"النساء المهاجرات في ليبيا: الهجرة العادلة والآمنة"... أولى نشاطات منظمة نوازي
أكدت حنين بوشوشة أن الهدف من منظمة نوازي هو تفكيك التابوهات الموجودة في المجتمع حول مصطلح "النوع الاجتماعي"، من خلال وضع خطط استراتيجية خاصة بالنساء مستقبلاً
ابتسام اغفير
بنغازي ـ ، بعد تراجع كبير في مكتسباتهن، وكانت أول نشاطاتها دورة بعنوان "النساء المهاجرات في ليبيا: الهجرة العادلة والآمنة".
تعد ليبيا منطقة عبور للمهاجرات الأفريقيات، لكن هذه المنطقة ليست آمنة بتاتاً فهن يتعرضن لعدد من الانتهاكات الجنسية، والجسدية، والنفسية، واحتجازهن في مراكز دون مراعاة لإنسانيتهن، ومن جانب آخر هناك كثير من النساء اللاتي هاجرن من ليبيا إلى دول الجوار وبعض الدول الأوروبية بعد الثورة الليبية عام 2011، وحتى وإن لم يفصحن بشكل مباشر عن أنهن مهاجرات إلا أن ما مررن به على مدى تلك السنوات أتضح إنهن مهاجرات يبحثن عن الأمان ولقمة العيش، وينظر المجتمع الليبي نظرة سلبية على هؤلاء النساء.
وعلى أثر ذلك أطلقت منظمة نوازي لدراسات النوع الاجتماعي، وكانت أول نشاطاتها دورة تدريبية بعنوان "النساء المهاجرات في ليبيا: الهجرة العادلة والآمنة".
وعن تأسيس منظمة نوازي لدراسات النوع الاجتماعي تقول رئيستها حنين بوشوشة لوكالتنا "لاحظنا كباحثات في مجال النوع الاجتماعي وجود تراجع كبير في مكتسبات حقوق المرأة بصفة عامة، وهذا التراجع يظهر في أجهزة الدولة أو من خلال الممارسة اليومية في الحياة العامة، لذلك قررنا العمل على ضبط مفهوم النوع الاجتماعي وإعادة انتاجه بشكل جديد من خلال ورش العمل والبرامج المباشرة والالتقاء في الندوات المعنية في هذا المجال، وتم اشهار المنظمة من خلال مفوضية المجتمع المدني في بنغازي بداية عام 2021، وهي منظمة غير ربحية".
وعن سبب تسمية المنظمة باسم نوازي لأن المفردة تختلف في اللغة العربية عنها في اللهجة الليبية حيث تعني "نختار"، قالت "لأن لها بعدين الأول البعد الثقافي المتصل بالهوية الثقافية الليبية للسيدة الليبية في المجتمع الليبي وهو نوع من أنواع الحلي ترتديه النساء للزينة على الشعر وهو واحد رغم اختلاف الثقافات سواء في الشرق أو الغرب أو الجنوب، وسواء أكانوا عرب أم امازيغ أم تبو، أم طوارق، والمعني الثاني هو المعنى الدارج باللهجة الليبية "نوازي يعني نختار"، لهذا السبب وقع الاختيار عليها بعد عدة تسميات؛ لأنه لديها علاقة بإرثنا الثقافي الخاص بالنساء إلى جانب المعنى اختار".
وأكدت حنين بوشوشة على أن المنظمة تهدف إلى تفكيك التابوهات الموجودة في المجتمع حول مصطلح "النوع الاجتماعي"، من خلال وضع قاعدة لضبط هذا المفهوم وتكون مرتكز أساسي تبنى عليها البرامج والخطط الاستراتيجية الخاصة بالمرأة مستقبلاً.
وأشارت إلى أن المنتسبين إليها هم من الجنسين رجال ونساء لديهم ذات الاهتمام، ومتفقين على ذات الأهداف، وهم من مختلف المدن الليبية، وهي من أهم الركائز بالنسبة لنا كمنظمة بأن نجمع مختلف الثقافات الموجودة داخل ليبيا، هذا التنوع هو الغنى الحقيقي لأي مؤسسة، ويمدنا بصورة أخرى لأبعاد ثقافية واجتماعية داخل المجتمع الليبي في تلك المناطق.
