باحثات مصريات: استهداف القوات الإيرانية للطالبات جريمة ضد الإنسانية

الوضع في الداخل الايراني بات مقلق للغاية خاصةً بعد حالات التسمم والقتل الأخيرة التي تنذر بمستقبل غامض للفتيات والنساء، ويستدعي التدخل من المجتمع الدولي.

أسماء فتحي

القاهرة ـ أكدت باحثات وكاتبات مصريات أن الوضع في الداخل الإيراني بات مقلقاً على مختلف المستويات، وينذر بحالة من العودة للخلف والانتقاص من مكتسبات النساء بالقمع والضغط الغير مبرر إنسانياً.

عادةً ما يسمع عن القمع والتهديد وترويع المعارضين في الداخل الإيراني، إلا أن الأمر أخذ منحى أكثر تعقيداً بتسميم الطالبات واستهداف أكثر من 100 مدرسة بالهجمات الكيماوية، في ردة فعل عدوانية تحمل صوراً انتقامية لا تمت للإنسانية بصلة وهو الأمر الذي استدعى تدخل المجتمع الدولي فطالبت منظمة العفو الدولية بالتحقيق في تلك الجريمة والاقتصاص ممن يقفون خلفها.

ولا يخلوا الشأن الايراني يوماً تلو الآخر من قصصاً متعلقة بالمداهمة والقتل، وبات المشهد العدائي الذي ينال من الحياة العامة كاملة وحقوق النساء على وجه التحديد أمر يستدعي المواجهة والتكاتف الدولي من أجل أمان الأفراد، فلم نعد نتحدث اليوم عن غلق المجال العام في وجه النساء وإجبارهن على ملابس لا تستهويهن، أو حتى تهديدهن وقهرهن وتهميشهن، بل وصل الأمر لتسميم الراغبات منهن في التعلم.

وعقاب الفتيات على مشاركتهن في الاحتجاجات ورفض ممارسات النظام الإيراني والإعلان عن كرههن له فاق التوقعات وصدم كل من يهتم لأمر المسألة الايرانية خاصة بعد الضغط على الأسر وإخفاء وتغيير التقارير الطبية، وقد تحدثنا في تقريرنا إلى نماذج مختلفة من النساء المصريات لعرض وجهة نظرهن حيال ما تتعرض له إيران وشرق كردستان، من ممارسات بها انتهاك واضح لحقوق الإنسان وجميعهن أكدت على ضرورة تدخل المجتمع الدولي ومنظماته لأن التعويل على الحراك الداخلي في ظل تلك الأوضاع بالغ الخطورة.

 

إيران تعود للخلف والنساء عليهن التكاتف والمواجهة

أوضحت الكاتبة شيماء الشواربي، أن الوضع في الداخل الإيراني ينذر بحالة من العودة للخلف والانتقاص من مكتسبات النساء بالقمع والضغط الغير مبرر إنسانياً، مشيرةً إلى أن الحديث عن عدم تعليم الفتيات حتى سن محدد أمر قاهر للأسر الراغبة في عكس ذلك، ومسألة الغاز المسيل للدموع وحالات التسمم تتنافى مع الإنسانية، وتنذر بحالة مرعبة في دولة غير آمنة على أرواح مواطنيها وهو الأمر الذي يجعلها بالتبعية مرفوضة دولياً ومأزومة سياسياً.

وأكدت على أن واقع المرأة في إيران مؤسف ومزعج بل ومخيف، فالأمر هنا يعبر عن أزمة تحتاج لعمل المجتمع الدولي وتكاتفه من أجل مواجهتها، لأن من هم في الداخل لا حول لهم ولا قوة، بل قد لا يمكنهم التغيير بمفردهم خاصة إن كانت هناك مخاطر تحيط بهم وتهدد حياتهم وذويهم.

أما على الصعيد الداخلي، فترى أن التلاحم والتكاتف قد يكون سبيلاً للخلاص من هذا الوضع بل والإصرار على تعليم الفتيات لأن هذا سلاحهم الحقيقي لمواجهة الجهل والتخلف، لمنع عموم النساء من الظهور في المجال العام لذلك عليهن فرض وجودهن والإيمان بحقوقهن في المساواة دون قبول لأي صيغة تنال من كينونة المرأة وتطلعاتها.

 

 

الضغط والعنف يولدان المزيد من الرفض بل ويفجران الثورة

ولفتت الممثلة عن جمعية البداية في منشية ناصر زكية عبد الحميد، إلى أن النساء في إيران بالفعل تتعرضن لضغوط شديدة، وما يتم الحديث عنه من اعتداء على الحريات أمر غير مقبول فمن حق كل إنسان أن يختار ما يرغب فيه وأن التدخل في اختياره مرفوض.

 وأضافت أن الضغط من أجل تحقيق أهداف سياسية أو دينية على الأفراد من شأنه أن يأتي بمردود عكسي تماماً ويخلق حالة من الرفض الجماعي، لافتةً إلى أنها تتوقع أن يكون ذلك مستقبل الواقع الإيراني تحت كل هذا القهر الواقع على النساء، وأن الثورة على تلك القرارات والضغوط والتتبع الذي وصل لحد القتل أمر ليس بعيد عن واقعهم.

وأكدت أن العنف في كل مكان أمر غير مبرر تحت أي ظرف سياسي، لافتةً إلى أن أهم الحلول تكمن في الرفض الدولي والمحلي معاً، كما أن دعم النساء في إيران لتخطي ما تمررن به بات ضرورة فهن تحتجن للدعم والمساندة والمناصرة الإعلامية من خلال تسليط الضوء على حجم معاناتهن، لأن عدد ليس بالقليل قد لا يعرف شيئاً عن هذا الواقع المؤسف.

