اليوم الدولي للطفل... يوم بالغ الأهمية في تاريخ الطفولة

أثرت الحروب والصراعات وعدم الإنصاف والمساواة بشكل كبير في زيادة انتهاك حقوق الأطفال وتعريض مستقبلهم للخطر

مركز الاخبار ـ ، فهي تديم عليهم الحرمان من التعليم والخدمات الصحية والحماية، فهناك الملايين من الأطفال في جميع أنحاء العالم محرومين من الفرص العادلة إما بسبب البلد أو الجنس.
لذلك كان على العالم أن يلتفت ويضع مصلحة الطفل وحقوقه ضمن أولوياته وجعلها حقيقة على أرض الواقع، فكانت خطوة الأمم المتحدة عام 1954 التي أعلنت فيها يوم الطفل أو اليوم العالمي للطفل، والذي يتم الاحتفال به في 20 تشرين الثاني/نوفمبر منذ عام 1990، بداية لتكثيف الجهود العالمية للدفاع عن الأطفال ودعمهم وتحسين ظروف معيشتهم وتعليمهم، وهو اليوم ذاته الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة إعلان حقوق الطفل عام 1959، كما تبنت اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها أغلبية دول العالم عام 1989.
 
من أجل الطفل... إعلان واتفاقية حقوق الطفل ومنظمة اليونيسف
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى تم اعتماد إعلان جنيف لحقوق الطفل في عام 1924، والذي أقرته الأمم المتحدة عام 1959 تحت مسمى إعلان حقوق الطفل، وهذه الحقوق مصاغة لإنقاذ الأطفال من الانتهاكات والاتجار والعنف وكذلك النزاع المسلح والاستغلال، كما تضمن لكل طفل الحق في الهوية والصحة والتعليم والحياة الأسرية.
ونص الإعلان على عشرة مبادئ تم التأكيد فيها أن لكل طفل بلا استثناء الحق في أن يتمتع بهذه الحقوق دون أي تفريق أو تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس، كما يجب أن يتمتع بحماية خاصة أو يمنح الفرص والتسهيلات اللازمة لإتاحة نموه العقلي والجسمي، وللطفل حق في أن يكون له اسم وجنسية وأن يحصل على فوائد الضمان الاجتماعي، وأن يحاط الطفل المعاق جسمياً أو عقلياً بالمعالجة والتربية الخاصة. 
كما تتضمن المبادئ حق الطفل في أن تتم تنشئته إلى أبعد مدى ممكن برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما، وله الحق في تلقي التعليم الذي يجب أن يكون مجانياً وإلزامياً، وأن يكون الطفل في جميع الظروف بين أوائل المتمتعين بالحماية والإغاثة، وكذلك الحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال ويحظر الاتجار به على أية صورة، ويجب أن يحاط بالحماية من جميع الممارسات التي قد تدفع إلى التمييز العنصري أو الديني أو أي شكل آخر من أشكال التمييز.
وقد أشارت اتفاقية حقوق الطفل عام 1989 أن الطفل هو الفرد أو الشخص الذي يقل عمره عن 18 عاماً، إلا إذا كان عمر البلوغ أصغر من ذلك في قانون دولة معينة، أما لغوياً يعرف الطفل بأنه الصغير من كل شيء وهو المولد ما دام ناعماً والجمع منه أطفال ومؤنثه طفلة، أما اصطلاحاً فيعبر مصطلح طفل عن المرحلة العمرية للإنسان منذ ولادته حتى وصوله لسن البلوغ. 
وتعد الغاية الرئيسة للاتفاقية هي تلبية جميع الاحتياجات والحقوق التي تؤدي لنمو الطفل بشكل سليم ومتكامل، واشتملت الاتفاقية على حقوق الطفل المتعلقة بالتعليم والحماية من الإيذاء بشتى أنواعه والرفاهية والحصول على مستوى معيشي مناسب.
وفي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا خيمت محنة وخيمة على أطفالها، فكان لابد من تقديم الإغاثة لهم في تلك الفترة فقط، فأنشت الأمم المتحدة عام 1946 منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" التي تمول من التبرعات للقيام بأعمال ميدانية، وبفضل تلبيتها لاحتياجات الأطفال استمرت اليونيسف في عملها بعد الحرب بوصفها منظمة تابعة للأمم المتحدة مكرسة للأطفال على وجه الخصوص.
فهي تقدم أكثر من مجرد الإغاثة الإنسانية فقد أصبحت قضايا التغذية والصحة والتعليم والأسرة مجالات تركز عليها المنظمة، وهي الآن مفوضة من قبل حكومات العالم لتعزيز وحماية الأطفال ورفاهيتهم، وتوظف اليونيسف أكثر من سبعة آلاف شخص يعملون في 190 دولة وإقليم في جميع أنحاء العالم، ونالت جائزة نوبل للسلام عام 1965. 
 
