عائشة لخماس: معاناة النساء متشابهة والطريق نحو المناصفة ما زال طويلاً

أكدت المحامية عائشة لخماس أن طريق وصول المرأة المغربية للمناصفة الكاملة لايزال طويلاً، مشيرةً إلى أنه رغم التغيير الذي شهدته حقوق النساء في البلد

حنان حارت

المغرب ـ أكدت المحامية عائشة لخماس أن طريق وصول المرأة المغربية للمناصفة الكاملة لايزال طويلاً، مشيرةً إلى أنه رغم التغيير الذي شهدته حقوق النساء في البلد، إلا أن تفعيل القوانين التي أقرها الدستور المغربي لا تزال بطيئة جداً، خاصة ما يتعلق بالحقوق السياسية والاقتصادية ومواقع القرار.

شددت المحامية والحقوقية عضو اتحاد العمل النسائي المغربي عائشة لخماس في حوار مع وكالتنا على أن تحقيق المناصفة لا يقتضي السير خطوة خطوة، بل يجب القيام بطفرات من أجل الوصول للتغيير المنشود من قبل الحركات النسائية.

واعتبرت أن إشكالات النساء في الدول المغربية وأيضاً في الشرق الأوسط متقاربة؛ وهذا يظهر جلياً من خلال التنسيقات التي تخوضها الحركات النسائية فيما بينها، مبرزةً أن هناك نضالاً مشتركاً في هذه البلدان، يتم من خلاله مساندة النساء في هذه المناطق وإيجاد أرضية مشتركة من أجل إسماع صوت المرأة في المنتديات الدولية.

ما الذي استنتجته خلال رحلة دفاعك عن حق المساواة بين الجنسين؟

مسألة المساواة هي مسألة شخصية لدرجة كبيرة، لأنه منذ الصغر وأنا أشعر أن التمييز موجود وكنت أبحث دائماً عن سبب هذا التمييز بين الفتيات والفتيان والنساء والرجال، بالرغم من أننا نملك الكفاءات والقدرات نفسها، وربما في بعض الأشياء نحن أكثر قدرة من الرجال، كما أنه في بعض القضايا يكون الرجال أكثر قدرة، لذلك كبرت ومعي هذه القضية لدرجة أصبحت شبه مهووسة في البحث عن الأسباب وإيجاد جواب لسؤال هل يمكن تغيير الواقع؟ وبالتالي مع الوسط الجامعي والنضالات الطلابية والتعرف على مفكرين ومفكرات والإطلاع على كل ما أنتج سواء في الشرق الأوسط أو على المستوى المغربي أو في أوروبا، تبين لي أنه يمكن القضاء على التمييز عن طريق النضال بالمعرفة والتقدم نحو احتلال مواقع لإظهار كفاءات النساء وإعادة الاعتبار لقدراتهن.

 

هل وصلت المرأة المغربية إلى المناصفة؟ وهل من عوائق أمامها تحول دون تحقيق ذلك؟

هناك تقدم؛ هناك إقرار على مستوى الدستور باعتباره مقياس ومعيار وطني للحقوق والحريات، فبالتالي هذا مكسب ضروري ناضلنا عليه طويلاً، لكن الإشكال يكمن في التفعيل فلا زال بطيء جداً سواء على مستوى الحقوق السياسية أو الاقتصادية أو مواقع القرار.

لهذا برأيي أنه لا يمكن السير خطوة خطوة، بل يجب أن نقوم بطفرات في هذا الإطار، فهناك إصلاحات في القوانين الانتخابية أدت إلى تمثيل المرأة في البرلمان والهيئات المنتخبة والدوائر الإنتخابية، لكن يظل هذا الحضور ناقص لم يصل إلى ما نطمح له.

فالنضال يجب أن يؤخذ بإصرار على مستوى الواقع وعلى مستوى دخول النساء لهذه التجربة، فالتمثيلية ليست على مستوى الهيئات بل في كل الواجهات، لأن المناصفة والمساواة المنصوص عليها في الدستور المغربي في الفصل 19 لم تستثني مجال دون آخر.

أما الإشكال الكبير الذي يعوق تقدم المرأة فهو الحقوق الاقتصادية على مستوى العمل والترقية أو ولوج الموارد والثروة والملكية، حيث لا يزال هناك عمل كبير يحتاج لنضال طويل.

 

هل هناك قوانين مغربية ترونها مجحفة بحق المرأة؟

نعم هناك عدة قوانين تمييزية، هناك مدونة الأسرة والتي نخوض الآن الحملة الوطنية الثانية من أجل تغييرها تغييراً عميقاً يضمن الملاءمة والمساواة، وهناك القانون الجنائي الذي لازال قيد الدراسة التشريعية بين الحكومة والبرلمان، هذا القانون الذي يعتبر في المنظومة التشريعية القانون الثاني بعد الدستور، لأنه عن طريقه تحمى الحريات والحقوق الشخصية سواء كانت فردية أو جماعية، فبالتالي يتضمن مقتضيات تمييزية يجب إزالتها ويجب إدخال جرائم وعقوبات تؤسس للعدالة، وبالتالي إلغاء كل القوانين التي تتضمن التمييز.

