'ضعف التمثيلية النسائية في لجان البرلمان يعكس غياب الإرادة لإقرار المناصفة'

أكدت الناشطة الحقوقية لطيفة بوشوى على ضرورة تعزيز وجود النساء في مواقع القرار مناصفة مع الرجل، وفي رئاسة ونيابة الغرف وإعادة النظر في القوانين الانتخابية ومراقبة الحكومة فيما يتعلق بالحقوق الإنسانية للنساء وقضايا المساواة.

رجاء خيرات

المغرب ـ دعت الناشطة الحقوقية وعضوة فدرالية رابطة حقوق النساء لطيفة بوشوى، إلى اعتماد نصوص تشريعية واضحة وملزمة للتمثيلية السياسية للنساء عن طريق المناصفة في كل الهياكل النيابية واللجان والفرق النيابية.

كانت العديد من الهيئات النسوية في المغرب انتقدت نتائج انتخاب هياكل مجلس المستشارين خلال النصف الثاني من الولاية التشريعية 2021/2027، حيث أسفرت عن ضعف في تمثيلية النساء داخل اللجان، بعد انتخاب رئيسة واحدة على رأس لجنة من بين 6 رؤساء وهي لجنة الخارجية والدفاع الوطني والمغاربة المقيمين في الخارج، وهو ما اعتبرته النسويات انتكاسة حقيقة وتراجع في مجالي المساواة وتكافؤ الفرص.

واعتبرت عضوة فدرالية رابطة حقوق النساء لطيفة بوشوى، أن ذلك يعد تراجعاً من مؤسسة برلمانية دورها هو خلق الإطار القانوني والديمقراطي وتفعيل المقتضيات الحقوقية والدستورية في إقرار المناصفة والمساواة وتكافؤ الفرص وأن تكون رافعة للنهوض بالمساواة ومناهضة التمييز ضد النساء وتغيير الذهنيات والصور النمطية، وأن مجلس المستشارين بتغييبه تمثيلية النساء يتنافى مع التوجهات العامة للمغرب وللمكتسبات في مجال الحقوق الإنسانية للنساء.

وأضافت "سبق وأن سجلنا داخل فدرالية رابطة حقوق النساء غياب تمثيلية النساء داخل لجان أو قيادة اللجان داخل مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي)، باستثناء بعض اللجان القليلة جداً، وهنا لابد من التذكير بالمرافعة القوية التي سبق وأن قامت بها الفدرالية خلال السنوات الماضية حول القانون الأساسي لمجلس المستشارين من أجل إقرار المناصفة، كما هو الشأن بالنسبة لمجلس النواب الذي يتوفر على لجنة للمناصفة في قانونه الداخلي، عكس مجلس المستشارين الذي لم يكن يتوفر على لجنة للمناصفة قبل تعديل قانونه الداخلي".

وأوضحت أن واقع التمثيلية السياسية للنساء والمناصفة هو واقع "مر"، لأنه يضرب عرض الحائط المادة 19 من الدستور التي تنص على مبدأ المناصفة، حيث الملاحظ أن هناك مقاومة "شرسة" وغياب إرادة سياسية قوية للدفع في اتجاه تحقيق المناصفة، خاصة وأن الدستور المغربي متقدم في هذا المجال، داعية إلى تفعيل هيئة المناصفة لأن من شأنها أن تساعد بالدفع في اتجاه تحقيق المناصفة والمساواة ليس فقط في نسبة التمثيلية ولكن حتى في تقلد المناصب القيادية والريادية في كل المؤسسات التشريعية.

وبشأن موقف الفدرالية، أكدت أن الأخيرة، إلى جانب هيئات أخرى، نددت بالتراجع الذي سجل أثناء انتخاب مكاتب اللجان بمجلس المستشارين والتمثيلية السياسية عموماً للنساء، إذ رغم الجهود التي تبذل من أجل إقرار المناصفة، إلا أنها لا توازي إطلاقاً واقع الأمر، حيث أن مسألة المشاركة السياسية شكلت، في وقت سابق، إحدى القضايا التي أولاها المغرب باهتمام كبير حكومة ومجتمعاً مدنياً وأحزاباً ونقابات.

