المؤسسات النسوية... عام من العمل الدؤوب من أجل إقرار قوانين تحمي النساء

مجموعة من الأزمات المركبة كانت محور عمل المجتمع خلال العام الماضي وتحديداً النسوي منه، وفي مقدمتها قانون الأحوال الشخصية وملف العنف وما تتعرض له النساء من انتهاكات.

أسماء فتحي

القاهرة ـ خلال عام مضى تطور عمل المجتمع المدني بشكل ملحوظ في القضايا المتعلقة بالمرأة، وعلى وجه التحديد المؤسسات النسوية، ومر نحو عام من تصاعد وتيرة الملف بشكل عام، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله وأعبائه على مناخ التفاعل مع الأحداث خاصة بعد سلسلة الانتهاكات التي تعرضت لها الفتيات في الشوارع مؤخراً.

خلال محاولة رصد واقع المؤسسات النسوية على مدار عام لمست وكالتنا جانب من العمل الدؤوب من أجل إقرار مجموعة من القوانين لحماية النساء، وترسيخ القناعة بمدى فاعليتها وتأثيرها على الثقافة الذكورية السائدة من خلال فتح سلسلة نقاشات حوارية حول هذه الآثار وواقعية قدرتها على التغيير الجذري مع المعنيين والمهتمين بالملف.

 

مجالات عمل المؤسسات النسوية في 2022

تعددت مجالات عمل المؤسسات النسوية خلال العام الماضي ولكنها جميعاً استهدفت دعم دور النساء وقدراتهن وتمكينهن لمواجهة ما تتعرضن له من تحديات وانتهاكات.

وقالت الناشطة النسوية وخبيرة النوع الاجتماعي نفيسة الصباغ إن "المؤسسات النسوية عملت خلال عام على استكمال مسيرتها الهادفة لتقديم الدعم النفسي والقانوني، فضلاً عن الاهتمام بتمكين النساء اقتصادياً باعتباره المكون الأساسي لاستقلاليتهن ومساعدتهن في اتخاذ القرارات المختلفة دون تردد أو خوف".

وأضافت "عدد من المؤسسات النسوية أيضاً حرصت على توجيه جهودها نحو المجال الصحي مستهدفة وصول الخدمات الصحية للنساء بشكل آمن، وتوفير مناخ يحميهن أثناء الحصول على الخدمة الطبية"، لافتةً إلى أن "حماية النساء من العنف الأسري والتحرش نالت مساحة كبيرة من الزخم والاهتمام من مختلف المؤسسات التي سعت للحد من تلك الجرائم في المجتمع".

 

القانون وتعديلاته واحد من مجالات العمل التي اتفقت المؤسسات على فاعليتها

خلال فترة صعبة تعالت فيها صرخات النساء من الانتهاكات وراحت العديد منهن ضحايا التعديات العلنية في الشوارع، ظهر إخفاق ما هو قائم من قوانين في ردع مرتكبي هذا النوع من الجرائم وهو الأمر الذي عملت المؤسسات النسوية بدأب شديد على معالجته والتفاعل معه سواء في المطالبة بتفعيل بعض القوانين وتنفيذها بصرامة أو وضع أخرى جديدة تلبي الاحتياج القائم.

وأكدت على أن "عدد ليس بالقليل من المؤسسات النسوية وجهت اهتماماتها خلال العام الماضي نحو العمل على إقرار قوانين رادعة تحمي النساء وتساعدهن في الخلاص من الاعتداءات والعنف الممارس عليهن في أسرهن أو المجال العام من أجل مستقبل آمن وأكثر استقراراً".

وأوضحت نفيسة الصباغ أن المؤسسات النسوية سعت من أجل دعم حق النساء في قانون متكامل لتجريم كل أشكال العنف الواقع على المرأة، لافتةً إلى أن تلك المساعي والجهود لم ينتج عنها حتى الآن إصدار قانون أو مناقشته رسمياً.

وعبرت أن الخطة التي أتت بثمارها نسبياً تمثلت في العمل من أجل إقرار قانون جديد للأحوال الشخصية أكثر عدالة للأسرة المصرية وهو الأمر الذي تزامن مع رغبة الإرادة السياسية في ذلك مما جعل الوضع أقرب لإصدار قانون به قدر أكبر من الإنصاف للنساء.

