النائبة نشوى الديب: ميزان العدل يحكم مواد قانون الأسرة الجديد

آلام النساء الباحثات عن العدالة لا تحصى خاصة إذا ما اقترن الأمر بالطلاق، فعدد ليس بالقليل من الرجال ينفصلون كلياً عن أسرهم، متخلصين من عبء الإنفاق وتربية الأطفال، وهو ما يفاقم من حجم معاناة النساء.

أسماء فتحي

القاهرة ـ يسيطر الحديث عن قانون الأحوال الشخصية على المشهد في الداخل المحلي المصري وبات على رأس مختلف النقاشات خاصة تلك المعنية بالأسرة المصرية، وأصبح قانون الأحوال الشخصية وما يرتكب بأسمة من جرائم أودت بآلاف الأسر محط اهتمام جميع المعنيين بالمجتمع المدني والنسوي منه على وجه التحديد.

رغم أن واقع المرأة مؤخراً معقد للغاية وقاسي إلى حد كبير، إلا أن معاناة الأطفال في الواقع أعمق بكثير، ففي ظل أجواء المشاحنة بين الرجل والمرأة الذين قررا الانفصال وخوض غمار المحاكم تسقط حقوق الأطفال وتجوب تائهة بين أب قرر التخلي الكامل بل والانتقام في بعض الأحيان وأم شاحبة من التجوال في دهاليز المحاكم محملة بآلاف الأعباء على كاهلها ما بين النفسي والمادي.

ولا يأبه أحد لوضعية أسرة ما بعد الطلاق وقد لا يفكرون في ضرورة أن تصبح سوية من أجل جيل جديد يحمل نتاج تلك العلاقات ليست في الذاكرة فقط بل وفي تكوينه مما يجعلها ملهمة ومؤثرة على أسر المستقبل التي سيديرها هؤلاء التائهون في محاكم الأسرة، وهو الأمر الذي جعل من إقرار قانون عادل للأسرة ضرورة ملحة من أجل حماية أسرة المستقبل وأطفال اليوم والتأسيس لحياة سوية يحكمها قانون عادل قائم على المساواة متخلصاً من أعراف المجتمع وتقاليده وأجنداته البالية التي لا تلبي احتياجات العصر الحالي وتطلعات أفراده.

 

قانون أسرة عادل داخل البرلمان

قالت عضو مجلس النواب مستقل النائبة نشوى الديب، والتي حملت على عاتقها تقديم مشروع قانون الأسرة لمجلس النواب، أنها تمكنت من الحصول على نحو 60 توقيع بالموافقة من نواب البرلمان وهو الأمر الذي مكن من إدخال مشروع القانون استعداداً لمناقشته بعد انتهاء الشق الإجرائي.

ولفتت إلى أن مشروع القانون الجديد يسعى لإقرار حقوق جميع أفراد الأسرة بشكل عام "طفل وزوج وزوجة"، أو أسرة ما بعد الطلاق مستنداً لميزان العدالة قدر المستطاع بما يقلل من الأزمات التي تقع على كاهل الأسرة وتجعل أفرادها لا يتمكنون من مواصلة الحياة بشكل سوي ومتزن.

وأوضحت أن الحكومة عندما قررت عمل قانون اتجهت نحو التوازن إلى حد كبير في أغلب المؤشرات التي خرجت حوله حتى اليوم، ولكن في النهاية لم تخرج المواد كاملة ليتم على أساسها قياس منطق العدالة، مشيرةً إلى أن هناك حاجة لوضع مصلحة الأسرة أساس لكل الأفكار لإدارة حقوق جميع الأفراد وعلى رأسها الأطفال.

وعن التصريحات الواردة من وزير العدل قالت إنها تشير إلى أن مشروع القانون سيطرح للحوار المجتمعي قبل تقديمه لمجلس النواب ليشارك به جميع فئات الشعب، والمتوقع أن البرلمان أيضاً سيطرحه للحوار، مؤكدةً على أن هذه الخطوة والتنوع في النقاش سيؤثر إيجاباً، معتبرةً أن أصحاب الوجع هم من يستطيعون التعبير عن واقع معاناتهم وأزماتهم.

واعتبرت أن الحوار المجتمعي لن يأتي فقط بمزيد من المكاسب لتلبية احتياجات ومطالب المتضررين لكنه أيضاً سيكون مجالاً لتوعية المواطنين بمواده، معتبرةً أن الفترة التي ستلي صدور القانون ستحتاج لعمل دؤوب من مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب لتوعية المجتمع بالقانون نفسه.

 

ميزان العدل يحكم مواد القانون المقدم لمجلس النواب

يرى عدد ليس بالقليل من المعنيين بقضايا المرأة المصرية أن قانون الأسرة الموجه لمجلس النواب يرثي دعائم العدالة ويعيد بناء الأسرة التي عانت من أزمات متعددة الأبعاد خلال الفترة الأخيرة وعلى رأسها العنف.

وأوضحت عدد من المواد التي تضمنها مشروع القانون المقدم لمجلس النواب والتي استدلت بها على مدى ما سيتم تحقيقه من عدالة لجميع أفراد الأسرة ومنها مناقشة بعض النصوص الغير متوفرة في القانون الحالي كشروط وثيقة الزواج المذيلة بالصيغة التنفيذية التي تضمن اتفاق كامل على تفاصيل الحياة بعد الزواج.

وأوضحت عدد من المواد التي تضمنها مشروع القانون المقدم لمجلس النواب والتي استدلت بها على مدى ما سيتم تحقيقه من عدالة لجميع أفراد الأسرة ومنها مناقشة بعض النصوص الغير متوفرة في القانون الحالي، مؤكدةً على أنه من حق المرأة أن تشترط في وثيقة الزواج اقتسام الثروة وهو ما يجعل الشروط الموضوعة ميثاق يحول دون وصول الزوجين مستقبلاً للتقاضي.

وأضافت أن القانون غير معني بالمرأة وحسب، ففيما يتعلق بالحضانة على سبيل المثال تم وضع الأب في المرتبة الثانية بعدما كان في مرحلة متأخرة ليصبح له الحق بعد الأم في الاحتفاظ بالأطفال.

واستكمالاً للعدالة أشارت إلى أن مشروع القانون الجديد يدعم حق المرأة في الزواج بعد الطلاق مع الاحتفاظ بالأطفال، مؤكدةً على أن الزواج يتم بسبل تحايلية تهدر حقوق النساء الخائفات على فقد أطفالهن، معتبرةً أن الأمر يمكن ضبطه من خلال لجنة يتم تشكيلها لبحث مدى ملائمة البيئة الجديدة التي سيحيى بها الطفل ومن ثم يقرر بقاؤه مع الأم أو نقل حضانته للأب.

وأوضحت أن طرح القانون بالمواد المقدمة سيعيد صياغة الأسرة كاملة ويساهم في إعطاء القيمة والكرامة لها سواء أثناء الزواج أو بعد الانفصال، لأنه يطرح سبل تربية الطفل في أسرة سوية بلا تمييز بين أفرادها من خلال الولاية المشتركة بين الأم والأب وكذلك إدارة الأسرة نفسها وهو سيساهم في إخراج جيل سوي يحترم بعضه البعض بلا تفضيل أو تحقير يستند للنوع الاجتماعي بل سيساهم كذلك في تراجع معدل العنف الأسري.