وتابعت "نحن اليوم نلمس غياب الإرادة الحقيقية في هذا الجانب ونتوجه إلى النقابات والأحزاب السياسية وجميع الهيئات المختلفة بما فيها غرف الصناعة والتجارة التي ترشح المستشارات اللواتي يمثلنها، حيث يسجل غياب نية واضحة لتحقيق المناصفة لأن القوانين التنظيمية خاصة بالنسبة للأحزاب السياسية تنص على أن تكون هناك نسبة داخل الهيئات وأجهزة هذه الأحزاب، لكن تغيب التدابير والآليات التي يمكن اتخاذها في حال لم تحترم هذه الأحزاب التمثيلية النسائية بالنسب المنصوص عليها، وغالباً ما تتم الترشيحات وفق التوافقات، وهو ما يوضح بشكل ملموس غياب الإرادة لدى الناشط السياسي، لكي تصل النساء إلى مراكز صنع القرار السياسي".

وشددت لطيفة بوشوى على ضرورة مراجعة القوانين والمنظومة الانتخابية بشكل عام خلال الانتخابات المقبلة، سواء على مستوى مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو مجالس الجهات والجماعات الترابية وكل الهيئات السياسية المنتخبة.

وبالنسبة لقانون الأحزاب السياسية، أوضحت أنه ينبغي أن يتضمن بعض الإجراءات الزجرية، أو على الأقل يجب أن يشير للمناصفة، لافتة إلى أن الفدرالية تطالب بوجود مناصفة عددية ونوعية وأفقية وعمودية في جميع الأجهزة والقرارات والدوائر السياسية، وحيث ينبغي توضيح هذا الأفق في قوانين المناصفة، معبرة عن قلقها لكون المفاوضات التي تتم حول القوانين الانتخابية خاصة قانون الأحزاب تغيب عنها النساء.

ولتحقيق ذلك دعت إلى تعبئة شمولية في كل الأوساط السياسية وغيرها، لافتة إلى أنه لا وجود للديمقراطية بدون إشراك النساء وإقرار المناصفة، حيث كل الديمقراطيات الحديثة تنحو هذا الاتجاه، ومن غير المنطقي أن يقوم المغرب بلعب أدوار جيو استراتيجية مهمة في عدد من المجالات وله إشعاع كبير، ومع ذلك لا تزال النساء متواريات إلى الخلف، علماً أنهن تمثلن نصف المجتمع، كما أنهن تمثلن كتلة انتخابية كبيرة يمكن الاعتماد عليها، لكن الملاحظ أنه بعد انتهاء الانتخابات يتم إقصاؤهن بشكل ممنهج، وهوما يكرس نوعاً من العنف السياسي تجاه النساء.

وأكدت أن هذا المطلب يعد واحداً من المطالب الأساسية للفدرالية، التي تطالب بأن يتضمن قانون العنف هذا الشق، خاصة وأن عدداً من المنتخبات سواء في المجالس أو الجماعات الترابية وغيرها من الهيئات تشتكين من الإقصاء الذي تتعرضن له، مشيرة إلى أن القانون التونسي مثلاً يُعرِف هذا النوع من العنف في قانون مناهضة العنف ضد النساء.

وفي ختام حديثها قالت الناشطة الحقوقية لطيفة بوشوى "لا يعقل ونحن اليوم بعد 13 عام من صدور الدستور (2011) ولا نزال بعيدين عن المناصفة، وهنا يمكن وصف هذه الأجهزة بكونها لا دستورية وكذلك الأمر بالنسبة للقوانين، لكونها تتعارض مع ما جاء في الدستور المغربي".