واقع الأطفال بوصفهم قضية عالمية
وفق تقرير لمنظمة اليونيسف لعام 2017 هناك ما يقرب من 22 مليون طفل جائع ومريض ونازح وغير ملتحق بمدرسة بسبب الحرب والصراع والجفاف شرق نيجيريا والصومال وجنوب السودان واليمن وغيرها، منهم 1.4 مليون طفل يعيشون في خطر الموت الوشيك بسبب سوء التغذية الحاد الوخيم الناجم عن الجوع والأمراض، وفي التقرير ذاته أكدت المنظمة وفاة 100 ألف طفل على الأقل بمجاعة في القرن الأفريقي وذلك لأن العالم لم يتحرك بالسرعة الكافية.
وفي شباط/فبراير الماضي من هذا العام حذرت الأمم المتحدة من خطر تعرض نحو نصف مليون طفل دون سن الخامسة لخطر الموت جوعاً، وأن 50% من أطفال الفئة العمرية نفسها يواجهون خطر سوء التغذية الحاد في اليمن، بسبب الحرب التي مزقت أوصال اليمن على مدى سبعة أعوام. 
ووفقاً لتقرير مشترك لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة واليونيسف فقد شهد اليمن ارتفاعاً في معدلات سوء التغذية الحاد والحاد الوخيم بنسبة 22% بين الأطفال في عام 2020.
وفي تقرير اليونيسف الذي صدر في تموز/يوليو الماضي أكد مقتل 3336 طفل في اليمن منذ عام 2015، ونزح أكثر من 1.71 مليون طفل و11.3 مليون آخرين بحاجة لمساعدات إنسانية بالإضافة لـ 1.8 مليون طفل بحاجة لدعم تعليمي طارئ، و72.5% من الفتيات يتزوجن دون سن 18.
كما ذكر تقرير آخر لليونيسف صدر في آذار/مارس الماضي، أي بعد مرور عشر سنوات على النزاع في سوريا فإنه حوالي 90% من الأطفال يحتاجون للمساعدات الإنسانية، فهناك أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية المزمن، وحوالي 2.45 مليون طفل في سوريا و750 ألف طفل سوري في دول الجوار لا يرتادون المدارس، 40% منهم من الفتيات.
وذكرت بيانات بين عامي 2011 و2020 مقتل أو إصابة ما يزيد عن 12 ألف طفل وتجنيد أكثر من 5700 طفل للقتال في سوريا بعضهم لا تزيد أعمارهم عن سبعة أعوام، بالإضافة لتضاعف عدد الأطفال الذين يعانون من أعراض الإرهاق النفسي والاجتماعي في عام 2020 بسبب التعرض للعنف والخوف المستمرين.
ونشرت اليونيسف في آب/أغسطس تقديرات عن أعداد الأطفال الذين تأثروا بالوضع الراهن لأفغانستان بعد استيلاء طالبان على السلطة، وأكدت أن حوالي 10 ملايين طفل في أنحاء البلاد يحتاجون لمساعدات إنسانية حتى يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة، و4.4 مليون طفل خارج المدارس بما في ذلك 2.2 مليون فتاة.
ووثق تقرير صدر عن منظمة العمل الدولية واليونيسف في حزيران/يوليو الماضي عشية اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الأطفال العاملين في العالم إلى 160 مليون طفل ضمن الفئة العمرية 5 ـ 11 عاماً، أي بزيادة 8.4 مليون خلال الأعوام الأربعة الماضية، مع وجود ملايين من الأطفال الآخرين المعرضين لخطر العمل المبكر بسبب تفشي فيروس كورونا. 
وفي عام 2020 وخلال مناسبة اليوم العالمي للأطفال المجندين الذي يصادف 12 شباط/فبراير، أكدت منظمة "رؤية العالم" وهي منظمة دولية غير حكومية تهتم بشؤون الأطفال، أن 300 ألف طفل بعضهم لم يتجاوزوا سن السابعة جندوا حول العالم عام 2019، خاصة في الدول الإفريقية الفقيرة واستخدموا في مهمات عسكرية ولوجستية كمقاتلين وحمالين وحتى عبيد جنسيين وجواسيس.
وأكدت منظمة اليونيسف في تقرير لها بعنوان "ضائع في الوطن" أن عدد الأطفال النازحين داخل بلادهم خلال عام 2019 وبعضهم منذ سنوات، بلغ حوالي 19 مليون طفل وهم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بفيروس كورونا، وقد نزح 3.8 مليون طفل بسبب النزاعات المسلحة والعنف و8.2 مليون بسبب الكوارث الناتجة عن التغيرات المناخية.
وذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عام 2018 في تقارير للجمعيات الحقوقية حول العالم، أن 37 مليون طفل مشردين حول العالم، وأن السنوات القليلة الماضية شهدت ارتفاعاً في أعداد الأطفال غير المصحوبين، ولفت التقرير إلى تعرض الأطفال الذين يعبرون الحدود لخطر الاحتجاز والعنف والاستغلال، بالإضافة لحرمانهم من الحصول على الخدمات الضرورية كالتعليم والرعاية الصحية.
وأكد أيضاً أن 27% من الأشخاص الذين لجأوا إلى أوروبا هم من الأطفال، وأن 10 آلاف طفل من الأطفال اللاجئين غير المصحوبين قد فُقد آثرهم في أوروبا ويعتقد أن 5 آلاف منهم اختفوا في إيطاليا تحديداً.
 
