عبير حمدي: الوقت الحالي مثالي للتكامل والتعاون النسائي لتحقيق نجاح في مجالس النقابات

عدد محدود من النساء في مختلف النقابات المهنية يستطعن إحراز نجاح في الانتخابات رغم أن هناك نسبة تصل لنفس عدد الرجال في بعضها وهو الأمر الذي يستلزم التعامل معه بشيء من التحليل للوصول لحل جذري لهذا التراجع العددي والوقوف على أسبابه.

أسماء فتحي

القاهرة ـ مجالس إدارة النقابات المهنية المختلفة بعضها باتت قلاع محصنة ومغلقة على من بها، ويصعب وصول النساء إليها وهو الأمر الذي جعل عدد كبير من المهتمين بالملف والنساء المهتمات بالانتخابات والتواجد النوعي بها يبحثون عن حلول لتلك الأزمة.

نقص التمثيل النسائي أو تراجعه له العديد من التوابع أهمها تجاهل جانب ليس بالقليل من القضايا النسائية وخاصة تلك التي ترفع من مكانة المرأة على حساب الرجل.

وبات البحث عن آلية تجمع النساء وتوحدهم للوصول للمقاعد الانتخابية ضرورة تعمل عليها العديد من المؤسسات النسوية والحقوقية، بينما راح آخرون ينادون بالكوتا النسائية لتمكين النساء من النقابات على غرار ما حدث مؤخراً في البرلمان المصري.

وللتعرف أكثر على معوقات وجود المرأة في مجالس النقابات والوصول للمقاعد كنتاج للتصويت، تحدثت في حوار مع وكالتنا المحامية عبير حمدي المستشارة القانونية للمجلس القومي للمرأة، التي أوضحت لنا مجموعة من النقاط الهامة ومنها وجود مساحة دعم من الدولة تجعل الوقت الحالي هو المثالي للتكامل النسائي وخوض الانتخابات وتحقيق النجاح المرجو.

 

النساء تمثلن في بعض النقابات نحو الـ 50%، فلماذا لا نراهم ممثلين بشكل يلائم عددهم في صناديق الانتخابات؟

نحن نعيش في مجتمع رجعي وثقافة سائدة تعلي من تسيد الرجل في اعتلاء المناصب وللأسف لمثل هذه الأفكار دور كبير في التأثير على الناخبين أثناء الاختيار.

والنساء يمثلن السواد الأعظم من الجمعيات العمومية بالفعل ولكن يمكننا أن نقارب الصورة بما يحدث في نقابة المحامين على سبيل المثال فعدد نساء الجمعية العمومية بها نحو 40% ومع ذلك لم نستطع الحصول سوى على مقعد واحد بعد 30 سنة من النضال حصلت عليه فاطمة الزهراء، أي أن هناك مجلس مكون من 28 عضو لم نستطع انتزاع سوى مقعد واحد بعد غياب للمرأة في مجلس النقابة لنحو 30 عام.

ونحتاج كمجتمع مدني العمل على تغيير المفهوم السائد بأن الرجل الأجدر على القيادة وأن المرأة لا يمكنها تحمل تلك المسؤوليات بشكل متماسك لنعطي فرصة للأكفأ دون تمييز لنوعه سواء كان رجل أو امرأة.

كما أن هناك بالفعل مبادرات نتمنى أن تشمل مختلف النقابات ومنها على سبيل المثال ما قامت به المحامية هبة عادل التي نجحت في دعم المرشحات من النساء في مبادرة المحاميات المصريات وراحت تعرف بكلاً منهم وتعرض برامجهم بل أطلقت حملة "انتخبوا المحاميات" وهو أمر في حال تعميمه سيدعم بالفعل النساء ويمنحهم فرصة في الظهور والتواجد.

 

من واقع تجربتك الانتخابية، ما هو واقع المشاركة النسائية في الانتخابات النقابية؟

ترشحت في انتخابات النقابة العامة للمحامين على مستوى جميع المحافظات وألقى هذا على كاهلي الكثير من الأعباء ولم يكن هناك مرشحين من النساء سوى 10 فقط من إجمالي مرشحين تجاوز عددهم الـ 250 فرد.

وواجهتنا الكثير من الشائعات والعراقيل فهناك مفهوم سائد أن اختيار الرجل أفضل فهو من يمكنه العمل والتحرك على القضايا دون غيره، وهذا شكل تحدي كبير لنا، فلم يكن الترشح معركة انتخابية بقدر ما كانت مواجهة وكشف وتوعية ومحاولة لتغيير الثقافة والمفاهيم السائدة.

ورغم العناء فقد تمكنت من الحصول على 8000 صوت في تلك الانتخابات، لذا أراها تجربة مثمرة ومؤثرة لما لها من مدلول على إمكانية التغيير وكسر التابوهات والأفكار والقرب من تحقيق النجاح بعدد ليس بالقليل من الأصوات سواء كانوا نساءً أو رجال.

 

هل هناك حاجة لتأهيل المرأة قبل ترشحها للانتخابات؟

لو تحدثنا بشكل عام فبالفعل هناك نماذج كانت تستهدف الوصول للمناصب ولم تكن مؤهلة بل لم تقدم شيء للجمعية العمومية بعد ذلك وهو الأمر الذي أظهر بوضوح مواطن الضعف والخلل.

ولكن هناك اجحاف بدور الكثيرات وجهدهم لأنهم بالفعل تمكنوا من النجاح ومؤازرة أعضاء الجمعية العمومية ودعمهم ومساندتهم ولكن مع الأسف نحن نبحث عادة عن الثغرات للنساء على وجه التحديد رغم أن بعض الرجال أيضاً قد لا يعملون أو يحققون إنجاز يذكر وبعضهم يتراجع ويتراخى في مواقف لا تحتمل ذلك ولكن لا ينالهم ما ينال المرأة من نقد بل وحرب.

فلا يمكننا محاسبة امرأة واحدة تصارع منفردة بين جمع من الرجال قد لا يحقق شيء على الإطلاق، وأرى أن الأمر به قدر كبير من المغالطة والأفكار الهدامة ليفقد النساء ما حققوه من نجاح بعد عناء ونضال طويل.

 

العمل النقابي لا علاقة له بالنوع الاجتماعي فهو جهد وخدمة موجهة للجميع... فلماذا تتعالى الأصوات للمناداة بوجود نساء وتمثيل مبني على أساس النوع مؤخراً؟

ليس كل مفروض هو واقع على الأرض، فمسألة أن الجالس على المقعد يعمل للجميع دون أي تمييز مبدأ عام وواحد من الأمنيات التي تكاد تكون غير موجودة في أغلب النقابات.

ولكن حقيقة الأمر أن الولاء الأعظم للرجال مبني أيضاً على أساس النوع باعتبارهم الأكثر عدداً، فضلاً عن كونه ملهم للأفكار الرجعية ذاتها التي لا تجد للمرأة قيمة أو حق فيما تطلبه من خدمات بل بعضهم يرى أن مكانها المنزل والخدمة لا المشاركة في سوق العمل.

والتجاهل أحد أهم الأسباب التي تدفع للمناداة بوجود امرأة في مجالس النقابات لأن كل الخدمات تقدم للرجال دون النساء فضلاً عن السعي للمساواة فالمرأة نصف المجتمع وتلد وتربي النصف الآخر ومع ذلك هناك عمل دؤوب لانتقاص حقوقها بل واقصائها من المشهد تماماً إن لزم الأمر.