فتيحة أزدو: تعديل مدونة الأسرة المغربية أولى خطوات تغيير العقليات

تدعو الحركات النسائية والفاعلات الجمعويات في المغرب إلى ضرورة تغيير مدونة الأسرة بما تتماشى اليوم مع واقع المغربيات.

 حنان حارت

المغرب- شكلت مدونة الأسرة المغربية عند صدورها عام 2004 ثورة حقيقية حققت عبرها المرأة مكتسبات كثيرة، ورفعت عنها الحيف الذي يطالها، لكن بعد مرور 18 عام على تطبيقها ومع علو سقف طموحات المغربيات باتت الحركة النسائية تعتبرها مدونة متجاوزة وبحاجة للتعديل، بما تتماشى مع واقع النساء اليوم لبلوغ الأهداف المرجوة.

قالت الفاعلة الجمعوية فتيحة أزدو، في حوار مع وكالتنا، أن التعديلات التي تطالب الفعاليات النسائية الحقوقية والجمعوية المغربية بتضمينها في المدونة الجديدة ضرورية، من أجل رفع الحيف والتمييز عنها، مؤكدة على أن المدونة الجديدة لابد أن تتضمن منعاً نهائياً لتعدد الزوجات، وتنظيم وتوحيد مسطرة الطلاق.

 

ما هي البنود التي تحتاج إلى تعديل في مدونة الأسرة لتحقيق المساواة؟

أصبحت اليوم الحاجة ملحة إلى مراجعة مدونة الأسرة المغربية للوقوف على الثغرات، ومعالجة النواقص  لتواكب التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها المجتمع المغربي.

وأول ما يحتاج المراجعة هو لغة المدونة، وحذف المصطلحات والعبارات التي تكرس الصور النمطية بمهام وأدوار الرجال والنساء، فعلى سبيل المثال مفهوم المتعة، الذي يقصد به القدر المالي الذي يمنح للمرأة في حالة عدم رغبتها في الطلاق، المفهوم يرتبط في الوعي الجماعي بالمتعة الجنسية بالإضافة إلى مجموعة من المفاهيم التي تحط من قيمة المرأة.

وهناك كذلك مصطلح النشوز الذي يقصد به عصيان المرأة لزوجها ورفض طاعته ومن هذا المنطلق، فالنشوز مرتبط بالوعي الجمعي المتعلق بالمرأة، باعتبارها المعنية بطاعة الرجل، الشيء الذي يغذي علاقات الهيمنة والخضوع بدلاً من علاقات التكافؤ المبنية على المعاشرة، وتبادل الاحترام والمودة الواردة في المادة 51 من المدونة، كما يكرس النظرة الدونية للمرأة ويحط من كرامتها.

وبالإضافة إلى ذلك نقترح حذف مصطلحي الهجر والإيلاء اللذين يقترنان  في الوعي الجمعي حصراً بالرجل، إذ يعتبر من الأدوات التي يلجأ لها هذا الأخير لتأديب المرأة ومعاقبتها، وهو ذات التوجه الذي تضمنته المدونة فاعتبرت من البديهي أن يكون الهجر والإيلاء تصرفاً رجولياً تجاه المرأة.

وطالبت بتعديل المادة 40 وحذف المواد من 41 إلى 46؛ من أجل المنع النهائي لتعدد الزوجات، وتعديل المادة 39 عبر إضافة وجود زواج سابق لم يحل رباطه إلى موانع الزواج مؤقتة، وبوضع حد للتلاعب فيما يتعلق بدعاوي ثبوت الزوجية من خلال منع زواج الفاتحة واعتبار وثيقة عقد الزواج الوسيلة الوحيدة المقبولة لإثبات الزواج. وتنظيم وتوحيد مسطرة الطلاق من خلال الاحتفاظ بطلاق الشقاق والطلاق الاتفاقي والتطليق للغيبة وحذف الأنواع الأخرى للطلاق.

وكذلك نرى أنه لابد من معالجة مسألة إثبات النسب من خلال التنصيص على اعتماد الخبرة الجنينية كأداة لإثبات النسب يلجأ لها في المنازعات في إثبات النسب، مع إلحاق النسب فور ثبوتها ويترتب عليه كل آثار البنوة الشرعية.

