المهاجرات بين صعوبات الرصد وفظاعة الانتهاكات

رغم صعوبات الرصد أكدت الشكاوى الواردة إلى المجتمع المدني المهتم بالحقوق والحريات في تونس استمرار فظاعة الانتهاكات ضد المهاجرات.

 نزيهة بوسعيدي

تونس ـ أصدر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بياناً حذر فيه من التطبيع مع انتهاكات حقوق الإنسان للمهاجرين/ات في تونس بناء على تصاعد حجم وعدد الشهادات الواردة عن نشطائه من إخلاء للخيام وممارسة العنف بإشكاله ضد المهاجرات.

في العدد العاشر من كراسات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي صدرت تحت عنوان "المهاجرات الإفريقيات من جنوب الصحراء في تقاطع الجندر والعنصر"، تم الكشف عن شهادات لبعض المهاجرات أكدن فيها تعرضهن لسوء المعاملة والتحرش وممارسات جنسية فظيعة.

حيث أكد الكراس العاشر في توصياته على أهمية دور الحركة النسوية بمشاريعها المتنوعة في القضاء على العنصرية واللامساواة واللاعدالة وذلك من خلال بث التوعية، فلنساء دور في التصدي للممارسات التمييزية وذلك بعدم التواطؤ مع الرجال الممثلين للرجولة المهيمنة بشكل واع وأحياناً بشكل غير واع، وعدم التواطؤ مع الأبوية العنصرية والعمل بدل ذلك على هيكلة النضال وتغيير منظومة العلاقات المبنية على القوة ومناهضة العنصرية المرتكزة على أسس فكرية وثقافة تمييزية مهيمنة.

وتقول غفران الفريجي ناشطة بجمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات "أنا مكلفة من قبل الجمعية بملف المهاجرين/ات والانتهاكات التي يتعرضون لها منذ خطاب رئيس تونس عام 2023، حيث تم تنظيم أكبر حملة ضد المهاجرين/ات، وتم تهجيرهم من ولاية صفاقس التي كانت معنية بدرجة أولى بهم، ونقلوا إلى منطقة ريفية تدعى العامرة، حيث لم يجدوا أي فرص للعمل أو الرعاية الصحية أو متابعة من أي طرف، بينما تونس ملزمة بمعاهدات دولية تجبرها على الحق في التعليم والصحة وتسوية الوضعية القانونية".

وأشارت إلى أنه حتى وأن لم تكن لديهم وثائق رسمية فإنه لا أحد في تونس له حقه في الاعتداء عليهم أو تهجيرهم بتلك الطريقة وسحلهم وجرهم عنوة من قبل قوات الأمن وفق ما تناقله الناشطون/ات في ولاية صفاقس، ونقلهم نقلة تعسفية إلى مناطق أخرى، لذلك اضطر الكثير منهم للعودة إلى الحدود ليلقوا حتفهم هناك.

وأكدت أنه "بحسب المعلومات حوالي 850 مهاجر/ة تم إحالتهم إلى القضاء وحرمانهم من الحق في معاملة عادلة وفي غياب الهوية يمكننا أن نتصور نوعية التهم التي يمكن أن تنسب إليهم وما هي مآلها، وهل تم الحكم عليهم بالسجن؟"

وأوضحت أن هناك وفد جديد من المهاجرين/ات من السودان متواجدين حالياً في منطقة البحيرة بالعاصمة ولم يجدوا أي حلول لتسوية أوضاعهم وهو ذات المعضلة التي يواجهها المهاجرين/ات من جنوب الصحراء.

وحول دور الجمعية في هذا الإطار قالت غفران الفريجي "في الجمعية لدينا خلية متابعة تقوم برصد وتوثيق الانتهاكات، وتقدم تقاريراً أو منشورات وفي حال وجود أمر طارئ نلفت إليه الأنظار ونقدم المساعدة القانونية للمهاجرين/ات"، مؤكدةً أن عملية الرصد ليست سهلة بسبب المعاملة السيئة التي قوبلوا بها مما جعل علاقتهم متوترة حتى مع السكان الأصليين، خاصة مع وجود أشخاص يحرضون ضدهم "أصبحوا يخشون الأهالي، فعندما يتكلمون معهم باللهجة التونسية ينتابهم الخوف والقلق حتى لو كان القصد تقديم يد المساعدة لهم".

وأشارت إلى غياب الوسطاء والناشطين في مجموعات المهاجرين/ات، الذين كانوا همزة وصل للتواصل معهم وتسهيل مهمة المجتمع المدني الذي يريد الاستماع إليهم وتقديم المساعدة لهم، مستذكرة في إحدى المقابلات مع مهاجرة كانت قد سألتها في حال تعرضت للتمييز لتجيب بأنهم طبعوا مع التمييز حتى أنها أصبحت تستغرب من المعاملة الجيدة.

وفي ختام حديثها قالت "هذه النقطة نعمل على تصحيحها كمدافعين/ات عن حقوق الإنسان حتى نبين أنه يوجد اختلاف بين الأهالي الذين تشبعوا بالخطاب الشعبوي القائم على التمييز العنصري وبين المدافعين/ات الذين همهم الوحيد مساعدة الأشخاص المحتاجين لها".