المغرب... مطالبات بتعديل القانون الجنائي والقضاء على التمييز

تجددت المطالبات الحقوقية بتعديل وحذف مجموعة من الفصول في القانون الجنائي المغربي، والتي تصفها الحقوقيات بالحاجز أمام الحريات الفردية.

حنان حارت

المغرب ـ طالبت ناشطات وحقوقيات بإعادة النظر في القوانين المغربية بما فيها القانون الجنائي الذي تمت صياغته في ستينيات القرن الماضي ولم تتم مراجعتها، وبالتالي لم يعد يتماشى مع التطورات الحاصلة في المجتمع.

ترى الحركة الحقوقية في المغرب أن القانون الجنائي بات أقدم النصوص المؤطرة لمنظومة العدالة الجنائية في البلاد، إذ صدر عام 1962 ودخل حيز التنفيذ عام 1963، لذا لابد من تعديله لتعزيز المزيد من الحريات الفردية وتكريس المساواة بين الجنسين، والدفاع عن حقوق الأقليات.

وأوضحت الناشطة الحقوقية ورئيسة "ائتلاف 490" نرجس بنعزو أن القانون الجنائي يحتاج إلى تعديلات فيما يتعلق بالحريات الفردية، "هناك فصول وبنود تميز بين الجنسين كما أنها تفرض خناقاً على الحريات والحقوق، منها الفصل 220 المتعلق بحرية المعتقد، والفصول 449 و450 و454 المجرمة للإجهاض".

وأشارت إلى أن القانون الجنائي تطغى عليه الصبغة الذكورية وفلسفة تقييد الحريات، ولا سيما الحريات الفردية "هناك مجموعة من الفصول التي تحد من حرية الأشخاص وتمنعهم من عيش حياتهم الشخصية بحرية، تلك الفصول لم تعد اليوم تتماشى مع روح الدستور المغربي، ولا سيما الفصل 24 الذي ينص على حماية الحياة الشخصية للأفراد، كما لا تتماشى مع مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب، لذا لابد من القطع مع بعض الفصول الجائرة التي لم يعد لها مكان داخل مجتمعاتنا".

ووصفت تلك القوانين بالتمييزية لافتةً إلى أن الطبقات الهشة هي الأكثر تضرراً على حد قولها، مشيرةً إلى أن الحركة النسائية والحقوقية تناضل منذ سنوات من أجل حذف عدد ليس بقليل من البنود والفصول من القانون الجنائي.

وفيما يتعلق بالفصول 449 ـ 450 ـ 454 التي تجرم عمليات الإجهاض ولا تبيحها بشروط، أوضحت أنه يتم تسجيل حوالي 400 ـ 800 عملية إجهاض يومياً "في ظل هذه النصوص القانونية المجرمة لعمليات الإجهاض التي تعتبر من حق المرأة اتخاذ قرار إجرائها من عدمه، هناك العديد من النساء تلجأن إليه بشكل سري غير آمن، وبالتالي فالأمر يطرح العديد من المشاكل وبالتالي تتعرض حياتهن للخطر والعديد من المضاعفات والتي تؤدي إلى الموت في أغلب الحالات كما حدث مع الطفلة مريم البالغة من العمر 12 عاماً، التي شغلت الرأي العام في الآونة الأخيرة".

فالقانون الجنائي المغربي يجرم الإجهاض ومن يُقدم على إجرائها سواءً كانت المرأة أو الطبيب والمرافقين لها يعاقبون بأقصى العقوبات، وقد تصل عقوبة الطبيب الذي ثبت إجراؤه عمليات الإجهاض السري بشكل متكرر للسجن 30 عاماً، كما أوضحت نرجس بنعزو.

وطالبت بمنح النساء حقهن في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصير أجسادهن، وأن يكون الإجهاض قانونياً في المستشفيات "للنساء الحق في الاحتفاظ بالحمل من عدمه".

وأكدت على أن الاستمرار في عدم تطبيق القوانين التي تحظر وتناهض زواج القاصرات والإفلات من العقاب عن طريق استغلال فجوات القانون الجنائي المغربي، خاصة مقتضيات الفصل 55 من القانون الجنائي الذي يفسح المجال أمام تنازل ضحايا الاعتداءات الجنسية عن الشكاوى في حالة تزويج الضحية من مغتصبها، يزيد من انتشار الظاهرة في المجتمع وانتهاك حقوق النساء والفتيات في البلاد.

وأضافت "لا نطالب بتعديل القانون الجنائي فحسب، بل نطالب كذلك بتعديل مدونة الأسرة، إن تزويج الفتيات وهن قاصرات اغتصاب للطفولة، في كل عام نصطدم بكم هائل من الملفات المتعلقة بزواج القاصرات التي تم إهمالها".

وأشارت إلى أنه "عندما تمت مراجعة مدونة الأسرة عام 2004، تم رفع سن الزواج لدى الفتيات من 15 عاماً إلى 18 عاماً، إلا أنه لا تزال هناك فجوة في القانون تمنح القاضي السلطة التقديرية في السماح بتزويج الفتيات اللواتي لم تبلغن الثامنة عشرة من العمر بعد، وهذا الاستثناء أضحى هو القاعدة، بحيث أن أغلب الطلبات تقريباً يتم قبولها".

وشددت على أنه بات من الضروري الخروج بترسانة قوانيين منسجمة مع دستور عام 2011، والمعاهدات الدولية والاتفاقيات التي صادق عليها المغرب في ظل التحولات والتطورات التي شهدتها البلاد.

وعن الحلول التي تراها كفيلة للخروج من الاعتبارات البالية تقول "يجب تكثيف الجهود لإيجاد حلول مناسبة، يجب أن تتم مقاربة حقوقية تضمن للنساء حقوقهن والاعتراف بهن كأفراد والخروج من التصور الأبوي الذي يطغى على القانون الحالي، ولا بد من توفير الحماية والإيواء المناسب للنساء اللواتي تتعرض للعنف".

ودعت إلى إصدار قانون جنائي جديد يهدف لتحقيق إصلاح شامل ومتناغم،"وفقاً للإحصائيات التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط فإن أكثر من 82 امرأة في المغرب تتعرض للعنف بجميع أشكاله على الأقل مرة واحدة في حياتهن، وهنا يتضح أن قانون مناهضة العنف ضد النساء الذي صدر عام 2018، لا يعد كافياً لحل تلك المشكلة والقضاء عليها وحماية النساء، لأنه يحمل مجموعة من الثغرات من ضمنها إثبات الجريمة والانتهاك والعنف".