 

حدثينا عن مسألة الولاية القانونية التي أثير حولها جدل كبير والفصل 49 من مدونة الأسرة المغربية الذي يتعلق بقسمة الممتلكات بين الأزواج؟

مسألة الولاية القانونية في المدونة الحالية هي بيد الزوج، لكن في إطار التعديلات التي نطالب بها فإننا ننادي بأنها لابد أن تكون بيد الزوجين معاً وليس بيد الزوج وحده، وكأن الأم لا علاقة لها بالأبناء.

فالأمهات تصطدمن بفراغ قانوني في حالة الطلاق أو الحصول على وثائق للأبناء أو رغبتهن في نقلهم للدراسة أو السفر، إذ تكون الأم ملزمة بحضور الأب لتتمكن من إجراء هذه الوثائق، فيما يكون الأب ممتنعاً عن أداء النفقة.

ومن أجل تحقيق التوازن بين الزوجين فيما يخص الولاية على الأبناء نطالب بإلغاء جميع المقتضيات التي تجرد المرأة من حقها في الولاية القانونية على أبنائها القاصرين كالمادتين 237-236، ومراجعة جميع المقتضيات التي تجعلها في مرتبة ثانوية أو تحت وصاية طرف آخر، التنصيص على حق الأم في النيابة الشرعية على أبنائها إلى جانب الأب واعتبارهما معاً ومتساويان في الولاية القانونية.

وفيما يتعلق بالفصل 49 الذي أثير الجدل حوله فلابد من إنصاف المرأة التي تقضي حياتها في تحمل أعباء البيت وتربية الأبناء، فبعد الطلاق تجد نفسها عرضة للضياع، وتتحمل مسؤولية البيت والأبناء وتساهم في إنماء ثروة زوجها عن طريق العمل داخل البيت.

ويجب الاعتراف بعمل المرأة داخل المنزل وبأنه عمل منتج، وجعل وثيقة اقتسام الممتلكات من الوثائق الضرورية لاستكمال ملف الزواج، وفي حالة عدم تعبئتها من قبل الأزواج يتم تحرير عقد رسمي بعدم الاتفاق على توزيع الأموال واقتسامها عن طريق عدل موثق، والحرص على تكوين قضاة وعدول في هذا المجال وفي مجال الحقوق الإنسان للنساء والمساواة وعدم التمييز بين الجنسين.

 

ماهي الاقتراحات للحد من زواج القاصرات في المغرب؟

كوني عضو في شبكة جمعية أمان لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، والتي تضم العديد من الجمعيات التي تناضل من أجل حقوق أكثر إنصافاً للنساء والفتيات، وانطلاقاً من المذكرة المطلبية التي رفعتها جمعية التحدي والمساواة التي هي كذلك عضو داخل الشبكة، نطالب بإلغاء زواج القاصرات وتجريمه لتسببه في الهدر المدرسي.

وندعو إلى حذف المادة 20 المتعلقة بإمكانية إعطاء الإذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليها في المادة 19؛ وما يستتبعها من مواد 21 - 22.

 فما دمنا نكرس مسألة تزويج القاصرات ستستمر المشاكل والتحديات، وبالتالي هنا يجب أن تتلاءم القوانين مع المواثيق الدولية.

 

أين يكمن الإشكال في القوانين أو العقليات؟

القوانين تغير العقليات، فالإنسان بشكل عام عندما يعلم بوجود قانون فإنه يعمل على تعديل سلوكياته، وبالتالي مع الوقت نرى أن العقليات بدأت تتغير.

فتغيير العقليات يحتاج وقتاً طويلاً، ولكن البدء على الأقل بالتغيير وتعديل بنود مدونة الأسرة سيعطي إشارة للانطلاق نحو تغيير العقليات، للتخلص من القوالب النمطية والأفكار المسلم بها والعادات والتقاليد التي تحط  من شأن المرأة، فالقوانين تؤثر على العقليات والممارسات، وخصوصاً فيما يتعلق بمعرفة حقوق المرأة.