المغرب... مدونة الأسرة لا تضمن حماية الزوجات المعنفات

تتطلع الهيئات الحقوقية والنسوية إلى صيغة جديدة من مدونة الأسرة تضمن حقوق النساء والأسر، وتضع حداً للاختلالات التي شابتها منذ صدورها سنة 2004.

رجاء خيرات

المغرب ـ يطرح الفصل المتعلق بإرجاع الزوجات المطرودات من بيت الزوجية العديد من الإشكالات، أهمها عدم التمكن من توفير الحماية والأمن لهن بعد إرجاعهن إلى بيوتهن، حيث تعترضن لشتى أنواع العنف وسوء المعاملة.

يعد الفصل 53 من مدونة الأسرة والذي ينص على إرجاع المطرود (ة) إلى بيت الزوجية من طرف النيابة العامة وتوفير الحماية والأمن من بين الفصول التي أظهرت العديد من الاختلالات الواضحة في مسطرة التطبيق، لا سيما مع عدم توفير الحماية اللازمة للزوجات المطرودات بعد إرجاعهن لبيت الزوجية، فللبيت حرمته ولا يسمح باقتحامه والوقوف على سوء المعاملة التي تتعرض لها أغلب الزوجات المطرودات.

وقالت المحامية بهيئة مراكش والناشطة الحقوقية خديجة أقبلي إن بعض الزوجات تطردن في أوضاع صعبة من بيت الزوجية من قبل الأزواج، وأحيانا في وقت متأخر من الليل، وهو ما يطرح مجموعة من الإشكالات المتعلقة بكيفية حمايتهن، عندما لا تجدن ملجأ يحتمين فيه، وإرجاعهن إلى بيت الزوجية مع توفير سبل الأمن والحماية، كما تنص مدونة الأسرة على ذلك في المادة 53 منها.

وأشارت إلى أن قانون الأسرة يمنح الزوجة المطرودة إمكانية وضع شكوى لدى نائب وكيل الملك في نفس اليوم من طردها، وهذا الأخير يعطي تعليماته للمصالح الأمنية (الشرطة أو الدرك الملكي حسب مكان تواجدها) لإرجاع الزوجة المطرودة إلى بيت الزوجية تحت طائلة الاعتقال، أي أن الزوج يعتقل في حال رفض الامتثال لأمر إرجاع زوجته إلى بيتها.

وأكدت أن الأمر يعود بعدة إشكالات حول توفير الحماية لهذه الزوجة التي يتم إرجاعها بالقوة، من بينها أن دور النيابة العامة ينتهي بمجرد إعادة الزوجة إلى بيتها، أما ما يتعلق بحمايتها داخل البيت الذي طردت منه سابقاً، فلا يمكن بأية حال أن يتم الكشف عما تتعرض له هذه الزوجة أثناء رجوعها للبيت، حيث يمكن أن ينتقم منها الزوج الذي يعرضها لشتى أنواع العنف خاصة أنها عادت رغماً عنه بقوة القانون. مشيرة إلى أن النيابة العامة لا يمكنها ضمان حماية الزوجة داخل بيت الزوجية، لأن حرمة البيت تحول دون تدخل أية جهة كانت.

ولفتت إلى أن العديد من الأزواج لا يقبلون فكرة أن تعود الزوجة بالرغم عن رغبته بعدما قام بطردها، فيدخل في سلسلة من التحديات ويعرض زوجته للعنف من جديد، ما يجعل البيت الذي قاومت من أجل الرجوع إليه جحيماً بالنسبة إليها.

وبينت أنه بالنظر إلى العديد من الحالات الوافدة على المحاكم، فإن بعض الأزواج يمتنعون عن الإنفاق عن زوجاتهم، كما أن بعضهم يعرضون الزوجات للسب والشتم كنوع من الانتقام منهن، بعد أن لجأن للنيابة العامة وقدمن شكاياتهن للرجوع إلى البيت، ما يجعلهن يغادرن البيت طواعية.

وأكدت أن بعض الزوجات تتعرضن للقتل على يد الأزواج، خاصة إذا كانوا يتعاطون بعض أنواع المخدرات، ويرفضون رفضاً باتاً إرجاع الزوجة بالرغم عنهم، وهو ما يطرح إشكالاً حقيقياً بالنسبة لحماية الزوجة من طرف النيابة العامة.

وفي حال تعرضت الزوجة للعنف بعد رجوعها، تقول خديجة أقبلي ينبغي أن تتبع مسطرة أخرى خاصة بالعنف، وهي تقديم شكوى مرفوقة بشواهد طبية تثبت تعرضها للعنف.

وأشارت إلى أن الملفات الواردة أبانت عن وجود إكراهات وعوائق متعلقة بتطبيق المادة 53 من قانون الأسرة والتي قد يكون ضحيتها الزوج نفسه إذا ما تم طرده من قبل الزوجة، هي حالات معزولة نسبياً مقارنة بتلك التي تتعرض فيها الزوجات للطرد بسبب هشاشة وضعهن الاجتماعي.

ولفتت إلى عدم تحديد الجزاء الجنائي في حالة رفض أحد الأزواج إرجاع المطرود (ة) إلى بيت الزوجية، مثل الحالة التي يطرد فيها الزوج زوجته ويقوم بتغيير أقفال البيت ويغادر المنطقة إلى مكان مجهول.

وتنص المادة 53 من مدونة الأسرة المغربية على أنه "إذا قام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر، تدخلت النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية حالاً مع اتخاذ الإجراءات بأمنه وحمايته". 

وانتقدت عبارة "دون مبرر" الواردة في النص القانوني والتي تطرح إشكالاً حول ما إذا كانت هناك أسباب ومبررات لحالة الطرد تجعل النيابة العامة لا تتدخل.

وأوضحت أنه ليس هناك مؤسسات ومراكز للإيواء يمكنها استقبال الزوجات المطرودات من بيت الزوجية، في حال رفض الزوج إرجاع المطرودة إلى البيت أو تعذر تنفيذ أمر إرجاعها لأسباب كثيرة، مشيرة إلى صعوبة توفير ضمانات ترك الزوجة مع الطرف الآخر بعد إرجاعها، بالإضافة إلى صعوبة الالتزام بالتعهد المأخوذ على الزوج بعدم طردها من جديد أو تعريضها للعنف وسوء المعاملة. 

وحول مراجعة بنود مدونة الأسرة، قالت إن الهيئات الحقوقية والنسوية تتطلع بتفاؤل إلى صيغة جديدة تضمن حقوق النساء والأسر، وتضع حداً للاختلالات التي شابت مدونة الأسرة منذ صدورها في عام 2004.