العراق ينهي تمييزاً تاريخياً ضد الغجر "هوية وطنية بدون إشارة"
عانى الغجر سنوات عديدة من الاضطهاد والتمييز بوسم كلمة غجر على اوراقهم الثوبتية، لكن الحكومة العراقية انهت هذا التمييز من خلال منحهم بطاقات وطنية بدون الإشارة لأصولهم
مركز الأخبار ـ .
أصول الغجر
تعود أصول الغجر إلى شبه الجزيرة الهندية ودلتا السند بمدينة كراتشي في باكستان، ومن هناك هاجروا إلى مختلف دول العالم وخاصة الشرق الأوسط، عرفوا بشكل عام بكثرة تنقلهم بين البلدان، ولم يستوطنوا مكاناً محدداً حتى أواخر السبعينات.
واختلفت تسمياتهم باختلاف لغات الشعوب التي خالطوها، ففي فرنسا يطلق عليهم "جيتان" وفي اسبانيا "بسكاي" وفي روسيا "جد" وفي إيران "زانكي" وفي انكلترا وأمريكا "جبسي"، وفي مصر يسمونهم "غجر" وفي الشام "نور" وفي شمال حلب وشرقها "القرباط" وفي أوروبا الشرقية كرومانيا ويوغسلافيا وبلغاريا فيطلق عليهم "التسيكان" أما في العراق فيعرفون بـ "الكاولية" ويطلق عليهم في الموصل وشمالها "القرج"، ويشكلون أقلية عرقية في البلاد يتراوح عددهم بين 50 ـ 200 ألف نسمة.
الاضطهاد والتمييز
عانى الغجر من الاضطهاد والتهميش والتمييز العنصري من قبل المجتمع والسلطات عبر تاريخهم، والتي تمثلت بحملات التهجير والطرد والاعتقال والقتل وأخيرها الإقصاء الاجتماعي مما سبب في انتشار الفقر والبطالة والأمية وحرمانهم من الخدمات العامة.
وشكل منحهم الجنسية العراقية عام 1979 نقلة نوعية في حياتهم وساهم بشكل أساسي في استقرارهم وإنهاء الترحال المستمر، لكن الأوراق الرسمية حملت وسم "غجر" التي كانت كفيلة بالتمييز ضدهم فيما يتعلق بالعمل والدراسة والتملك وعقود البيع والشراء.
ولا يمكن انكار هذه الخطوة التي مكنت الغجر من الاندماج بالمجتمع العراقي ومؤسساته والتزم الشبان بتأدية الخدمة العسكرية الإلزامية، ومنحوا حق التعليم والرواتب وبنت لهم التجمعات السكنية سعياً لمشاركتهم في بناء المجتمع.
وكانت الإشارة التي وضعت على وثائق الغجر مخالفة للدستور العراقي لأن الدستور يجرم أي إشارة عنصرية أو تمييز بين العراقيين على اساس اللون أو العرق أو الدين أو المذهب.
لكن بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003 وانتشار الميليشيات في البلاد تعرض الغجر لهجمات انتقامية خاصة من الميليشيات الطائفية والمتشددة خصوصاً أن الغجر عملوا في مهن كالغناء والرقص.
كان الاسوأ عام 2004 عندما دمرت قريتهم في جنوب شرق بغداد على يد ما يسمى بجيش المهدي "تنظيم عراقي شيعي مسلح أسسه مقتدى الصدر في أواخر عام 2003" ودمرت عدة قرى أخرى، وهاجمهم مسلحون تابعون لعشائر مجاورة لهم بحجة أنهم لا يملكون نظاماً اخلاقياً.
إنهاء التمييز التاريخي ضد الغجر
أنهت الوزارة الداخلية العراقية التمييز التاريخي ضد الغجر بمنحهم في نيسان/أبريل 2019 بطاقة وطنية موحدة دون إشارة إلى كونهم غجر كما كان في السابق، وبذلك تم رفع الإشارة السابقة عنهم في أوراقهم الثبوتية كلمة "غجر"، ومنحوا بطاقة كالتي يتمتع بها بقية المواطنين العراقيين.
مهن الغجر
مارس الغجر مهنة الحدادة وصناعة الأسلحة والبنادق والخناجر وبعض المهن البدائية كصناعة الاسنان الذهبية والفضية وصناعة قدور النحاس، كما امتازوا بالصناعات المعدنية والخشبية وصناعة الحلي والتزيين بالأحجار الكريمة وتدريب الخيول وممارسة طقوس السحر والشعوذة والتنجيم وقراءة الطالع، إلى جانب العزف على الآلات الموسيقية والرقص والغناء.
وعرفوا فيما بعد بممارسة التسول نتيجة لظروفهم الصعبة بعد إقصائهم عن ممارسة الرقص والغناء التي كانت مصدر الدخل بالنسبة لهم.
ويسكن الغجر في تجمعات سكانية معزولة على أطراف المدن والبلدات العراقية، وينتشرون في بغداد، البصرة، نينوى، والموصل، إضافة إلى بعض القرى في سهول جنوب العراق في المثنى والديوانية، وتعد كنعان أحدى مدن محافظة ديالى أهم موطن للغجر في العراق.