النضال النسوي في الريف تنعكس نتائجه على العادات والتقاليد

دار المرأة في الريف خلال مسيرتها حطمت الكثير من المفاهيم الذكورية، وتمكنت من تغيير الكثير من العادات والتقاليد البالية.

سيلفا الإبراهيم  

منبج - خاضت دار المرأة في ريف مدينة منبج بشمال وشرق سوريا أشواطاً كبيرة في تغيير مفهوم المجتمع بأن حل قضاياه بيد وجهاء العشائر وحدهم بعيداً عن المؤسسات المعنية بتحقيق العدالة أو إشراك المرأة في الحل، بعد أن أثبتت دار المرأة قدرتها على حل الكثير من القضايا وإنصاف طرفي الدعوة.    

تبذل دار المرأة في مدينة منبج قصارى جهدها لحل قضايا المرأة، ولتخفيف العبء عن دار المرأة الكائن في المدينة افتتحت الدار لجان للمرأة في نواحي المدينة وهي ثلاثة فروع كل فرع يحمل على عاتقه حل قضايا الناحية بالكامل مع القرى التي تتبع لها.

 

أكثر من مئة قرية

الإدارية في دار المرأة التي هي إحدى لجان تجمع نساء زنوبيا في ناحية الفارات بمدينة منبج فاطمة الخليل تحدثت عن حاجة المنطقة لافتتاح لجنة للمرأة "افتتحنا دار المرأة في عام 2018 وكان خط الفارات بحاجة لافتتاح دار للمرأة خاص به لتخفيف ضغط القضايا والشكاوى على دار المرأة في المدينة"، ويشمل خط الفارات 75 قرية وخط المحترق 65 قرية وجميع القضايا والشكاوى الواردة من هذه القرى تتم إحالتها إلى دار المرأة في خط الفارات.

 

القضايا التي كان يحلها وجهاء العشائر باتت تحلها لجان المرأة  

وأما عن نوعية القضايا التي ترد إليهم كمجتمع ريفي قالت "أغلب القضايا التي ترد إلينا هي تداعيات زواج القاصرات كالعنف والطلاق والخلاف بين الزوجين والخلاف مع عائلة الزوج"، وعن مدى تقبل المجتمع للجنة بينت أنها تعتبر مكان الحل على وجه الخصوص كونها تدار بكادر نسائي، مضيفةً "افتتحنا فرع لدار المرأة في الريف وواجهتنا العديد من الصعوبات كون مجتمعات الريف يغلبها طابع عشائري فمعظم القضايا كانت تحل عن طريق وجهاء وشيوخ العشائر ولكن كان هناك عدم إنصاف للمرأة، وبعد افتتاح دار المرأة لفرعها في الفارات وحل الكثير من القضايا دون اللجوء إلى المسائلة القانونية ومجالس العدالة، وإدراك المرأة بأن في هذا المكان تحفظ حقوقها، أصبحت دار المرأة مقصداً لحل جميع المشاكل الاجتماعية سواء كان المدعي رجل أو امرأة، وهذا ما زرع الثقة بين أفراد المجتمع ليؤمنوا بأن هذه الدار مكان لصنع الحل وإنصاف الطرفين دون الانحياز لأي طرف".

 

يكثفون جلسات مع المدعين لحلها بأبسط الأساليب ولتجنب رفعها لمجلس العدالة الاجتماعية

وأشارت إلى طرق حل المشاكل الاجتماعية بالقول "عندما ترد إلينا قضية اجتماعية ما نعود إلى جذور المشكلة لوضع حل جذري لها حتى لو تطلب الأمر منا مبادرة لزيارة منزل المدعي لمعرفة حقيقة المشكلة لوضع لها الحل، وهذا ما يعزز الثقة بيننا وبين أفراد المجتمع".

