المجتمع يحاول تغيير مفهوم المساواة لتضييع دور المرأة

المساواة بين الجنسين جزء من القوانين والمواثيق الدولية، وتسعى العديد من المجتمعات في العالم لتحقيقها، لدفع عجلة التطور نحو الأمام.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ على الرغم من الكم الهائل من القوانين والاتفاقيات، إلا أن المرأة في ليبيا تعاني من القوانين المجحفة التي يصدرها المجتمع بغية تكبيلها ومنعها من أخذ دورها في البلاد.

أكدت المستشارة القانونية ورئيس منظمة قيادات ليبيا من أجل السلام والتنمية هند الجريبي على أن مفهوم المساواة يجب أن ينطوي تحته المساواة في الحريات والحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص، وهذه الحقوق قد ضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية وميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ما تضمنته اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979.

وأشارت أن ليبيا قد وقعت على هذه الاتفاقية لكنها تحفظت على بعض بنودها التي رأت أنها مخالفة لأعراف المجتمع الليبي منها الميراث والحضانة والعلاقات الزوجية، وفي الفترة الماضية حدثت إشكالات كبير حول هذه الاتفاقية حيث يرى المجتمع أن المرأة لديها من الخصوصية ما يكفي لذلك لا يسمح بإعطائها الحرية المطلقة، على الرغم من مطالبة النساء في ليبيا بحقوقهن في التمكين الاقتصادي والسياسي وتولي مناصب في صنع القرار.

وذكرت أن القانون في البلاد قد ضمن أحقية المرأة في العمل من خلال القانون رقم 12 لعام 2010، وقانون الأحوال الشخصية لسنة 1984، وتعديلاته رقم "14" لسنة 2015، ضمنت هذه القوانين وغيرها حقوق كثيرة للمرأة، إلا أن هناك اعتراضات كبيرة من قبل الذهنية الذكورية على هذه المطالب التي تراها مخالفة لأعراف المجتمع التي ترى أن الولاية والقوامة هي من حق الرجل فقط، وليس مسموح للمرأة أن تكون رئيساً للدولة أو حتى أن تتولى مناصب في القضاء.

ونوهت هند الجريبي أن ليبيا لديها العديد من الاتفاقيات الدولية بخصوص المساواة، ولكن العائق لتنفيذها هو العائق الاجتماعي الذي لا يتفهم مناداة المرأة بهذا الحق، فعلى الرغم من أن النساء في ليبيا يطالبن بحقوقهن المشروعة إلا أنهن يساء فهمهن، ويقال إن المرأة تطالب بالحريات المطلقة كي تقوم بما تشاء في مجتمع محافظ.

وأكدت أن المرأة في ليبيا تسعى للتغيير والمساهمة في دفع عجلة التنمية، وإبراز دورها الحقيقي في المجتمع بغض النظر عن الفكر الذي يحاول تكبيلها وهي في طريقها لتحقيق العدالة ونيل حقوقها وحريتها، وأضافت أن الأصوات المنادية بعدم منح المرأة حريتها تدعي أن المرأة سوف تخرج عن العادات والتقاليد ولن تحترم دينها وسوف تمارس الرذيلة عندما تنالها، لذلك يجب أن تكون هناك توعية شاملة للمجتمع حتى تنال المرأة حريتها.

ولفتت لوجود سوء فهم كبير في الشارع الليبي تجاه مفهوم المساواة، فعلى سبيل المثال في حال تم اعتقال المرأة فأنها تعامل بعنف وينتهك حقها، وعندما تطلب بأن يتم احترامها يقال لها هكذا يتم معاملة الرجل أليس هذه هي المساواة التي تطالبن بها، نظرة بعض الرجال للمساواة هي أن تهان المرأة ويتم اعتقالها وهذا أمر غير صحيح بتاتاً، وقد شاعت في المجتمع سياسة الكيل بمكيالين في معاملة المرأة.

وأضافت أنه يجب أن يتم توعية الأمهات حتى لا يرسخ في أذهان أبنائهن تحجيم دور المرأة وأنها لابد أن تكون تحت مظلته، فالتربية الجيدة هي التي تنبع من الأم التي تقوم بتوعية الأبناء بأهمية دور المرأة في المجتمع، ولابد أن تكون مساوية للرجل في الحقوق والواجبات والحريات.

وأوضحت بأن المجتمع يفضل أن يرى المرأة في نمط معين فعلى سبيل المثال يفضل أن تعمل المرأة في مجال التعليم فقط، فهو يرى أنه المكان المناسب لها، وفي الوقت ذاته يتذمر من استحواذ النساء على هذه المهنة، فكم من فتاة درست تخصصاً جامعياً وكان لديها طموح إلا أن المجتمع أجبرها أن تكون في مجال يناسب أفكاره تجاه المرأة.

وعن خوض المرأة في مختلف مجالات العمل وقيادتها للسيارة هي أمور مازال المجتمع لا يتقبلها، بحجة أنها تتنافى مع التربية الاجتماعية، ولا يرى أن المرأة تملك مسؤوليات وبحاجة للقيام بأمور حياتها بنفسها حتى مع وجود الرجل، وأضافت أن المجتمع لازال يحاول كسر عزيمة المرأة من أجل المحافظة على الهيمنة الذكورية، ويصر على عدم منحها حريتها، ولا يحق لها أن تطالب بحقوقها، لذلك يجب تفعيل القانون في ليبيا وتفعيل الأجهزة المختلفة.

وأكدت أنه عندما تتنازل المرأة عن حقها بالإكراه سوف تكون محطمة وغير قادرة على تربية أبنائها بشكل سليم لأنها سوف تصبح امرأة ضعيفة وهشة ومسلوبة الإرادة، وهذا ينعكس على تربية الفتيات تحديداً حيث زاد زواج القاصرات لأن الأمهات لم يحققن طموحهن في الحياة العملية واكتفين بالزواج الذي ينصحن بناتهن به.

وفي ختام حديثها قالت "انصافاً للمرأة التي تحملت الحرب والنزوح والتهجير والأزمات الاقتصادية المتتالية، يجب احترامها وتقديرها فهي امرأة قوية قادرة على تحقيق المستحيل وصنع مستقبل للوطن".

 

 

من جانبها أكدت مدربة التنمية وتطوير الذات وفض النزاعات منى بو عريقيب العوامي "إن المرأة أفضل من الرجل لأن لديها ميزات أفضل منه، فهي تستطيع تولى المناصب ولكن الرجل يقف عثرة في طريقها.

ولفتت أنه لكل امرأة أهداف تتطلع للحصول عليها، فهناك من تتطلع لتولي مناصب قيادية، وهناك من تتطلع لأن تكون أم جيدة لأطفال ناجحين مستقبلاً، ولكن الشيء المشترك الذي تحتاجه المرأة بصفة عامة هو الوعي المتمثل في البحث عن ماهية شيء قد يقفدها ماهية كونها امرأة، وغالباً ما نسمع مصطلح المسئوليات جعلتها "مسترجلة"، ومن يقول ذلك هو يعاني قلة الوعي، فلن تكون المرأة مسترجلة حتى لو كان لديها مسئوليات كبيرة لأنها قادرة على تحملها وأن تبدع في أي مجال.