المغرب... التطليق للشقاق منح المرأة بعض الحقوق لكنه زاد من نسب الطلاق

يعد التطليق للشقاق مكسباً حقوقياً للحركة النسائية في المغرب، حيث منح المرأة حق طلب الطلاق وإنهاء العلاقة الزوجية، على قدم المساواة مع الرجل، لكن مع ذلك لازالت تشوبه مجموعة من الاختلالات التي تطالب الحركة النسائية بتعديلها.

رجاء خيرات

المغرب ـ قبل صدور مدونة الأسرة في عام 2004، كان قانون الأحوال الشخصية هو المنظم لأحوال الأسرة في المغرب، حيث لم يكن مسموحاً للمرأة بأن تطلب الطلاق إلا عن طريق مسطرة الخلع التي تقتضي أن تمنح الزوج مقابلاً لكي يطلقها أو عن طريق طلب التطليق للضرر فيكون عليها إثبات هذا الضرر الذي يلحقه بها الزوج، مع الصعوبات التي تواجهها في ذلك.

ترى الناشطة الحقوقية والمحامية خديجة أقبلي أن التطليق للشقاق هو نوع من أنواع الطلاق يوقعه قاضي الأسرة، أي أنه يتم بحكم قضائي، وقد جاءت به مدونة الأسرة، منذ دخولها حيز التطبيق سنة 2004 من أجل تصحيح وضع سابق كانت تعاني فيه النساء، في ظل مدونة الأحوال الشخصية في عام 1993، من الإجحاف والظلم، خاصة بالنسبة للمتضررات منهن، حيث كن تفتقدن هذا الحق.

وأكدت أن النساء كن في السابق تتعرضن للعنف وسوء المعاملة من طرف الأزواج، لكنهن عندما تتقدمن بطلب الطلاق، يواجهن بضرورة تقديم أدلة الإثبات التي تظهر الضرر الذي تتعرضن له، وقد كانت مسطرة الطلاق حينها تأخذ سنوات من الانتظار، إلى حين تقديم وسائل تثبت تعرض المرأة للعنف وسوء المعاملة، في حين أنه اليوم، ومع إنشاء خلايا للعنف، سواء لدى مصالح الأمن (الشرطة) أو في المستشفيات أو في المحاكم، فإن هذه الخلايا تقوم بتتبع الحالات الوافدة عليها، خاصة إذا تقدمت المرأة المعنية بشكوى مرفقة بشهادة طبية تثبت عجزاً يفوق 21 يوماً، حيث تلقى شكواها صدى لدى المصالح المختصة، ما يستوجب أحياناً اعتقال الزوج المعنف.

وأشارت إلى أنه بناءً على الشكوى المقدمة فإن النيابة العامة تعطي تعليماتها بتحريك الدعوى والقيام ببحث للوقوف على سوء المعاملة والعنف اللذين تتعرض لهما الزوجة، وهو ما لم يكن متوفراً من قبل، حيث كان يطلب من المشتكية التي تلجأ للمحكمة وتتقدم بمحضر يثبت صحة ما تدعيه، وهو الأمر الذي لم يكن متاحاً بسبب صعوبة ولوج الشرطة للبيوت من أجل إثبات ذلك مع استحالة إيجاد شهود عيان.

وأوضحت أنه "حتى الشهود من الجيران الذين يسمعون صراخ وأنين الزوجة المشتكية كل يوم، يمتنعون عن الإدلاء بشهادتهم كنوع من الإثبات، لتجنبهم المشاكل، خاصة في حالة وقع الصلح بين الزوجين، ما يضعهم في موقف حرج أمام الزوج المعنف، وبالتالي فإن إثبات الضرر والحصول على الطلاق كان شبه مستحيل بالنسبة للنساء المتضررات، خاصة وأن المحكمة تشترط وجود محضر معاينة منجز من طرف الشرطة حول ما تتعرض له الزوجة".

وأضافت أن النساء كن تلجأن لأنواع أخرى من الطلاق للحصول على حق إنهاء حياتهن الزوجية كالتطليق لعدم الإنفاق مثلاً، حيث تتقدم الزوجة بطلب التطليق لأن الزوج لا ينفق عليها،  إلا أن هذا التطليق كذلك قد لا يتم في حال سدد الزوج المبلغ المتراكم عليه في مدة تحددها المحكمة في شهر واحد، وبالتالي يتم إسقاط الدعوى، وقد يضطر الزوج لتسديد المبالغ فقط حتى يفند ادعاءات الزوجة ويجبرها على الاستمرار في علاقة زوجية لم تعد ترغب فيها.

وحول أهمية التطليق للشقاق أشارت إلى أنه يعتبر متنفساً حقيقياً للنساء اللواتي اخترن إنهاء حياتهن الزوجية، حيث يتقدمن بطلب التطليق، مع تقديم الأسباب التي دفعتهن لذلك لكن بدون تقديم إثباتات، حيث يكتفي القاضي من خلال جلسات الصلح بين الزوجين بمناقشة حيثيات الخلاف المقدمة مع الطرفين.

كما بينت أن الطلاق للشقاق قد يجمع بين كل الأسباب سالفة الذكر كعدم الإنفاق والعنف وسوء المعاملة وعدم الاحترام، والخيانة الزوجية أو إهمال الأسرة وغيرها من الأسباب التي تنظر فيها المحكمة وقد تأخذها بعين الاعتبار إذا تبين لها وجود ضرر على المشتكية لتحكم بالتطليق للشقاق.

وحول الأسباب التي تدعو النساء لطلب التطليق للشقاق، أكدت أن بعضهن تعملن وتعلن أسرهن، حين يمتنع الزوج عن الإنفاق، وأحياناً تجبر الزوجة على دفع مبالغ مالية لكي يصرفها على نفسه، مما يدفعها لطلب التطليق للشقاق، بعد أن تكون قد ضاقت ذرعاً من سلوكياته تجاهها وتجاه أبنائه.

وأشارت إلى أن الحركة النسوية تعترض على التطليق للشقاق، بسبب ارتفاع نسب الطلاق بين صفوف المتزوجين منذ تطبيق مدونة الأسرة سنة 2004، حيث كشفت وزارة العدل أن عدد حالات الطلاق بلغ مجموعها 26957 حالة سنة 2021، و التي احتل فيها التطليق للشقاق النسبة الأكبر، وكذلك الطلاق الاتفاقي بحكم تنامي الوعي لدى الأزواج بالحق في إنهاء العلاقة الزوجية على قدم المساواة.

واعتبرت أن مسطرة الشقاق وضعت بهدف حل النزاعات الزوجية ومنح الزوجة حق طلب الطلاق، على قدم المساواة مع الزوج، كما أنها ترمي إلى إصلاح ذات البين بين الزوجين وليس لفك ارتباط الزوجية، حيث أن المشرع المغربي لم يأمل في أن يوسع من دائرة التطليق بين الأزواج، بل لحماية الأسرة من التفكك وإعطاء فرصة للزوجين من أجل الصلح، حيث تكون هناك وسائل مثل الوساطة الأسرية من أجل التدخل لحل النزاعات بينهم.