وقانون 103/13 لمحاربة العنف ضد النساء يعتبر قانونا قاصراً، لم يستطع إنهاء ظاهرة تعنيف النساء في المجتمع المغربي، حيث أنه رغم صدوره ما زالت الظاهرة في ارتفاع وتتنوع أشكالها ويعسر إثباتها، لهذا فنحن بحاجة لقانون شامل للقضاء على العنف يضمن الوقاية، والحماية والتكفل وعدم الإفلات من العقاب.

 

بعض النساء يرين أن الإجهاض من الحريات الفردية التي ترتبط بأجسادهن، ما وجهة نظرك في هذه القضية؟

المجتمع المغربي يجعل من جسد المرأة ملكاً للجميع إلا صاحبة هذا الجسد فلا سلطة لها عليه؛ فجسدها ملك للعشيرة، ملك للأسرة، ملك للدولة، ملك لكل الفئات من أقارب؛ فالزوج في بعض الأحيان لابد من أخذ إذنه لكي تقوم المرأة بإجراء صحي.

ما أراه وما يجب أن يكون هو أن يكون الجسد ملك للمرأة وحدها هي من تقرر متى يمكنها الإنجاب وكم عدد الأطفال التي ترغب في إنجابهم، كما يجب أن تتحكم في كيفية الولادة ومنع الحمل.

وبالنسبة لمسألة الإجهاض هي إشكالية تهم المرأة، حيث ينبغي أن تقرر الإجهاض إذا ما أردت ذلك، لكن الأخطر من ذلك هو أنه في الوقت الذي يتم منع الإجهاض القانوني المحمي والطبي، هناك الاجهاض السري الغير محمي والمحفوف بالمخاطر والذي له آثار سلبية على المجتمع والمرأة في حد ذاتها.

 

أين تصنفين المرأة المغربية بالنسبة إلى نساء الدول المغاربية والشرق الأوسط؟

تقريباً النساء في الشرق الأوسط والدول المغربية يعانين من نفس المعاناة. فعلى المستوى المغربي هناك تقدم بفضل نضال الحركات النسائية وأيضاً السلطة العليا للبلاد آمنت وعملت وأحدثت مجموعة من التغييرات التي حسنت من وضعية المرأة المغربية، لكن لازال ينتظرنا نضال طويل حتى تتمكن النساء من الوصول إلى المساواة الشاملة وحقها في العيش بدون عنف وتمييز.

ويظهر لي أن إشكالات النساء في مناطق شمال إفريقيا والشرق الأوسط هي متقاربة وهذا يظهر جلياً من خلال التنسيقات والتنظيمات المشتركة التي تربطنا مع مجموعة من الشبكات في مجموعة من الدول العربية، وهذا يحفزنا على أن يكون هناك نضال مشترك حتى ندعم بعضنا البعض في القضايا التي تهمنا جميعاً، أو نجد أرضية مشتركة لدعم بعضنا البعض.

 

كحقوقية كيف تقيمين وضع النساء في مناطق الحرب على غرار سوريا، والعراق واليمن، وكيف يمكن أن يكون هناك تنسيق بين النسويات في هذه المناطق وبين الحركات النسائية؟

الحروب السابقة كان يصاب فيها الرجال، لكن الحروب الحالية تكون فيها الضحايا الأكبر من النساء؛ لأن الحرب الدائرة حالياَ هي حرب "جبناء"؛ ففي مثل هذه الحروب النساء يدفعن الثمن ويكن أكثر عرضة وأكثر إصابة وأكثر تعرضاً لكل أشكال الإتجار بالبشر، والقتل والإغتصاب، وأيضاً بيع النساء خاصة في مناطق سوريا، فبالتالي كحركات نسائية في المغرب ننسق في إطار الشبكات التي نعمل فيها معاً، ونناضل في إطار قرار الأمم المتحدة رقم 15/13، الذي في إطاره ندعم أوضاع النساء في هذه المناطق.

هناك أيضاً النساء الفلسطينيات اللواتي هن أسيرات وضحايا الهجمات الإسرائيلية، وهدم البيوت والتهجير؛ فكل هذه القضايا تهمنا، رغم أننا لا نعيش نفس الأوضاع بنفس الحدة في المغرب، لكن لدينا نساء ينتمين لمنطقة الصحراء المغربية، وهن لاجئات في منطقة تندوف، ونناضل من أجل عودتهن لبلدهن الأصلي الذي يرحب بهن ومستعد لاحتضانهن.

هذه القضايا الشاملة تهمناً جميعاً، وكلها منافذ يتوحد فيها عملنا كحركات نسائية من أجل مساندة بعضنا البعض وإسماع صوت النساء في المنتديات الدولية.

 

تحتفي نساء العالم في الثامن من مارس باليوم العالمي للمرأة، ماذا تقولين للمرأة في يومها؟

النساء هن مستقبل البشرية في العالم ككل، يناضلن من أجل السلم والمساواة وحفظ الكوكب من كل أشكال الحروب والتلوث.

وأنادي النساء بألا ينخرطن في السباق نحو التسلح والهيمنة، ولكن عليهن النضال بشكل جماعي ومشترك من أجل حماية الكوكب والبشرية من كل الحروب التي تهدده، مع العمل على حماية مصالحهن الوطنية ومصالحهن كنساء من أجل المساواة ومحاربة الفقر الذي يكن ضحاياه الأوائل، مع العمل كذلك على محاربة كافة أنواع العنف والتمييز، لكي يمتلكن القوة والقدرة على مواجهة كل ما يهددنا كنساء في جميع أنحاء العالم.