترخيص لتنفيذ جرائم القتل هذه، إذ تسمح هذه المادة للرجال بقتل زوجاتهم والرجل الآخر إذا رأوهم معاً، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الافتقار إلى التدريب المناسب في مجال حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين يمكن أن يؤدي أيضاً إلى زيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ويلجأ الكثير من الناس إلى السلوك العنيف بسبب جهلهم بحقوقهم وحقوق الآخرين.
وتعتبر الضغوط الاقتصادية عاملاً فعالاً آخر في زيادة جرائم الشرف، ويمكن أن تؤدي المشاكل الاقتصادية والفقر إلى زيادة التوترات والعنف المنزلي، وفي مثل هذه الحالة، قد يرتكب الناس جرائم شرف من أجل الحفاظ على "شرف" الأسرة وتجنب "العار" الاجتماعي.
وبشكل عام، تسببت مجموعة من العوامل الثقافية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية في زيادة جرائم الشرف في إيران، وللحد من هذا العنف، هناك حاجة إلى تغييرات جوهرية في القوانين، والتدريب المكثف في مجال حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، وتحسين الظروف الاقتصادية.
ثلثي حالات الانتحار في إيران مرتبطة بالنساء
وارتفع معدل انتحار النساء في إيران في السنوات الأخيرة، وبحسب التقارير، فإن ثلثي حالات الانتحار في إيران مرتبطة بالنساء، وتُعزى هذه الزيادة إلى عوامل مختلفة مثل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، وزيادة الفقر ومعدل التضخم، ولكن لا تتوفر إحصائيات دقيقة لعدد النساء اللواتي انتحرن في إيران هذا العام، لكن بحسب التقارير المتوفرة، في عام 2019، من بين إجمالي 5143 حالة انتحار، كانت 1517 امرأة.
ويعد العنف الاجتماعي والسلطة الأبوية من العوامل المهمة التي يمكن أن تؤدي إلى انتحار النساء في البلاد، وهذه العوامل فعالة لعدة أسباب أهمها عدم المساواة بين الجنسين، إذ يمكن للقواعد والهياكل الاجتماعية الأبوية أن تضع المرأة في مناصب غير متكافئة، مما قد يؤدي إلى الشعور بعدم القيمة واليأس، إضافةً للعنف المنزلي حيث تواجه العديد من النساء هذا العنف ويمكن أن تشمل أعمال العنف هذه العنف الجسدي والنفسي وحتى الاقتصادي، الذي له آثار سلبية عميقة على الصحة العقلية للمرأة، ومن الأسباب أيضاً الضغوط الاجتماعية إذ أن التوقعات الاجتماعية والضغوطات لاتباع الأدوار التقليدية للجنسين يمكن أن تشكل ضغوطاً على النساء، وتعزز شعورهن بالفشل وخيبة الأمل في حالة عدم قدرتهن على تلبية هذه التوقعات، ولا يمكن تجاهل القيود القانونية، فيمكن أن تؤدي القوانين الأبوية التي تحد من حقوق المرأة، مثل القيود المفروضة على الحق في العمل والدراسة واتخاذ القرارات الشخصية، إلى الشعور بالعجز والاكتئاب، ويمكن لهذه العوامل مجتمعة أن تخلق بيئة تشعر فيها المرأة بأنه ليس لديها وسيلة لتحسين وضعها، ونتيجة لذلك، تنتحر.
حالات زواج القاصرات في تزايد
ووفقاً لتقارير مركز الإحصاء الإيراني، بين شتاء عام 2021 ونهاية خريف العام نفسه، تم تسجيل ما لا يقل عن 27448 حالة زواج لفتيات دون سن 15 عاماً، في أجزاء مختلفة من إيران، وتظهر هذه الإحصائية الاتجاه المتزايد لزواج القاصرات في السنوات الأخيرة.
وعلى سبيل المثال، في عام 2020، بلغ عدد حالات زواج الفتيات دون سن 15 عاماً حوالي 25 ألفاً، مما يدل على ارتفاع كبير في السنوات الأخيرة، والقوانين هي أحد العوامل الفعالة الرئيسية في زيادة عدد الأطفال المتزوجين، في إيران، لا توجد قوانين لمنع زواج القُصر فحسب، بل تعتبر القوانين نفسها السبب الرئيسي لهذا الزواج.
