إطلاق حملة "لا عزاء للنساء والعنف يقتلهن كما الوباء" وغضب نسوي بعد مقتل امرأة على يد زوجها

أطلقت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات حملة "لا عزاء للنساء والعنف يقتلهن كما الوباء" على أثر حادثة أليمة راحت ضحيتها امرأة تبلغ من العمر 26 سنة على يد زوجها الأمني بعد خلاف عائلي أدى إلى مقتلها برصاص سلاحه

زهور المشرقي
تونس ـ ، ودعت الجمعية النساء إلى تعليق الشعار في بيوتهن وإبراز غضبهن للسلطات التي لاتبالي بواقعهن المر.
تعليقاً على الحملة قالت لوكالتنا رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات يسرى فراوس، إن هناك عدم فهم حقيقي لقضية العنف ضدّ النساء في تونس رغم ترسانة القوانين الموجودة، لافتة إلى أن قانون العنف رقم 58 لعام 2017 شمل عدة مجالات لكنه لم ينجح في القضاء على الكارثة التي تقتل النساء.
وأفادت يسرى فراوس بأن هناك تقاعساً من قبل السلطات في تطبيق القانون، ما أدى إلى ارتفاع نسب العنف خلال السنوات الأخيرة، داعية إلى إقرار مخططات حقيقة لمحاربة "الآفة" التي تعصف بالنساء. 
وتعتبر يسرى فراوس أن أكبر إشكال في تطبيق القوانين هو عدم اعتبار قضية النساء من الأولويات لدى الطبقة الحاكمة، مشيرةً إلى أنه منذ انطلاق العهدة البرلمانية الحالية لم تقدم أي كتلة برلمانية أي مشروع قانون ينتصر للنساء، ويحارب العنف بل لوحظ تغييب للمرأة في مختلف القرارات وتهجم عليها في مجلس النواب وخارجه. 
من جانبها نددت عضو جمعية النساء الديمقراطيات رجاء الدهماني، بفاجعة مقتل رفقة الشارني، قائلة "إن رفقة الشارني التي سبق أن تعرضت للعنف، امرأة لم تصمت حين تعرضت لهذه الممارسات، وكانت تعلم جيداً أن النساء التونسيات قادرات على أن يصلن إلى العدالة ويطرقن أبواب الحق، لذلك احتمت بالسلطة المعنية ووقعت محضراً في مركز الشرطة وقاضت معنفها بشهادة طبية أثبتت الأضرار الجسدية والنفسية، لكن لم يُنصفها القاضي ولم يطبق القانون وسقط العنف بمجرد إسقاط الدعوى، في حين أن قانون رقم 58 الصادر في 2017  أكد مقاضاة المعنف حتى بسقوط الدعوى".
وأضافت "إلا أنها لم تنجُ هذه المرة وقُتلت برصاص الدولة، نعم رصاص حالة الانفلات والفوضى وعدم تطبيق القوانين والالتزام بما نص عليه المشرع، قُتلت برصاص الرجعية والذكورية ومنطق "هنّي على روحك وراجلك يضربك ويضرب عليك"، قتلها رئيس المركز الذي يحاول فض العنف بمحضر تراضٍ، قتلها التراخي عن حماية المعنفة من المعنف، قتلها التطبيع مع العنف".
مبينةً "ليست سابقة قتل النساء في تونس وفي العالم، تقتل النساء لأنهن سياسيات، يُقتلن لأنهن مناضلات... لأنهن كادحات... يقتلن لأنهن كاشفات للحقيقة... نعم رفقة الشارني كشفت حقيقة زوجها المحتمي بسلطة الفوضى والقوة والغطرسة وهو الأمني الذي لم يؤمن ولم يأتمن على حياة رفقة الشارني."
وبخصوص الحملة التي أطلقتها الجمعية علّقت محدثتنا، "نحن ناشطات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أطلقنا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بهذه الجريمة البشعة، ولم تكن هناك غير ساحات الفضاء التي نصرخ فيها بأصوات عالية لنوقف العنف المستشري في البلاد ولنقول لا عيد لنا، بل هو عزاء النساء، سواد نلتحفه، وإدانة لكل المجرمين مَن تستر ومَن صمت ومن طبع ومن تراخى عن تطبيق القانون... أطلقنا الحملة ليعلم الجميع أن رفقة فقدت الحياة برصاص الدولة وأن رفقة اليوم، وغداً أنت وأنا... فإلى متى تموت النساء جراء العنف إلى متى؟".
وشهدت تونس في الفترة الأخيرة تصاعداً مطرداً لوتيرة الاعتداءات والعنف بشتى أنواعه ضد النساء، حيث تبرز الأرقام أن ست نساء من عشرة يتعرضن للعنف يومياً، وهي نسب خطيرة أثارت جدلاً واسعاً وردود أفعال عديدة في الشارع التونسي وفي الأوساط الحقوقية، ليطرح عدد من الحقوقيين تساؤلات عن توقيت انتهاء العنف الذي يستهدف النساء ويقتلهن.
وترى المحامية التونسية ضحى الطالبي أن ترسانة القوانين التي خصصها المشرع التونسي من أجل القضاء على العنف ضدّ المرأة لم تعد كافية، بداية من دستور 2014 الذي نص في فصله 46 على أن "على الدولة اتخاذ التدابير الضرورية من أجل القضاء على هذه الظاهرة التي ما انفكت ترتفع"، متابعة "إن كانت المجلة الجزائية هي الأخرى حاولت الإلمام بالجرائم التي قد تمارس على النساء من اغتصاب واعتداء، فإن القانون رقم 58 الصادر عام2017 والذي كان بمثابة نقلة نوعية أو طوق النجاة للنساء لم يحد من الارتفاع الخطير للآفة".
ولفتت المحامية التونسية إلى أنه "إضافة إلى الإتفاقيات الدولية المصادق عليها في هذا الصدد، وبعد أربع سنوات لا زلنا نسمع ونرى العنف ضد النساء في أسوأ تجلياته، ولعل ما نراه وما يثيره الرأي العام لا شيء أمام بحر ما هو مخفي وذلك إن دلّ على شيء فيدلّ على ضعف المنظومة القانونية، من خلال عدم الجدّية في التعامل مع هذا الفعل الشنيع". 
ودعت ضحى الطالبي إلى جعل قضية الضحية رفقة الشارني قضية رأي عام ومحاسبة كل من تسبب في هذه الكارثة.
وختمت حديثها بالقول "هذا الوضع يجعلنا نعود إلى الوراء أو نحن باقون في الواقع في نفس النقطة دون أن يتغير هذا القانون، وسيظل حبراً على ورق في ردع مثل هذه التصرّفات والأجدى هو التعامل مع القانون بجدّية تامة حتى نستطيع القول بإمكانية الزجر التي تؤدي إلى عدم الإقدام واحتساب كل خطوة عند رفع اليدّ فقط على امرأة، وأيضاً ضرورة التوعية، وجعل البرامج التعليمية أداة لمحاربة هذه الآفة عملاً بمقولة الوقاية خير من العلاج".