أيام دولية تعنى بحماية الطفل
للاعتراف بمعاناة الأطفال خلال النزاعات والحروب أعلنت الجمعية العامة عام 1982 أن الرابع من حزيران/يونيو من كل عام بوصفه اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء، والغرض منه هو الاعتراف بمعاناة الأطفال من ضحايا سوء المعاملة البدنية والعقلية والنفسية في جميع أنحاء العالم، ويعتمد عملها على اتفاقية حقوق الطفل.
كما أن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 توفر المخطط العام لضمان أفضل مستقبل للأطفال، حيث خصص الهدف السادس عشر من أهدافها لإنهاء جميع أشكال العنف ضد الأطفال ووضع حد لأشكال الإساءة تجاههم ومنع استغلالهم.
كما استحدث الاتحاد النسائي الديمقراطي الدولي اليوم العالمي لحماية الأطفال في الأول من حزيران/يونيو وذلك منذ عام 1950، رداً على الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق الأطفال في أوقات النزاعات.
ولتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمالة الأطفال في العالم وتعزيزاً للجهود الهادفة للقضاء عليها، قامت منظمة العمل الدولية باستحداث اليوم العالمي لمكافحة عمل الطفل في يوم 12 حزيران/يونيو من كل عام منذ عام 2002، فقد وثقت المنظمة ما يقارب 218 مليون طفل يعانون من مشقة العمل في جميع القطاعات المختلفة، ويتعرض أكثر من نصفهم لأسوأ أشكال العمل كالعمل في بيئات خطيرة أو الرق وغير من أشكال العمل القسري.
ويأتي اليوم العالمي للطفلة الذي أعلنته الأمم المتحدة في 11 تشرين الأول/أكتوبر ويتم الاحتفال به منذ عام 2012، لدعم الأولويات الأساسية من أجل حماية حقوق الفتيات وتحقيق المزيد من الفرص لبناء حياة أفضل لهن، بالإضافة للسعي لزيادة الوعي تجاه عدم المساواة الموجه ضد الفتيات في جميع أنحاء العالم، ودعم حقهن في التعليم والتغذية والحقوق القانونية والقضاء على زواج الأطفال والزواج المبكر.