ووفقاً للمادة 1041 من القانون المدني والمادة 50 من قانون حماية الأسرة، فإن السن القانوني للزواج في إيران هو 13 عاماً للفتيات و15 عاماً للفتيان، وبالطبع، بموجب هذا القانون، يمكن الزواج أيضاً قبل هذا السن، بشرط موافقة الولي الشرعي (الأب والجد للأب)، وموافقة المحكمة، ولا يزال هذا القانون يتضمن بعض الغموض، وليس من الواضح ما هو سبب الرجوع إلى القانون وكيف يمكن للمحكمة أن تؤكد مدى ملاءمة هؤلاء الأطفال أو نضجهم.
سبب آخر مهم هو الفقر الاقتصادي، فقد تقوم الأسر الفقيرة بتزويج بناتها في سن مبكرة لتخفيف أعبائها المالية، كما تلعب العوامل الثقافية والاجتماعية دوراً مهماً في هذه الظاهرة، وفي بعض المناطق، يعتبر الزواج في سن مبكرة أمراً مقبولاً كتقليد، وتجبر الأسر بناتها على الزواج بسبب الضغوط الاجتماعية والثقافية.
كما يمكن أن يؤدي انخفاض مستوى التعليم والأمية إلى زيادة زواج القاصرات، وقد تفهم الأسر التي لديها مستوى تعليمي منخفض (فالمستوى التعليمي المنخفض لا يعني القراءة والكتابة فقط، بل المعرفة الاجتماعية)، أهمية التعليم والتنمية الشخصية لبناتها ولا يعتبرون الزواج وسيلة لتأمين مستقبلهم بدلاً من ذلك.
وأخيراً، يمكن للفوارق الطبقية وأوجه عدم المساواة الاجتماعية أن تغذي هذه الظاهرة، وفي المجتمعات التي تعاني من اختلافات طبقية قوية، قد تشجع الأسر الفقيرة بناتها على الزواج من رجال أكثر ثراء لتحسين وضعهم المالي، وقد أدت هذه العوامل مجتمعة إلى بقاء زواج القاصرات في إيران مشكلة اجتماعية تتطلب اهتماماً وعملاً جديين من جانب السلطات والمجتمع.
إعدام النساء بذرائع مختلفة
وبحسب التقارير، تم إعدام 23 امرأة في إيران هذا العام، وهذا العدد هو أعلى عدد من عمليات إعدام النساء في العقد الماضي ويظهر زيادة كبيرة في هذا العدد مقارنة بالسنوات السابقة، ويتم إعدام النساء في إيران لأسباب مختلفة، منها جرائم المخدرات والقتل والجرائم الأخلاقية، فضلاً عن القضايا الأمنية والسياسية، وفي هذا العام، أثار ارتفاع عدد عمليات الإعدام، وخاصةً بين النساء، العديد من المخاوف على المستويين الدولي والمحلي.
ويمكن أن يكون أحد أسباب زيادة عمليات الإعدام هو السياسات القضائية الصارمة التي تسعى إلى الحد من الجرائم وخلق المزيد من الردع، ومع ذلك، غالباً ما يتم انتقاد هذه السياسات، حيث يعتقد الكثيرون أن عقوبة الإعدام ليست حلاً مناسباً للحد من الجريمة ويمكن أن تؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان.
كما أن الافتقار إلى الحماية القانونية والاجتماعية للمرأة، خاصة في الحالات التي تكون فيها ضحية للعنف المنزلي أو غيره من الجرائم، يمكن أن يؤدي إلى زيادة في عدد عمليات الإعدام، وقد ترتكب العديد من النساء جرائم بسبب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، مما يؤدي في النهاية إلى إصدار أحكام بالإعدام عليهن.
وأخيراً، فإن الافتقار إلى الشفافية وعدم إمكانية الوصول إلى محامي الدفاع يمكن أن يلعب أيضاً دوراً مهماً في زيادة عمليات الإعدام، وقد لا تتمكن العديد من النساء من الدفاع عن أنفسهن بشكل صحيح بسبب عدم إمكانية الوصول إلى محامين ذوي خبرة وعدم معرفة حقوقهن، ونتيجة لذلك، قد يتم الحكم عليهن بالإعدام.