وأضافت "المنظمة تعمل حالياً على مشروع (النساء المهاجرات في ليبيا: الهجرة العادلة والأمنة) بالشراكة مع مؤسسة فريدريش ايبرت/ليبيا، خاصة أن هذا الموضوع جاء بالتزامن مع التطورات الأخيرة الحاصلة في ليبيا بخصوص الهجرة غير النظامية، فكانت الفكرة أن نتحدث عن الهجرة الدولية بشكل عام وتداعياتها على النوع الاجتماعي؛ لأنه النساء هن الأكثر ضرراً في هذه الرحلة".
وعن مشروع النساء المهاجرات في ليبيا أوضحت "يقوم المشروع على ركيزتين الأولى هي عقد مجموعة من ورش العمل تكون عبر المنصة الالكترونية، ترتكز على ثلاث محاور في كل يوم، وتستمر لمدة يومين حيث يغطي المحور الأول تداعيات الهجرة وابعادها، ومفهوم الهجرة بصفة عامة وتوضيح الجهود الدولية المبذولة لحماية المهاجرين، ومن المناقشات مع المشاركين في ورشات العمل يتم صياغة توصيات تخرج من خلال النقاشات الموضوعية بيننا وبين المشاركين، ويتناول المحور الثاني مناقشة مفهوم تأنيث الهجرة، وأيضاً الربط بين أهداف التنمية المستدامة، والهجرة، كما تطرقنا إلى الشق القانوني المتعلق بالهجرة غير النظامية وتاريخ القوانين المتعاقبة، لمعالجة هذه الظاهرة في ليبيا تحديداً، وناقشنا علاقة الاتجار بالبشر والجريمة العابرة بظاهرة الهجرة غير النظامية. والشق الآخر هو عقد ندوة، بخصوص الهجرة بمفهومها العام سواء أكانت الهجرة غير النظامية، وستعقد ندوة عن حقوق العمال المهاجرين في نهاية المشروع".
وفيما يتعلق بمشاريع المنظمة الحالية بينت "من أهم المشاريع التي نعمل عليها حالياً هو مشروع انتاج سرد نسوي لتعزيز العدالة الجندرية أو النوعية من خلال البود كاست، وسوف يكون من 13 حلقة، بمعدل حلقة أسبوعياً أو أسبوعين، لنتطرق إلى هذه العدالة في جوهرها، بإزالة المفاضلة بين الجنسين برغم اختلاف ادوارهم وصفاتهم في المجتمع".
وعن التغيير الذي طرأ على المرأة الليبية بعد عام 2011 قالت "من الناحية التاريخية الحراك النسوي مر بعدة مراحل وفي كل مرحلة لها رائداتها، فهو قد بدأ في اربعينيات وخمسينيات القرن الماضي وكان له رائدته مثل خديجة الجهمي، حميدة العنيزي، زعيمة الباروني، وخلال فترة الستينيات والسبعينيات، كان هناك حراك نسوي كبير في ليبيا من خلال الجمعيات والمنظمات مثل جمعية النهضة التي كان لها تأثير كبير داخل المجتمع الليبي فكان دخول النساء بصفة عامة للتعليم من خلال هذا الحراك، ولا ننسى أن دولة ليبيا كانت أول دولة على مستوى المنطقة العربية تعين امرأة قاضية عام 1989، ولكن وعلى الرغم من أن البعض قال أن هذا التعيين كان لأغراض سياسة إلا أن هذا استحقاق من خلال عمل المرأة في مختلف المجالات".
وأكدت رئيسة منظمة نوازي لدراسات النوع الاجتماعي حنين بوشوشة في ختام حديثها "الحراك النسوي المدني قد نشط في الفترة الأخيرة على الرغم من بعض الاغتيالات، وبعض العنف السياسي الذي مورس على النساء بصفة خاصة، إضافة إلى العنف الالكتروني، لكن رغم ذلك الحراك شهد تسارع وإنتاج نخب نسوية على الصعد كافة سواء أكانت قانونية، أو سياسية، وحتى اقتصادية، وثقافية، ولكن هذا الحراك يحتاج إلى حاضنة أكبر، ربما في الحكومة المقبلة أو البرلمان القادم نوع من الاعتناء بهذه النخب النسوية ويكون لها دور في رسم السياسات الخاصة بالنساء، خاصة بعد فترة النزاعات والصراعات التي مرت بها ليبيا خلال عشر السنوات الماضية وهذا يحتاج إلى علاج وعدالة انتقالية، ولابد أن يكون للمرأة دور كبير فيه، فكما يقولون أينما وجد نزاع ستكون المرأة جزء من الحل".