الصحفيات السودانيات تعانين من الإقصاء والتمييز في العمل

أكدت سكرتيرة النوع بنقابة الصحفيين السودانيين لبنى عبد الله أن الصحفيات تعانين من الإقصاء إذ لا تتم معاملتهن مثل زملائهن الرجال خلال العمل.

ميساء القاضي

الخرطوم ـ انتخبت الصحفية لبنى عبد الله مؤخراً ضمن نقابة الصحفيين لتكون على رأس سكرتارية النوع بعد أن تم ترشيحها من قبل (كيان الصحفيات) الذي أسسته لدعم الصحفيات والدفاع عن حقوقهن.

حول أوضاع الصحفيات في السودان قالت لوكالتنا الصحفية لبنى عبد الله "اكتشفنا من خلال دراسة قمنا بها أن الصحفيات لا يتم انتدابهن للسفر خارج البلاد مثل زملائهن الرجال ولا يتم تحفيزهن. واحدة من الأشياء المؤسفة أنه حتى الآن لا تزال هناك صحفيات تتقاضين أجوراً زهيدة، بالرغم من أن معظم الإعلاميات داخل الإذاعات وقنوات التلفزيون تعملن منذ ما يقارب عشرين عاماً" مضيفةً أنها ستعمل من خلال وجودها في سكرتارية النوع على خلق وضع أفضل لهن.

 

أوضاع صعبة

بحثت لبنى عبد الله كثيراً عن أوضاع الصحفيات والإقصاء والتمييز الذي تتعرضن له وانتهاك الحقوق ففي عام 2011 أجرت ورفيقاتها دراسة لمعرفة أوضاع الصحفيات في السودان كانت نتيجتها أنه في تاريخ الصحافة السودانية تقلدت أربعة صحفيات فقط منصب رئيسة التحرير، وعملت 12 صحفية فقط كرئيسات أقسام داخل الصحف المختلفة التي يبلغ عدد الأقسام فيها آنذاك 147 قسماً.

وأشارت إلى أن "التحدي الأساسي للصحفيات هو نشر الوعي بالحقوق والعمل على تحقيق المساواة والعدالة وصناعة قياديات ويجب أن يكون صوتنا عالياً ونكون في المقدمة لأننا نستحق ذلك".

فكرت لبنى عبد الله بعد ذلك في إنشاء جسم لدعم الصحفيات وأوضحت الظروف التي ولد فيها الكيان "كنا في ورشة عمل حول العنف ضد الإعلاميات، وفي اليوم الأخير من الورشة اكتشفنا أن كل هذه المشاكل التي تواجهنا كصحفيات بسبب عدم وجود جسم يحمينا فقررنا من داخل الورشة تكوين جسم يمثلنا، فعقدنا أول اجتماع للصحفيات وطلبنا منهن أن تقوم كل واحدة بنشر الفكرة داخل المؤسسة التي تعملن بها، وقررنا حصر عضويتنا وتعاونت الصحفيات، لكننا كنا نفتقر للخبرة والتجربة، لم يكن لدينا مال كافي وكنا ندفع مبلغ بسيط لتسيير العمل".

ولفتت إلى أن أبرز التحديات التي واجهتها عزوف الصحفيات عن العمل العام "كان هناك تخوف من العمل العام وهذا نتاج عدم التدريب وعدم الخبرة، كنا ندعو للاجتماع من مجموعة مكونة من  200 ويكون الحضور 30 فقط أو 20 وهذا جعل التجربة محصورة على عدد محدود في المكتب التنفيذي وليس كل المكتب، لذلك نركز الآن في النقابة على تشجيع الصحفيات لولوج العمل العام حتى تكون هناك قياديات في النقابة والعمل العام".

 

ضعف الإمكانيات

وتحدثت لبنى عبد الله عن مشروع بدأ بتنفيذه "كيان الصحفيات" لدعم الصحفيات العاطلات عن العمل لكنه لم يكتمل بسبب ضعف الإمكانيات "أعلنا عن كيان الصحفيات في مؤتمر صحفي، ونسبة لتفاقم ظاهرة البطالة وسط الصحفيات فكرنا في إجراء تحقيقات نوعية وبيعها لمؤسسات صحفية لمعالجة هذه المشكلة، وبدأنا في تنفيذ 3 تحقيقات لكن وقف شح المال وضعف الإمكانيات كانت عائقاً أمامنا لأن إنتاج التحقيق الجيد حتى نتمكن من بيعه كان يكلف الكثير".

وأضافت "لم يكن لدينا المال الكافي لتوفير مبلغ لوصول الصحفيات لأماكن إجراء التحقيقات وتوفير وجبات لهن وأوضاع الصحفيات المادية كانت صعبة أيضاً، فتوقف المشروع وأتمنى من خلال النقابة أن نستطيع المواصلة فيه وتمكين الصحفيات من العمل المستقل".

ولفتت إلى أن "كيان الصحفيات ما زال موجود لكنني تنازلت عن منصبي لكوني في سكرتارية النوع الاجتماعي ولكني سأكون داعمة لهن ولغيرهن من الأجسام".

 

الطريق إلى النقابة

وبينت لبنى عبد الله أنها لم تكن متحمسة للترشح لمجلس النقابة في البداية لأسباب كثيرة لكن ثقة الصحفيات فيها ودعمهن لها جعلها تقرر خوض التجربة، مشيرةً إلى أن النقابة جاءت بعد مخاض عسير صاحبه صراعات بين الأجسام والصحفيين وخلاف في وجهات النظر وخلافات أيدولوجية "واجهت انتقادات من المجموعات التي خالفتها الرأي وتحولت لمشاكل، كانت موجعة لأنها أتت من زملاء وأصدقاء مقربين لكنها منحتني ثقة أكثر في نفسي وجعلتني أقوى، وقد اتخذت قراراً وقتها بعدم الترشح في النقابة وأن أبقى في كيان الصحفيات لأطالب مع زميلاتي بحقوقي وحقوقهن لكن رأت زميلاتي أن ذلك سيضيع الحق أكثر وأن وجودي في الكيان سيحميهن وبعد اجتماعات كثيرة قمت بالترشح".

وأوضحت أنه "كنت آخر شخص قدم أوراقه للترشح في آخر ساعة ولم تكن في حساباتي الخسارة والمكسب لأن خوض التجربة الديمقراطية مكسب حتى في حالة الخسارة، وبدعم الزميلات اللواتي أنشأن مجموعة على واتساب أسمينها (دعم لبنى في النقابة) جئت في المرتبة الثامنة من حيث عدد الأصوات بـ 243 صوت، وقد علمت أن سكرتارية النوع لا توجد في كثير من الدول وأنشأناها في السودان وهذا أعطاني دافع وقوة وتحفيز".

وفي ختام حديثها قالت لبنى عبد الله إنها "سعيدة كون مجهودي منذ عام 2016 أثمر بوجود جسم يحمي حقوق الصحفيات وكان هناك الكثير من التعاون من قبل المكتب التنفيذي داخل النقابة، وستلعب سكرتارية النوع الاجتماعي دوراً كبيراً في تحسين أوضاع الصحفيات والإعلاميات، ونرغب في التوسع أكثر والجلوس مع كل إعلامية وصحفية، لذلك ستكون هناك جلسات نقاش مفتوحة لتقريب المسافات، فبمساعدة الزميلات والاستماع لهن نستطيع وضع خطة لتعزيز أوضاعنا والمساهمة في التحول الديمقراطي".