عاملات النسيج... رغم الوضعية الهشة تشكلن قوة اقتصادية

يقدر عدد الكفاءات النسائية في سوق العمل المغربي بمليون امرأة، 44% منهن تعملن في قطاع النسيج، وبرغم أنهن تشكلن قوة اقتصادية، لكنهن تعشن الهشاشة والاستغلال.

حنان حارت

المغرب ـ رغم مساعي المغرب لضمان حقوق العاملات وإقرار المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، بما يضمن حداً أدنى للأجر يحفظ كرامة النساء ويحول دون استغلالهن اقتصادياً، إلا أن هذه الإجراءات لم تتم ترجمتها على أرض الواقع، ولم تحل دون تهميش عاملات النسيج واستغلالهن اقتصادياً، فهن تعلمن لساعات طويلة، ما يؤدي إلى تدمير صحتهن.

تعمل "سميرة . ر" البالغة من العمر 25 عاماً، في معمل متخصص في النسيج بالمنطقة الصناعية عين السبع في الدار البيضاء، بدأت تجربة العمل في النسيج منذ أكثر من 10 أعوام، وتقول "أمضيت سنوات وأنا أتنقل بين شركات النسيج بحثاً عن الأفضل، وظروف عمل أحسن، لكنني إلى يومنا هذا لم أجد ما أطمح إليه، فظروف العمل في كل المصانع تتشابه"، موضحةً أن "المرأة العاملة رقم ضعيف في قطاع النسيج".

وعن المشاكل التي تعاني منها العاملات في قطاع النسيج تقول "نحن نعمل لساعات طوال، قد يمتد الأمر لوقت متأخر من الليل وفي الغالب لا يتم احتساب الساعات الإضافية، وعند اعتراضنا يجيبنا المسؤول إذا لم يعجبك العمل بهذه الطريقة، هناك من سيعجبها، وتنتظر فرصة مثل هذه التي منحت لك".

ولفتت إلى أنه "بالإضافة للتمييز والاستغلال الذي تعاني منه العاملات في معامل الخياطة والنسيج، فإنهن تعانين من هزالة الأجور والحرمان من الحقوق الاجتماعية والتعويضات المستحقة عن الساعات الإضافية، والطرد التعسفي واعتماد أرباب العمل لنظام "الكونطرا"، التي هي عبارة عن عقود عمل يتم تجديدها كل ستة أشهر بين المشغل والعاملات حتى لا تصبحن دائمات داخل المصنع".

وأضافت "هناك شريحة من العاملات يتم التصريح بأجورهن إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ولكن غالباً ما تفاجأن بأن رب العمل لا يدفع أقساط التأمين الخاصة بالضمان الاجتماعي"، مشيرةً إلى أن "هناك قضايا نزاع كثيرة تحدث بين العاملات وأرباب المصانع يصل بعضها إلى المحاكم، فتتدخل الجمعيات الحقوقية والنقابية التي تنشط في مجال الدفاع عن حقوق النساء العاملات بشكل خاص على الخط من أجل إنصافهن".

وأوضحت أن "العاملات في هذا القطاع أضحين نموذجاً للاستغلال الاقتصادي والعمل الهش برغم وجود ترسانة من التشريعات التي تضمن حقوقهن كاملةً، لكنهن تعشن انتهاكاً لحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن التمييز والحيف حين تنهى مهامهن بشكل تعسفي".

ومن جانبها أوضحت الحقوقية والكاتبة العامة للمكتب النقابي بإحدى شركات النسيج التابع للاتحاد المغربي للعمل نعيمة عاشور "أن قطاع النسيج من القطاعات الصناعية الأولى المحتضنة للنساء العاملات، وأن نسبة تمثيلية النساء داخلها تصل لـ90%".

وأشارت إلى أنه "هناك تهميشاً واستغلالاً تتعرض له هذه الفئة من العاملات، فهن تعانين من عدة مشاكل منها الإهانات والممارسات اللاقانونية والضغط البدني والنفسي، فهن تعملن ثماني ساعات متواصلة وعمل مضاعف يفرض من طرف رب العمل في ضرب لكل القوانين الإنسانية، علاوة على الأجور الزهيدة التي لا تتماشى والعمل الشاق الذي تمارسنه على مدار العام دون عطل ومراعاة لظروفهن ولا تتوافق مع غلاء المعيشة الذي يعرفه المغرب منذ سنوات".

ووصفت نعيمة عاشور وضع العاملات في هذا القطاع بالمزري والمتردي، وزاده سوء عدم اعتراف المجتمع بدورهن وعدم تقديره، مضيفةً أن عاملات النسيج تتعرضن إلى العنف الممنهج والمقنن من قبل المسيرين والمسؤولين في المؤسسات الصناعية، موجهة دعوة إلى السلطات بتوفير الظروف الأفضل للعاملات وضمان شروط ملائمة.

ومن أجل النهوض بأوضاع المرأة في الوسط المهني، ولا سيما في القطاع الصناعي، طالبت بتوفير أخصائي نفسي للمرأة المغربية العاملة أسوة ببعض البلاد الأوروبية، وذلك من أجل مواكبتهن في حياتهن العملية وكذا الشخصية لاعتبارهن تعشن واقعاً صعباً.

ودعت الحقوقية نعيمة عاشور "مقاولات النسيج إلى وقف الضغوطات النفسية والبدنية الممارسة على العاملات في قطاع النسيج، وإنهاء كل أساليب الشطط في استعمال السلطة من أجل رفع الحيف والتمييز الذي تعاني منه النساء العاملات، مع العمل على تحسين الأجور والدفع بها بما يتناسب مع مستوى المعيشة حالياً، فضلاً عن التغيير الجذري للسياسة المتبعة داخل المؤسسات الصناعية والمبنية على الضغط النفسي والبدني والوقف الفوري للمعاملة الحاطة من كرامة المرأة والأخذ بيد العاملات ومؤازرتهن داخل الورشات وخارجها".