ويظهر عنف السلطة ضد المرأة في إيران بأشكال اجتماعية وثقافية مختلفة، وقد اشتد قمع الاحتجاجات، ومن أهم الأمثلة على هذا العنف قمع الاحتجاجات النسائية، والتي بلغت ذروتها بعد مقتل جينا أميني على يد السلطات الإيرانية عام 2022، وقد لعبت المرأة دوراً مركزياً في هذه الانتفاضة ودعت إلى المساواة في الحقوق، ووضع حد للتمييز بين الجنسين بفلسفة "Jin Jiyan Azadî"، ومع ذلك، حاولت قوات الأمن قمع هذه الاحتجاجات باستخدام العنف والاعتقالات الجماعية، واعتقال العديد من الناشطات في مجال حقوق الإنسان والصحفيات والمعلمات وحُكم عليهن بالسجن المشدد.
وبالإضافة إلى ذلك، تتعرض النساء أيضاً لضغوط اجتماعية وثقافية، وتؤدي قوانين الحجاب الصارمة والقيود الاجتماعية إلى الضغط على النساء في الحياة اليومية، وأي عصيان مدني يقابل بردود فعل شديدة، كما تم نشر العديد من التقارير عن تعذيب واغتصاب المتظاهرات في مراكز الاحتجاز، مما يدل على شدة العنف ضد المرأة في هذه الفترة، ولا تنتهك هذه الأفعال حقوق الإنسان فحسب، بل تزيد أيضاً من الغضب والاستياء العام.
وتشير هذه الظروف إلى ضرورة تغيير النظام القضائي والاجتماعي بأكمله في إيران من أجل الاعتراف بحقوق المرأة ومنع العنف الحكومي، وبطبيعة الحال، مع وجود نظام الجمهورية الإسلامية، فإن مثل هذا التغيير مستحيل، وقد حددت الناشطات هدفهن الرئيسي على أنه الإطاحة الكاملة بنظام الجمهورية الإسلامية.
السجينات السياسيات في إيران "وريشة مرادي وبخشان عزيزي" تحت سكين الإعدام
إن وضع السجينات السياسيات في إيران مقلق للغاية، ويوجد حالياً في سجن إيفين 65 سجينة سياسية، وتواجهن الكثير من الضغوط الأمنية والقضائية، وبعض هؤلاء النساء محرومات من الرعاية الطبية المناسبة، وهو ما يمكن ذكره في حالة وريشة مرادي وبخشان عزيزي، السجينتين الكرديتين والناشطتين في مجال حقوق المرأة المحكوم عليهما بالإعدام، اللاتي يُحرمن حتى من العلاج الطارئ وبعضهن تبقين في السجن إلى أجل غير مسمى.
وغالباً ما يتم اعتقال هؤلاء النساء بسبب أنشطتهن السياسية والمدنية وحقوق الإنسان وتعشن في ظروف صعبة، وعلى سبيل المثال، أشارت وريشة مرادي، وهي سجينة سياسية كردية وناشطة في مجال حقوق المرأة وعضو في منظومة المرأة الحرة في شرق كردستان (KAJR)، إلى أنه، بسبب كونها امرأة وكرديّة وتحاول العيش حياة حرة تواجه السجن وبعد 20 يوماً من الإضراب عن الطعام، لم تُحرم من العلاج الطبي فحسب، بل حُكم عليها أيضاً بالإعدام بتهمة الخيانة.
كما أن الناشطة المدنية الكردية، بخشان عزيزي، هي امرأة أخرى مسجونة تم اعتقالها بتهم مثل التعاون مع جماعات المعارضة وحكم عليها بالإعدام، وأصدرت سبع سجينات سياسيات في سجن إيفين بياناً للمطالبة باتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ حياتها.
ونرجس محمدي، الناشطة في مجال حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل للسلام، حوكمت عدة مرات وما زالت في السجن بسبب احتجاجها على الاعتداء الجنسي على السجينات.
وظهر نضال المرأة ضد العنف في إيران بأشكال مختلفة في العقود الأخيرة، وتكثفت هذه النضالات خاصة بعد مقتل جينا أميني على يد السلطات، وفيما يلي سنتناول بعض هذه الصراعات بالتفصيل:
الاحتجاجات والإضرابات في الشوارع
لعبت المرأة في إيران وشرق كردستان دوراً مركزياً في جميع الاحتجاجات، وخاصة في انتفاضة " Jin Jiyan Azadî"، ودعت إلى المساواة في الحقوق ووضعت حد للتمييز بين الجنسين بفلسفة "Jin Jiyan Azadî"، وسرعان ما انتشرت هذه الانتفاضة إلى الجامعات ومدن مختلفة في إيران وشرق كردستان وتم اعتقال آلاف المتظاهرين، وفي هذه الاحتجاجات، أصبحت النساء رمزاً للمقاومة ضد الاضطهاد الجنسي من خلال خلع الحجاب وتحدي قوانين الحجاب الإلزامية.