 

تقييم أداء المؤسسات النسوية خلال عام

الوقوف على أهم مسارات عمل المؤسسات النسوية يتبعه قدر من تقييم الأداء خاصة إن كان الأمر مرتبط بعام كثرت خلاله الأحداث ومساحات الخلل التي عانت الفتيات والنساء من تبعاتها داخل أسرهن وخارجها بفعل الثقافة الذكورية التي تسعى جاهدة نحو الهيمنة والسيطرة وتكبيل خطوات كل امرأة تسعى للتحرر منها.

وترى نفيسة الصباغ أن التمييز ضد النساء مستمر ولم يتوقف للحظة سواء في مصر أو مختلف أنحاء العالم، مشيرةً إلى أن المؤسسات النسوية نفسها بحاجة للعمل على تطوير أدواتها لتتمكن من التأثير بشكل أكبر على العالم.

ولفتت إلى أن طريق عمل المؤسسات النسوية مازال طويلاً وعدد ليس بالقليل منها مع الوقت والخبرة والتطور ينضج، ومنها أيضاً من يحدث له عكس ذلك فيتكلس، مؤكدةً على أن "تلك المرحلة خطرة وتضع المؤسسات في موقف مصيري فإما أن تعود لعجلة التطوير والنهوض أو سينتهي أمرها ويتم تصعيد جيل جديد أكثر قدرة على مواكبة الواقع والتعاطي معه".

 

ملفات ضَعُفَ تأثير المؤسسات النسوية بها

وأوضحت نفيسة الصباغ أن "هناك مناطق يغيب عن المهتمين بالملف العمل عليها ومنها تلك البعيدة عن العاصمة وعادة ما تكون الأكثر فقراً وتهميشاً، وتكمن الأزمة في ذلك كون الفئات التي تقطنها متأثرة بالأفكار والثقافة الذكورية المسيطرة والمهيمنة وتغيير أوضاعهم عادة ما يكون الأصعب، كما أنهم بحاجة لمدة زمنية طويلة ومستدامة لإحداث التغيير المرجو".

وأضافت "واحد من الملفات التي تحتاج لعمل أكثر من القائم تتمثل في مساحة أمان النساء في أماكن العمل من الاعتداءات الجنسية والتحرش، وهي مساحة لم يتم العمل عليها بشكل جيد ومستدام حتى الآن رغم كونها تمس كل امرأة في مصر والظروف الحالية تسمح بفتح باب العمل عليها وإعطاؤها قدر أكبر من الجهد والاهتمام".

وعن الملفات التي مازالت بحاجة لعمل أكبر من القائم، تقول "تتمثل في العنف المنزلي رغم أن مساحة النجاح به كبيرة كونه محط اهتمام ونقاش الدوائر الرسمية والبرلمان مؤخراً وبات هناك توجه نحو العمل على مناهضته، فضلاً عن إدراك المؤسسات الرسمية لحجم التكلفة المالية التي تتحملها الحكومة والأسر بشكل مباشر أو غير مباشر بسببه".

 

ما تحتاجه المؤسسات النسوية والنساء من أجل مستقبل أفضل

أوضحت نفيسة الصباغ أن المؤسسات النسوية والمجتمع المدني بشكل عام بحاجة لتعديل القانون الحالي من أجل واقع أفضل يسهل به العمل والتعاطي مع احتياجات النساء.

وأكدت على أن بعض المؤسسات بحاجة لتطوير مهاراتها وأدواتها الداخلية وامتلاكها قدرة أفضل على الإدارة، فضلاً عن تمكنها من وضع الدراسات المالية والتخطيط الاستراتيجي الخاص بها بالإضافة لمهارات التشبيك، أما النساء فينقصهن الكثير بحسب موقعهن الجغرافي واحتياجاتهن المتنوعة المتعلقة بمستوى تعليمهن وترتيب قدرتهن على التأثير في محيطهن الضيق والعام، إلا أنهن جميعاً ترغبن في وجود مكان آمن تلجأن له حال وقوعهن في أزمة تستدعي ذلك.

وفي ختام حديثها قالت الناشطة النسوية وخبيرة النوع الاجتماعي نفيسة الصباغ أن تلبية احتياجات النساء ودعمهن يتطلب تشبيك وتعاون تكاملي بين المؤسسات المختلفة ليتمكنوا من الإحالة فيما بينهم بما يخدم مصالح من يستعن بها.