انتهاك حقوق المرأة في الدستور الأفغاني

ليس لدى أفغانستان تاريخ طويل للدستور، فقد شهدت البلاد سن دستور لأول مرة في عهد أمان الله خان (1919ـ 1929).

بهاران لهيب

كابول ـ في عام 1923 اعتمد اللويا جيرغا دستوراً بمضمون جيد نسبياً تحدث عن المساواة بين المرأة والرجل، إلا أن جميع القوى (الجهاد، وطالبان، والتكنوقراط) وزملائهم الذين شاركوا في الحكومة كانوا أحراراً في تطبيق القوانين وكانوا متورطين في الجريمة وخيانة شعب أفغانستان.

اللويا جيرغا هي هيئة استشارية قبلية وتقليد قديم في تاريخ أفغانستان وتحديداً في القبائل البشتونية التي تمتد في انتشارها إلى بعض أجزاء باكستان، حيث يجتمع رؤساء القبائل ووجهاؤها السياسيون والدينيون وسواهم للتشاور في حل مشاكلهم المتعلقة بشؤونهم السياسية والعامة، وتقليدياً كان يستمر اجتماعهم إلى حين التوصل إلى قرار يتخذونه بالتفاهم والإجماع، دون تصويت رسمي.

ويمثل أعضاؤها الأمة الأفغانية بأكملها، لأن الأشخاص يتم تعيينهم خلال الانتخابات في كل إقليم أو منطقة أو قرية، ويتمتعون بسلطة عامة وكاملة في اتخاذ القرار، ومنذ ذلك الحين أصبحت لكل حكومة حكمت أفغانستان صلاحياتها الخاصة.

ومع تواجد أمريكا في أفغانستان وتأسيس حكومتها العميلة عام 2002، عملت اللويا جيرغا، على الموافقة على دستور ذو محتوى جيد نسبياً، تحدثت فيه عن المساواة بين الرجل والمرأة، بعد ذلك وقع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي على كافة القوانين الدولية التي تكفل حقوق المرأة والطفل وتحظر التعذيب، كما وقع أيضاً على قانون القضاء على العنف ضد المرأة، ولكن تم إعفاء كافة القوى (الجهاد، وطالبان، والتكنوقراط) وحلفائهم الذين شاركوا في الحكومة من تطبيق القوانين، وتورطوا في الجريمة وخيانة شعب أفغانستان.

ومع عودة طالبان إلى السلطة، انهار النظام الفاتر وألقيت جميع القوانين في سلة المهملات ويتم تطبيق الشريعة الإسلامية فقط حسب رغبة كل قاضٍ من قضاة طالبان، بدلاً من دستور الحكومة السابقة، وكما في الفترة الأولى من حكمهم، أعلنت وزارة العدل في طالبان "من الآن فصاعداً، نعترف بدستور فترة ظاهر شاه (1933-1973)، مع تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية".

وفي دستور عهد ظاهر شاه أعطيت جميع الصلاحيات للشاه وقيل أن اسم الشاه يجب أن يذكر في خطب المساجد وأن توضع صورته على العملة الأفغانية وبالإضافة إلى ذلك، كان يتمتع بالسيادة الكاملة، ويتمتع بالحصانة لذا تقبل طالبان هذه الأجزاء من القانون.

ومع أن الدستور في زمن ظاهر شاه لم يذكر حقوق المرأة إلا أن مواده تحظر التعليم الإلزامي لجميع المواطنين الأفغان، كما تحظر حرية التعبير ودور الصحافة وتم إنشاء برلمان ينتخبه الشعب، لكن طالبان لا توافق على هذا الجزء من قانون تلك الفترة وتثير مسألة الشريعة.

ويرى البعض أن عصر حكم ظاهر شاه لا يمكن مقارنته بحكم طالبان، فرغم أن ظاهر شاه أرسل سياسييه ومعارضيه إلى السجن، وكان هناك فقر وبطالة لكن عامة الناس عاشوا في سلام فكرياً، ولم يتم احتجاز جميع الناس كرهائن كما هو الحال الآن، بحيث يواجه أي شخص يتحدث السجن والتعذيب، وكان للمرأة أيضاً إلى جانب الرجل، الحق في التعليم وكانت مشغولة بالعمل في المكاتب الحكومية، كما تحدث دستور تلك الفترة أيضاً عن إنشاء دورات محو الأمية والمدارس الخاصة، كما أنه في دستور عهد ظاهر شاه يتم دعم العلم ثلاثي الألوان، على الرغم من أن حركة طالبان عاقبت وحكمت على أنصار العلم ثلاثي الألوان بالإعدام.

هناك العديد من أوجه التشابه بين دستور الحكومة السابقة وحكم ظاهر شاه ولم يتم ذكر سوى إعطاء السلطة واحترام التسلسل الهرمي للملك، وفي دستور الحكومة السابقة تم ذلك بمزيد من التفصيل وشدد على محو أمية المرأة والمساواة في الحقوق مع الرجل.

ومن الجدير بالذكر أن حركة طالبان لا تحترم إلا قوانينها الخاصة، وهي قوانين أكثر قمعية للأمة الأفغانية، وخاصة نسائها، لممارسة حكمها الجاهل والمناهض للمرأة.