بين ترك الزوج المعنف أو مبدأ الصفح… لا خيار أمام النساء في كثير من الأحيان

في ظل انتشار العنف الأسري بشكل كبير وعدم وجود خيار أمام النساء المعنفات في كثير من الأحيان فبعضهن تتركن أزواجهن وبعضهن الآخر تلجأن لمبدأ الصفح، طالبت الناشطات الحقوقيات بمراجعة القوانين المناهضة للعنف الأسري.

نجوى راهم

الجزائر ـ منذ بداية عام 2022، أحصى موقع فيمنيسيد الجزائر، ثلاثة عشر جريمة قتل ضد النساء، وهو رقم دون الشك أقل من الواقع. خاصة في ظل غياب إحصائيات وأرقام رسمية من السلطات المسؤولة. ما جعل المنظمات والناشطات النسويات تطالبن بمراجعة القوانين المناهضة للعنف الأسري، خاصةً بعد أن أصبح العنف منتشراً بشكل كبير في المجتمع وحدثاً يومياً للآلاف من النساء، ويتم من قبل الأقرباء خاصة.

قُتلت كلثوم رخيلة 33 عاماً، في 13 شباط/فبراير الماضي، في بومرداس 45 كلم شرق الجزائر العاصمة، في شقة استأجرتها قبل فترة من وفاتها حتى تتمكن من حضانة أطفالها، بحسب شبكة وسيلة.

وأوضحت شبكة وسيلة أن كلثوم رخيلة غادرت منزلها زوجها منذ آب/أغسطس 2021، بعد تعرضها للتهديدات بالقتل من قبل زوجها، الذي كان مدمن مخدرات.

واستنكرت شبكة وسيلة عدم وجود حماية لضحايا العنف، فالضحية توجهت إلى عدة جهات وقالت أنها مهددة بالقتل وأن أطفالها في خطر، لكن دون جدوى.

ودعت شبكة وسيلة إلى مراجعة النصوص القانونية ولا سيما البند الذي يلغي الإجراءات القانونية ضد الزوج إذا منحته الزوجة العفو.

وقالت المحامية فريال خليل لوكالتنا "أجبرت كلثوم رخيلة على البقاء لمدة عام مع زوجها وهي تتعرض للتعنيف، لكن بعد تهديدها بالقتل غادرت المنزل، وكانت تتردد على الشبكة بغرض المساعدة في الحصول على مسكن بعد استنفاذ كل الطرق أمامها بعد طلاقها من زوجها المعنف، ووجهتها شبكة وسيلة إلى هيئة حماية الطفل التي اتصلت بدورها بقاضي الأحداث في محكمة بومرداس، الذي منح حضانة الأبناء للأم بشرط الحصول على مسكن، بعد مشاهدة الفيديوهات التي تعرضت فيها للتعنيف".

وأوضحت أنه بعد ذلك تعرضت الضحية للضرب أمام طفليها الذين يبلغان من العمر 10 و3 سنوات، ليسحب بعدها سكيناً من جيبه ويطعنها".

وقالت المحامية فريال خليل أنه عندما تتعرض المرأة للضرب وتقدم شهادة طبية تثبت ذلك، يجب على المعتدي الدفع والتعويض، كما يجب ألا تكون هناك وساطة عندما تكون المرأة ضحية للعنف. من خلال القانون الذي يتحدث عن التسامح، من أجل تقليل نسبة العنف الأسري.

وقالت عالمة الاجتماع فاطمة أوصديق "يأتي تطبيق هذا النص ضد الأيديولوجية السائدة في الجزائر: الزوج هو رب الأسرة، وهو محترم وله جميع الحقوق على الزوجة والأطفال"، مضيفةً "إذا أعطت المؤسسات التعليمية في الجزائر  مساحة أكبر لمفهوم المساواة بين الرجل والمرأة، فسيتم تربية أطفالنا على الاعتقاد بأنهم متساوون في الحقوق والواجبات، سواء كانت زوجاتهم أو أخواتهم أو أمهاتهم".

واستنكرت الطريقة التي يتم بها التعامل مع الشكاوى ضد العنف الأسري، من خلال تقديم شكوى والضغط على الضحية من طرف الأهل غالباً والشرطة في بعض الأحيان. مشيرة إلى أنه غالباً ما يتم تثبيط عزيمة النساء في استكمال إجراءات الشكوى؛ بسبب الصفح الذي جاء في المادة 49 من قانون الأسرة 2015، والتي تنص على مبدأ الصلح بين الزوجين "على المرأة أن تسامح من أجل أطفالها وأن تتحلى بالصبر وأن تغفر لزوجها"، حيث يمكن بموجبها إلغاء الإجراءات الجنائية إذا كان هناك عفو من حق الضحية للجاني.

وترى أستاذة علم الاجتماع خديجة بوسعيد "أنه غالباً ما تجد النساء أنفسهن مضطرات للتسامح بسبب الصعوبات المادية التي يواجهونها"، مضيفة إذا نظرت إلى أرقام توظيف النساء، فإن 17% فقط من النساء يعملن بدون راتب، ولا يمكنهن العثور على سكن وغالباً لا تتقبل أسرهم الأطفال بعد الطلاق، وبالتالي يبقين دون مأوى مما يؤدي بهن في الأخير إلى قبول التسامح أو الصفح في حق المعنف وهذا يزيد من حالات القتل والعنف ضد النساء، حيث تم تسجيل 55 حالة قتل بحق النساء على الأقل في الجزائر عام 2021، وفقاً للحالات المسجلة في موقع فيمينسيد".

واختتمت حديثها بالقول أن "جرائم القتل النساء موجودة في كل مكان لكن الاختلاف هو كيف يتعامل معها المجتمع والقانون".