أما بالنسبة للقضايا التي لم تحل في دار المرأة بينت أنها تحول إلى دار المرأة في المدينة "في المدينة يتم التحويل لمجلس العدالة الاجتماعية والعدالة بدورها تأخذ مجراها، ولكن بقدر الإمكان نحاول حل القضايا محلياً في لجنة الصلح للجنة المرأة من خلال جلسات النقاشات التي تبحث عن حلول ترضي الطرفين وتنصفهما".  

 

لجان المرأة لا تنحاز للمرأة بل للحق

تقول الناطقة باسم تجمع نساء زنوبيا في خط الفارات غرب مدينة منبج أمينة جراح عن لجنة الصلح وطبيعة عملها وطرق تعاملهم مع القضايا المجتمعية "مع تأسيس فرع لدار المرأة في خط الفارات انبثقت منه لجنة الصلح والتي تُعنى بحل القضايا التي تخص المرأة والمشاكل الاجتماعية"، مضيفةً "الكثير من الأهالي ظنوا بأن لجنة المرأة تنحاز لطرف المرأة كونها تحمل اسمها ولكن تغيرت نظرتهم فيما بعد حول هذا الأمر، فبدورنا كلجنة المرأة  ننصف الطرفين بحيث نحافظ على حقوق المرأة وليس الانحياز إلى طرفها، وجميع القرارات التي نتخذها تكون بحيادية تامة، وبذلك تقبل المجتمع عملنا ومنحنا ثقته بعد حل الكثير من القضايا التي انصف فيها الطرفان"، مشددةً على أن "بعض الشكاوى يقدمها رجال وهذا أمر مهم أننا اكتسبنا ثقة الرجال أيضاً فقد وصلنا لمستوى استطعنا فيه إبراز دورنا كنساء لحل قضايا المجتمع ويكون الرجل فيها مؤمن بإرادة وقدرة المرأة على حلها فنعتبر هذا الأمر نصراً مجتمعياً لنا".   

 

المبادرة لحل قضايا المجتمع تعزز الثقة بين لجان المرأة والمجتمع

أما بالنسبة للمشاكل والقضايا التي تبادر المرأة لحلها تطرقت أمينة جراح إلى أن "كعضوات وإداريات في دار المرأة نحن جزء من هذا المجتمع الريفي لذلك نبادر لحل عدد من القضايا دون تقديم شكوى تأكيد على أن دار المرأة تسعى نحو تحقيق الأفضل للمجتمع ولسنا كمؤسسة دولتية تتعالى على المجتمع وتحمل فكراً سلطوياً".

وأكدت "نحمل على عاتقنا خدمة هذا المجتمع وحل قضاياه والرقي بواقعنا والدفع به نحو الأفضل بكافة الطرق والوسائل التي تدعم ذلك".

وترى أمينة الجراح أن القرى التي تحل قضاياها في لجنة المرأة يتغير مفهوم سكانها حول قدرة المرأة في قيادة المجتمع، مشيرةً إلى إحدى القضايا التي وردت إليهم والتي حاولت فيها عائلة الفتاة إجبارها على الطلاق من زوجها، وإثناء منعها من حضور جلستها في دار المرأة، بادرت العضوات وذهبن إلى منزل عائلتها لحل تلك القضية دون الوصول للطلاق.

وبينت أنه "بعد جلسة نقاش مع كبار العائلة استطعنا إعادة الفتاة إلى بيت زوجها، والشيء المثير للاهتمام بأن تلك القرية وتلك العائلة على وجه الخصوص باتوا يكنون اهتماماً لدار المرأة كونها حلت القضية دون اللجوء لمجلس العدالة والدخول في مسائلات قانونية وقضائية، فمبادرتنا لزيارة العائلة أكدت أننا لسنا سلطة تستقبل الشكاوى وتوقع على بعض الأوراق بل إننا سند لجميع النساء".

وفي ختام حديثها أكدت أن دار المرأة تسعى لترسيخ مفهوم الحياة الندية الحرة والمساواة والعدل بين الجنسين لبناء مجتمع ديمقراطي أخلاقي حر خالي من التعصب الجنسوي.