'المهاجرون من إفريقيا يعيشون أوضاعاً صعبة في تونس'
أثار تحذير الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخراً من مؤامرة لتوطين الأفارقة، الجدل الواسع حيث نددت المنظمات النسوية والحقوقية من عواقب البيان الرئاسي الذي وصف بـ "الغير مسؤول".
زهور المشرقي
تونس ـ اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن خطاب الرئيس التونسي، يحوي على الكثير من العنصرية والكراهية، في وقت تغاضت فيه الحكومة عن مصادقتها على المعاهدات الدولية والترسانة القانونية الدولية.
يستمر تحذير المنظمات الحقوقية والجمعيات النسوية في تونس من عواقب خطابات الكراهية والعنصرية ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الذين قدموا إلى تونس، مؤكدةً أن 200 ألف شخص من هؤلاء المهاجرين لن تؤثر على التركيبة الديمغرافية لـ 12 مليون تونسي.
واستنكرت الجمعيات النسوية خطاب السلطة تجاه المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، مؤكدةً أن النساء والأطفال هم الأكثر تضرراً من موجة الحقد والكراهية الشعبية المنتشرة مؤخراً والتي سينتج عنها موجة عنف غير مسبوقة، واعتبرت النسويات أن الحملة المنادية بطردهم مخيفة ومريبة خاصة وأنها جاءت في سياق مفاجئ.
ونددت الناشطة الحقوقية والمحامية سارة عبد الله بلحاج، بموجات الكره والكراهية تجاه أي عرق أو لون أو انتماء، مؤكدةً أن تونس تُرحب بكل الجنسيات القادمة بشكل قانوني، مشيرةً إلى أن المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء توافدوا على تونس بشكل مضاعف خلال السنوات الأخيرة في ظروف غامضة وهو أمر مريب يجب الانتباه له.
وأشارت إلى أن أغلب الوافدين بطرق غير نظامية قدموا من بلدان لا تعيش صراعات قبلية ولا حروب ولا أزمات اقتصادية أو إنسانية بل العكس تماماً، حيث أن أغلبهم من الكوت يفوار "ساحل العاج" البلد المستقر اقتصادياً، وهو ما يثير الاستغراب والتساؤلات، لافتةً إلى أن معظم هؤلاء الوافدين يستقرون في أحياء شعبية على غرار محافظة صفاقس بالجنوب التونسي ومحافظة أريانة بالعاصمة.
وأضافت "على الدول أن تنظم وتراقب طريقة دخول أي شخص البلاد في إطار القانون عبر إخضاعه لإجراءات محددة في الإقامة المؤقتة أو الدائمة، أو الإقامة المرتبطة بعقد عمل، حتى لا تقع في دوامة من فوضى دعاوي الكراهية والتحريض على العنف".
وأكدت على أن احترام الإنسان واجب على الجميع بغض النظر عن لونه أو عرقه أو دينه أو جنسيته "إننا كحقوقيون دورنا رصد المخالفات القانونية لهؤلاء فقط دون محاسبتهم، ونرفض الخطابات المحرضة على العنف أو طردهم ومعاملتهم معاملة سيئة، لدى تونس القانون عدد 50 لمناهضة التمييز العنصري، كما هناك جمعيات تونسية ودولية تدافع عنهم وتقدم لهم المساعدة القانونية والتأطير".
ودعت سارة بلحاج المنظمات الدولية والتونسية إلى مساعدة هؤلاء المهاجرين للاستقرار في بلدانهم وعدم تركهم وترك النساء خاصة ضمن مسلسل الاتجار بالبشر المستمر "أتساءل لماذا تلك المنظمات لم تتدخل لإنقاذهم من الخطر الذي ينتظرهم في تونس، هؤلاء يتم استعبادهم واستغلالهم في مهن شاقة وخارج إطار القانون التونسي".
وحول الحلول المقترحة لمساعدة المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء وخاصة النساء المهاجرات اللواتي تعانين ظروفاً صعبة وتعشن أوضاعاً مأساوية بلغت حد استغلالهن جنسياً واقتصادياً، ترى سارة بلحاج أن "البلاد مطالبة بإيجاد الحلول الواقعية وفق أفق إنسانية".
وعن الضرر الذي يمكن أن يسببه جنوب الصحراء للتونسيين، تقول "هذا الوجود غير القانوني قد يهدد السلم والأمن الاجتماعي، وكلما تابعنا الحملات التي قادوها عبر الدعوة لتأسيس جمعيات تشدد على الاستقرار الدائم في تونس".
وعن خطاب الكراهية الذي احتل مواقع التواصل الاجتماعي ومس جنوب الصحراويين، اعتبرت سارة بلحاج أنها ردة فعل طبيعية بعد حملات أدت إلى إصدار الرئاسة بيان لفه الغموض وتم فهمه بطرق مختلفة، محملة الدولة مسؤولية ذلك الغموض الذي قد يسهم في خلق البلبلة.
وأشارت إلى أن هناك تهاون من الحكومة أوصل البلاد والملف لهذا الانسداد، مؤكدةً أن المواطن لا يمكن أن يتحمل مسؤولية خطأ الحكومة والرسائل غير الواضحة.
وانتقدت تعاطي الحكومة مع موضوع الهجرة غير النظامية حتى في ملف هجرة التونسيين عبر قوارب الموت، لافتةً إلى أن الشباب/ات رموا بأنفسهم في البحر بحثاً عن حياة أفضل وتتحمل الحكومة مسؤوليتهم لاعتبارها لم تعمل على توفير العيش الكريم لهم إثناء بحثهم عن الهجرة بتلك الطرق "المسألة واحدة سواءً مهاجرين من جنوب الصحراء أو تونسيين رموا بأنفسهم في البحر بحثاً عن أمل جديد".
وعن الموقف الدولي من الحملة ضد المهاجرين جنوب الصحراء، برغم توقيع تونس منذ عقود على اتفاقيات دولية ومعاهدات تحمي المهاجرين، أكدت سارة بلحاج على أن "تونس لم تتنصل من تلك الاتفاقيات الدولية التي تحترمها وتسعى لتنفيذها وتحاول محاربة الخطابات الداعية للكراهية والعنصرية التي تجرمها، لكن تونس قد وضعت قوانين خاصة بدخول الأجنبي الى أراضيها يجب على الجميع احترامها لأن ذلك من سيادة البلاد".
وأوضحت في ختام حديثها "أريد التأكيد على أن الدول الأوروبية خاصةً ركزت منذ سنوات على موضوع المهاجرين في تونس، فهناك التصريحات الموثقة بفيديوهات من وزراء خارجية أجانب عبروا عن قلقهم كثيراً من الهجرة السلبية كما اسموها من أفريقيا ككل وتحدثوا مراراً عن طرق التعاطي معها وتوصلوا إلى حل مفاده وهو موثق عبر فيديو لوزير خارجية بلجيكا يقول فيه إن تونس قبلت استقبال المهاجرين غير النظاميين وأفضل مكان لهم تونس، هنا نطرح نقطة استفهام كبرى ونتساءل هل أمضت بلادنا على اتفاقية تلزمها بذلك وإن قامت بذلك فهي مطالبة باحترامها وتطبيقها، وإن لم تمضي من وراء هذ الملف الشائك، هل هناك ضغوطات أجنبية لتكون تونس سد منيع للهجرة غير النظامية، لا توجد حقائق ملموسة ولم تصرح أي جهة رسمية بوجود اتفاقية من عدمها".