الأنشطة المدنية والثقافية
شاركت النساء الإيرانيات والكرديات في حملات العصيان المدني ونظمن شبكات على الإنترنت وخارجه، وشملت هذه الأنشطة نشر البيانات ورسائل الاحتجاج الجماهيرية والاعتصامات داخل السجون، لقد أعطت السجينات حياة جديدة للمرأة والحياة وحركة الحرية من خلال الإضراب عن الطعام ورفع صوتهن الاحتجاجي خارج السجن.
صراعات سياسية واقتصادية
ولعبت المرأة الإيرانية والكردية أيضاً دوراً نشطاً في النضالات السياسية والاقتصادية، ولقد سعين إلى تحسين حالة حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في إيران من خلال المشاركة في الانتخابات، والعمل في منظمات حقوق الإنسان والحقوق المدنية، ومحاولة تغيير القوانين غير العادلة.
أمثلة بارزة
بخشان عزيزي: ناشطة مدنية كردية تم اعتقالها وحكم عليها بالإعدام بتهم مثل التعاون مع جماعات المعارضة.
سبيده قليان: ناشطة عمالية ومدنية، تعرضت للاعتقال والسجن عدة مرات بسبب نشاطها في دعم حقوق العمال والاحتجاج على أوضاع السجون.
كلرخ إيرائي: كاتبة وناشطة في مجال حقوق الإنسان، تم اعتقالها وحكم عليها بالسجن عدة مرات بسبب كتابتها مقالات انتقادية وأنشطة حقوقية.
وريشة مرادي: ناشطة في مجال حقوق المرأة، تم اعتقالها وحكم عليها بالإعدام بسبب أنشطتها الداعمة لحقوق المرأة والبيئة، وأضربت عن الطعام لمدة عشرين يوماً بسبب احتجاجها على ظروف السجن والحرمان من الحقوق الأساسية.
زينب جلاليان: ناشطة سياسية كردية، مسجونة منذ عام 2006، وكأول امرأة في إيران تحصل على أشد عقوبة (السجن مدى الحياة) بين السجينات السياسيات، وحُكم عليه في البداية بالإعدام، ثم خُفف فيما بعد إلى السجن مدى الحياة، وواجهت زينب جلاليان العديد من المشاكل أثناء فترة سجنها، وقد حرمت من حقها في المغادرة والحصول على العلاج الطبي، وتعرضت للتعذيب عدة مرات، كما تم نقلها بشكل غير قانوني وعنيف بين السجون المختلفة.
الضغوط الاجتماعية والثقافية
وتؤدي قوانين الحجاب الصارمة والقيود الاجتماعية إلى الضغط على النساء في الحياة اليومية، وأي عصيان مدني يقابل بردود فعل شديدة، كما تم نشر العديد من التقارير عن تعذيب واغتصاب النساء المتظاهرات في مراكز الاحتجاز، مما يدل على شدة العنف ضد المرأة في هذه الفترة، وطالما أن هناك نظام رأسمالي وعقلية أبوية، فلن يقلل أو يدمر أي شيء من اضطهاد المرأة، ومع ذلك، فإن المرأة تقاوم كلا الأمرين.
وتُظهر هذه النضالات التصميم القوي للنساء في إيران لتحقيق المساواة في الحقوق وإنهاء عنف النظام الأبوي، وبالطبع تجدر الإشارة إلى أن يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، غير معترف به في التقويم الرسمي لإيران، ولا يُسمح بإقامة أي نوع من الاحتفالات في المجالات الثقافية والاجتماعية والقانونية، والنساء يكرّمون هذا اليوم والبرنامج بالقوة والسر، وقاموا بتجميع القضايا القانونية والاجتماعية والثقافية وواصلوا نضالهم، مع بداية انتفاضة "Jin Jiyan Azadî"، لم تقتصر الحرية على يومنا هذا فقط، بل تحولت كل يوم إلى نضال ضد العنف، وأصبحت ثقافة النضال الفطري، الذي يجب أن يحارب دائماً وفي كل لحظة نظام البطريركية والقمع.