برنامج جديد لتقليص رقعة الأمية بين النساء في الجزائر

تستعد جمعية نور للمرأة والأسرة والطفل في الجزائر، لإطلاق برنامج جديد خاص بمحو الأمية ويشمل هذا البرنامج فئة النساء والفتيات اللواتي لم يحالفهن الحظ في التعليم لعدة أسباب

رابعة خريص

الجزائر ـ تستعد جمعية نور للمرأة والأسرة والطفل في الجزائر، لإطلاق برنامج جديد خاص بمحو الأمية ويشمل هذا البرنامج فئة النساء والفتيات اللواتي لم يحالفهن الحظ في التعليم لعدة أسباب.

تكشف فريدة بن هنيدة معلمة محو الأمية لوكالتنا الخطوط العريضة للبرنامج الذي سينطلق خلال الأسبوع القادم قائلةً "أطرق أبواب النساء اللواتي لم تطأ أقدامهن المدارس لإقناعهن بالانخراط في برنامجنا بهدف التقليل من نسبة الأمية وسط هذه الفئة".

وحسب إحصائيات رسمية لوحظت نسبة الأمية في الجزائر انخفاضاً بلغت 7.94% حسب تقديرات الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار، بعد أن كانت تقدر بـ 85%.

وأضافت "واجهنا صعوبات كبيرة في إقناع هذه الفئة بالخروج من براثن الجهل والأمية، لكن كُللت مهمتنا في نهاية المطاف بالنجاح لأن النساء والفتيات ترغبن كثيراً في التعلم والدراسة والحصول على الشهادات العليا".

وعن البرنامج المتبع كشفت فريدة بن هنيدة أنه يتم تقسيم النساء إلى ثلاثة مستويات، مشيرةً إلى أن هناك الكثير من النساء اللواتي بلغن مرحلة المتوسط وتفكرن في اجتياز شهادة البكالوريا رغم أنهن كن تجهلن في بداية التحاقهن إتقان الحروف الأبجدية، فتصبح بمرور الوقت قادرة على الإمساك بالقلم وكتابة نصوص رغم أن هذا الأمر ليس بالهين؛ لأن الكتابة تعتبر مرحلة حساسة وقد تسبب ضغطاً نفسياً كبيراً.

وأوضحت أن الكثير من النساء وحتى الفتيات أظهرن عزمهن على تحقيق أحلامهن، ففي البداية يمسكن القلم ثم تتجهن إلى مدارس محو الأمية لتلحقن بالطور الثانوي ثم تجتزن البكالوريا.

وهناك الكثير من النساء الجزائريات اللواتي بلغن العلا وسلط عليهن الضوء إعلامياً، وهذا الوضع ينطبق على امرأة تلقب بـ "فاطمة سبع" في العقد السابع من عمرها، من مدينة حاسي بحبح في الجزائر، اجتازت امتحانات البكالوريا من أجل الدخول في الجامعة عام 2016، كانت تراجع دروسها مع حفيدتها الصغيرة وهي من كانت تشجعها وتتنافس معها في حفظ الدروس وحل المسائل المقررة على طلبة البكالوريا.

وأوضحت فريدة بن هنيدة أن "المرأة في البداية تشعر بالخجل بالنظر لعمرها المتقدم، لكن نحاول أن ندعمها معنوياً ونشجعها على المضي قدماً، ونجعلها تشعر بالفخر بما ستنجزه وتحققه، فالمرأة يجب أن تكون قادرة على تحمل مسؤوليتها مثلها مثل الرجل، ولكي يتحقق ذلك يجب أن تتقن القراءة والكتابة وأن تكون مثقفة متعلمة، فتجربة محو الأمية قد تقلب حياة النساء رأساً على عقب، وتحول حياتهن نحو الأفضل حتى وإن كن متقدمات في العمر".

من جهتها قالت أستاذة محو الأمية دهينة هاجر، إن هذه البرامج التي تطلق سنوياً سواء من طرف هيئات رسمية أو جمعيات خيرية حققت نتائج رائعة في صفوف النساء مقارنةً بالرجال، فالكثيرات منهن أصررن على خوض التجربة واستطعن بعدها النجاح وإثبات ذواتهن، مشيرةً إلى أن نسبة الإقبال على برامج محو الأمية شهدت تحسناً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، بالأخص مع تحسن ظروف التعليم في الجزائر.

ومن أبرز العوامل التي ساهمت في نجاح هذه البرامج، ارتفاع نسبة حاملي الشهادات من المتطوعين لتعليم هذه الفئة من المجتمع وإنقاذها من براثن الجهل.

ومن بين النساء اللواتي قررن الخروج من براثن الجهل بعد أن تقدمت في العمر، سميرة قلاش في العقد الخامس من عمرها، تقول أنها كانت في "ظلمة" كبيرة ولم تر النور إطلاقاً لأنها لا تعرف الورقة والقلم فكانت عاجزة حتى على كتابة اسمها أو لقبها.

وتروي معاناتها قائلةً أنها تزوجت ابن خالتها، كان يفوقها كثيراً في المستوى الدراسي، كان يعمل في وظيفة بينما تقضي أيامها في تربية أطفالها السبعة والغسل والطبخ وباقي الأعمال المنزلية الشاقة.

وأضافت "كان يعاملني بقسوة، ودائماً يشعرني أمام الآخرين أنني أقل مستوى علمي منه. لا يتناقش معي إطلاقاً حتى أنه كان هو الآمر والناهي في البيت، ينعتني بصفات غريبة وقبيحة أمام شقيقاته ووالدته".

هذا الوضع دفعها للتوجه نحو مدرسة محو الأمية في المنطقة التي تقطن فيها للتخلص من سخريته، وتقول إن البداية كانت صعبة للغاية غير أنها نجحت في تجاوز المرحلة الابتدائية بالإصرار والعزيمة والتحدي، وتطمح لبلوغ الثانوية واجتياز شهادة البكالوريا.