 

 

باتت إيران مقبرة للمتطلعين في المشاركة والظهور نساءً كن أو رجالاً

من جانبها قالت الكاتبة والباحثة لمياء لطفي وهي مديرة برنامج الآليات الدولية بمؤسسة المرأة الجديدة، أن الأزمة تتطور يوماً تلو الآخر، وأصبحت غاية تطلعات المقيمين في إيران الخروج من قبضة الاعتداء والقهر سالمين، مشيرةً إلى أن عدد ليس بالقليل من الرياضيين/ات بمجرد خروجهم لمباريات دولية يسعون لطلب اللجوء راغبين في عدم العودة خوفاً على أرواحهم وذويهم.

 وأوضحت أن عدد من السياسيات والحقوقيات اختفين وقمن بإرسال استغاثة لعدد من الدول معبرات خلالها عن واقعهن المرعب، ومتحدثات عن المخاطر التي يتعرضون لها، لافتةً إلى أن الوضع في إيران بات مقلقاً على مختلف المستويات خاصةً من قرروا الوقوف في صفوف الحركة الرافضة لإجبار النساء على الحجاب والاحتجاب عن المجال العام والواجهة السياسية.

واعتبرت أن على المجتمع الدولي الاهتمام بذلك الملف والأخذ في الاعتبار أن إيران ليست معزولة عن العمل الحقوقي في العالم، وأن قاطنيها بحاجة للدعم خاصة النساء اللواتي تتعرضن يومياً للعنف والقتل بصورة أو أخرى.

 

الخطاب السياسي المزيف أخرج إيران من بؤرة المتابعة الدولية

وأضافت لمياء لطفي، أن هناك أزمة حقيقية في تراجع الزخم الإعلامي، والمتابعة للشأن الداخلي في إيران بعد مقتل جينا أميني، وبالتالي المعلومات لم تعد متوفرة وخفتت روح الحراك الاجتماعي والسياسي بشكل عام وهو الأمر الذي تبعه قصور في المتابعة لأخبار الداخل الإيراني.

وأوضحت أن خطابات التهدئة السياسية التي خرجت كان لها دور أيضاً في هذا الأمر حيث أشعرت البعض نسبياً أن الأمر قيد الحل وأن الإرادة السياسية تتجه نحو مزيد من الحرية، وهو أمر أثبت للواقع أنه مجرد دعاية للنظام غير واقعية، وأن النساء ما زلن في قبضة القهر دون أي تغيير جذري.

واعتبرت أن الحديث عن مراعاة القرارات الخاصة بالتقييد على النساء في اختيار الملبس والحركة والعمل وما إلى ذلك جعل الأمر خارج بؤرة المتابعة، ولكن الوضع بالفعل مخيف خاصة بعد تسميم الفتيات الذي جاء على خلفية تسريب صور لهن تعبر عن إهانتهن لرموز النظام وبعض القيادات السياسية فبات المشهد أقرب لحالة انتقام ناتج عن سلوك عدائي تجاههن وهو أمر كارثي وغير إنساني ويحتاج لردع.

 

الحلول ودور المجتمع الدولي

وأكدت لمياء لطفي أن الوضع السياسي صعب للغاية لا يمكن أن تتم مطالبة النساء بأخذ مبادرة نحو الحل أو مزيد من الضغط، ولكن المجتمع الدولي هو من عليه تحمل ذلك العبء عنهن لأنهن في خطر والأمر شديد الصعوبة والخيارات شبه مستحيلة في الحراك الجماعي.

أما عن الواقع المحلي في مصر من القضية الإيرانية، فأوضحت لمياء لطفي، أن هناك مشكلة مع الشأن الإيراني والشرق الأوسط بشكل عام، أو يمكن القول من هم خارج منظومة الدول العربية بسبب صعوبة اللغة والاهتمام الإعلامي بما يحدث هناك، وهو الأمر الذي يجعل التعامل مع إيران صعب، فضلاً عن تأجيج نيران الاحتقان الشعبي بين الدولتين وتداول المعلومات غير الكافي بل إن التواصل بين المجتمع المدني في الدولتين غير موجود بدرجة كبيرة وهو الأمر الذي يعيق العمل على القضية محلياً.

أما عن الدعم النسوي فقد لفتت إلى أنه داعم كلياً ويعمل على هذا الملف من وقت لآخر، ففي مختلف الأزمات يتم النشر والرفض وإعلان الدعم الواضح للإيرانيات في مسارهم الرافض للعنف والقهر، معتبرةً أن هذا غير كافي لأن وضع إيران شديد الصعوبة وهناك من هم مهددون بالقتل بسبب أفكارهن لذا فهذا الدعم ينقصه أن يأخذ الشكل المنظم تجاه تلك القضية خاصة في التضامن حتى يتم التأثير على هذا الواقع.

وشددت على أن الضرورة تقتضي وجود مجموعة عمل على تلك القضية، ورفض ما تتعرض له النساء من عنف فج هناك وخلق حالة من الضغط الدولي على السلطة الايرانية لاتخاذ إجراءات أقرب للديموقراطية والحرية بل حتى الإنسانية لمستقبل أكثر أمناً، يمكن فيه للمواطنين أن يختاروا ما يناسبهم دون ضغط أو قهر أو خوف من القتل.