إقبال الأصلان: نواجه صعوبات قانونية والمساءلة العشائرية عند إيواء المعفنات والمشردات
تعنيف وتشرد وملاحقة عشائرية هذا ما تعيشه معظم النساء، اللواتي عشنَّ ظروف قهرية في مجتمع يغفل به القانون عن العنف الأسري، والظلم الذي تتعرض له المرأة، فتكون الكلمة الأولى والأخيرة لذكور العائلة.
غفران الراضي
بغداد ـ
قصص وحكايا ترهق السامع وتثير الصدمة، عرفنا منها الكثير ولم نعرف عنها الأكثر فكل ما يحدث خلف ستار الخوف يبقى طي الكتمان.
إقبال الأصلان عضو منظمة حرية المرأة المرتبطة بدار إيواء المشردات والمعنفات، هي ناشطة نسوية تفاعلت مع الحالات التي مرت بها النساء، فقررت فتح منزلها لإيواء الهاربات من الخطر ولأولئك اللاتي لا يجدنَّ مكاناً يأويهنَّ فيكنَّ عرضة للاستغلال.
تقول إقبال الأصلان (٤٩) عاماً لوكالتنا عن الصعوبات التي تواجهها في عملها الإنساني والحقوقي "الصعوبات التي تواجهها المؤسسة ونحن كناشطات كثيرة جداً ومتعددة، منها قانونية وعشائرية، وأحياناً تشكل الضحية نفسها خطر علينا وعلى نفسها؛ بسبب الظروف القاسية التي واجهتها"، وتضيف "إذا تحدثنا عن الصعوبات القانونية فهي تتعلق بوصاية الأب أو الزوج على المرأة من جهة، وقانون العشيرة الحاكم الذي يسعى للسيطرة على المرأة وحياتها من جهة أخرى، فأي تمرد أو رغبة للتخلص من المعاناة أو رفض الوضع الغير طبيعي الذي تعيشه المرأة يعرضها للخطر، وتكون عرضة للقتل والتعنيف من قبل الأهل أو الزوج".
"أصعب ما نواجهه هو إقبال بعض المقيمات على الانتحار"
تتداخل الأحداث والحاجات لدى المقيمات في دار الإيواء كما تقول إقبال أصلان، وتضيف "بعضهنَّ يحتجنَّ لمحامي، والبعض الآخر يحتاج لتدخل حكومي؛ للحصول على حريته، وإثبات حالة التعنيف التي عانينَّ منها، وفي خضم ذلك تعيش النساء أيضاً حالة صراع نفسي لعصوبة ما مررنَّ به".
وحول أصعب المواقف التي مرت بها دار الإيواء تقول "أخطر ما نواجهه هو إقبال بعض النساء على الانتحار؛ بسبب الضغوط النفسية، وما مر عليهنَّ من أحداث قاسية زرعت في داخلهنَّ الخوف من التفاعل مع الحياة، لذلك عمدنا لمهمة التأهيل النفسي، وتقييم مدى الأذى الذي لحق بكل امرأة بعد مرورها بظروف غير إنسانية".
"أصعب الحالات هي التي تخص الاعتداء الجنسي الأسري"
عند الحديث عن أصعب الحالات التي تصل الدار من النساء وأكثرها تعقيداً لا ننسى الاعتداءات الجنسية، وخاصة تلك التي يقوم بها أحد أفراد العائلة، "الكثير من القصص أثرت بي لكن أصعبها لفتاة تعرضت للاغتصاب من قبل والدها وشقيقها والتجأت إلينا عن طريق أحد الأصدقاء، وهنا بدأت رحلة الخلاص من وضع غير إنساني محرم في كل المجتمعات، لكن في مجتمعنا العراقي يرتبط هروب امرأة من هذا الوضع المأساوي بالعار، ويعطى الأب والأخ من وجهة نظر المجتمع الحق في غسله أي قتل المرأة". مضيفةً "إذا ما نظروا بسطحية ذكورية لهذه الجريمة كان من السهل عليهم اتهامها بسوء السمعة والزنا لتقتل بدم بارد فتموت هي، وتموت جريمهم، وكانت حالة صعبة لإثبات جرمهم واعتدائهم على الفتاة، وإنقاذها من أيديهم لولا تدخل جهات رسمية مختصة".
"استقبلنا نساء إيزيديات ناجيات من داعش"
فيما يخص فترة داعش المظلمة ومعاناة النساء الإيزيديات تؤكد إقبال الأصلان على استقبال عدد من الايزيديات في الدار وتقول "نحن نمتلك خبرة في مجال التأهيل النفسي وأعتقد أن الإيزيديات لا يختلفنَّ عن بقية النساء سوى في تلك الظروف التي واجهنها من قبل داعش الإرهابي من قتل واغتصاب ووحشية، فكان همنا الأساسي هو التأهيل النفسي، ومحاولة دمجهنَّ في الحياة ليعشنَّ حياة جديدة أكثر أماناً".
وتضيف "الكثير من النساء استطعنَّ الاندماج بالمجتمع بعد الإيواء ودورات التمكين التي نقدمها لهنَّ من الايزيديات ومن النساء الأخريات، وهنا نشعر بالنجاح وبقيمة ما نقدمه من إسناد ودعم للمرأة".
وفي الختام قالت عضو منظمة حرية المرأة المرتبطة بدار إيواء المشردات والمعنفات إقبال الأصلان أنها تسعى لاستكمال مسيرة دعمها للنساء المعنفات "طموحي أن أفتتح داراً مرخصة من الدولة؛ لكي أساعد الآلاف من النساء اللواتي هنَّ بحاجة إلى ذلك، وخاصة الصغيرات في السن، اللواتي هنَّ بحاجة إلى حماية من وحوش الشارع والمجتمع، واللواتي يتم قتلهنَّ إما من عوائلهنَّ أو في ظروف غامضة".