بسبب العمل... نساء مصابات وأخريات معاقات دون تعويضات

أجبرت الأزمة السورية وفقدان معيل العائلة، مئات النساء للتوجه للعمل بمهن مختلفة وشاقة، وغالباً ما تعانين من الاستغلال في العمل لساعات طويلة بأجور قليلة لا تتناسب مع غلاء كافة المواد الغذائية والاستهلاكية في الأسواق.

هديل العمر

إدلب ـ دفعت الأوضاع المعيشية والاقتصادية المزرية نساء معيلات للعمل في مهن شاقة وخطرة أدت بشكل أو بآخر لإصابات دائمة أو مؤقتة دون أي حقوق أو اهتمام من أصحاب العمل الذين غالباً ما يتجاهلون هذه الحالات بسبب عدم وجود أي قوانين تحمي العاملة في إدلب.

تخضع رانيا الصدير (33) عاماً وهي نازحة مقيمة في مدينة سرمدا شمال إدلب، لجلسات العلاج الفيزيائي بعد خضوعها لعملية جراحية منذ خمسة أشهر، بسبب مرض "الديسك" المزمن، الذي أصيبت به نتيجة عملها في إحدى الورش الصناعية في المنطقة.

تقول إن الفقر وسوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية أجبرتها على العمل وسط بيئة صعبة وشاقة لا تخلو من الخطورة بعملها في معمل لصنع الشيبس، بعد أن سقطت عليها إحدى أعمدة المنتجات وسببت لها إعاقة دائمة مدى الحياة، دون أي تعويضات تذكر.

وأوضحت أن صاحب العمل لم يعترف بأي شيء من تكاليف العلاج أو المصاريف التي أثقلت كاهلها، بل على العكس تماماً فقد أمر بقطع راتبها الشهري الذي كانت تتقاضاه للإنفاق على نفسها وأطفالها بعد وفاة زوجها بفيروس كورونا العام الماضي.

وأشارت إلى أنها لم تفكر في رفع دعوى قضائية على صاحب المعمل نتيجة غياب القوانين التي تحمي المرأة العاملة في إدلب، بالإضافة لعدم وجود عقد عمل يلزمه على دفع التعويضات أو الراتب الشهري في حال إصابتها.

ولا تخفي رانيا الصدير الأوضاع المعيشية والاقتصادية المزرية التي تعيشها، بعد تراكم الديون عليها واضطرارها لبيع أثاث منزلها لاستكمال عملية علاجها المرهقة والشاقة، مشيرةً إلى أن إصابتها لن تمكنها من العمل وإعالة أطفالها.

تتماثل فادية طبرقجي (29 عاماً) نازحة مقيمة في مخيمات بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب، للشفاء بعد أن أصيبت بكسور متفرقة في الطرف الأيسر، بعد سقوطها من مكان مرتفع أثناء عملها في إحدى معامل تدوير البلاستيك.

تقول إنها لم تتلقى أي مساعدة أو تعويضات من صاحب العمل، إذ أن جميع مناشداتها وطلباتها بالحصول على تعويض إصابة عمل قوبلت بالرفض، ما أجبرها على تحمل تكاليف علاجها على نفقتها الشخصية، وهو ما وضعها ضمن ظروف معيشية غاية في الصعوبة.

وأوضحت أن الاستغلال يلاحق العاملة في عملها بشكل كبير من خلال طول ساعات العمل وقلة الأجور، بالإضافة لغياب الحماية عنها في حال تعرضت لأي إصابة أثناء العمل.

وأشارت إلى أن المحاكم القضائية والقوانين التي تنتهجها السلطات، لا تضمن للنساء العاملات حقوقهن المشروعة في الحصول على تعويضات في حال تعرضن لإصابة، نتيجة غياب عقود العمل القانونية التي تشرع للعاملة أجورها وساعات عملها، وحصولها على تعويضات إصابة العمل.

وبينت أنها ستعود إلى عملها بعد انتهاء فترة علاجها، وذلك نتيجة غياب فرص العمل وندرتها بالإضافة لحاجتها الماسة له في ظل المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقها في الإنفاق على أطفالها وزوجها المقعد.

من جانبها أكدت الحقوقية غدير عرفات (28) عاماً على ضرورة سن قوانين إلزامية على أصحاب العمل بتوقيع عقود مع الموظفات أو العاملات لضمان حقوقهن من الاستغلال والغبن، خاصة في ظل الفوضى التي تشهدها المنطقة.

وأضافت أن النساء والعاملات تجبرن على تحمل أجواء العمل الشاقة والمرهقة مقابل أجور زهيدة، في حين تكون العاملة غير محمية في حال تعرضت لأذى جسدي، وهو ما ترفضه جميع القوانين والدستور السوري بالتحديد.

وأكدت على ضرورة إنشاء نقابة العمال والعاملات والتي من شأنها الضغط على المحاكم القضائية في توفير الحد الأدنى من حقوق العاملات المضطهدة في العمل الذي يعتبر بحد ذاته معاناة مضاعفة تضاف إلى معاناتهن المتمثلة بصعوبة الحياة ومشقتها.