المغرب... اغتصاب طالبات يعيد النقاش حول الاعتداءات الجنسية على القاصرات
دعت نسويات وحقوقيات في المغرب إلى تشديد العقوبات لوضع حد لجرائم الاعتداء الجنسي التي تطال التلميذات في المؤسسات التعليمية على يد بعض المدرسين.
حنان حارت
المغرب ـ شهدت الساحة المغربية حالات اعتداء جنسي طالت تلميذات قام بها معلمين مستغلين سلطتهم، في ظل غياب العقوبات الرادعة وخوف الضحايا من الحديث أو الاستعانة بالقضاء.
استدرج مدرس للغة الفرنسية في إحدى المدارس بالدار البيضاء في المغرب تلميذات بعضهن لم تتجاوز أعمارهن الـ 18 عاماً لمنزل أُعد للدعارة، ليعتدي عليهن جنسياً، مستعيناً في ذلك بعدد من الأشخاص لالتقاط بعض الصور لهن وتصوير مقاطع فيديو دون علم الضحايا ودون موافقتهن لتهديدهن فيما بعد.
وقد سبق أن وقعت في المدرسة ذاتها جريمة اغتصاب أخرى، قام بها أستاذ مادة الفلسفة لينتج عنها حمل وإجبار الضحية على الإجهاض مرتين، وبالرغم من الأحكام المشددة في هذه الحالات، إلا أن ظاهرة الاعتداء الجنسي على الطفلات لا زالت تتكرر بين فترة وأخرى، فماهي الحلول الكفيلة من أجل التصدي لهذه الجرائم؟
تشير الإحصائيات الرسمية التي كشف عنها التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لسنة 2023، إلى وجود أرقام خطيرة بخصوص التحرش الجنسي بالتلاميذ/ات، إذ بينت أن 9% من طالبات السنة السادسة ابتدائي و17% من طالبات السنة الثالثة إعدادي كن ضحايا التحرش الجنسي من طرف زملائهن، و8% و13% على التوالي، كن ضحايا التحرش الجنسي من قبل مدرسيهن، مقابل 7% و11% صرحن بتعرضهن للتحرش الجنسي.
وعن تفشي ظاهرة التحرش الجنسي في المدارس قالت المحامية وديعة عماري إن "ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال بات يحتم البحث عن حلول كفيلة لمواجهة تناميها التي تطال أحياناً حتى التلاميذ من قبل بعض المنتسبين للأسرة التعليمية"، معرفةً الاعتداء الجنسي على الأطفال بأنه كل فعل يقوم به شخص راشد أو حدث من أجل استغلال هذه الفئة، وذلك إما بلمس المناطق الحساسة أو بالاعتداء والممارسة الجنسية بدون رضاهم ويكون بالتخويف والترهيب.
وحول ما ينص عليه القانون المغربي فيما يتعلق بجرائم الاعتداء الجنسي على القاصرين/ات، قالت إن "ظاهرة الاعتداء على التلميذات من طرف الأطر التربوية تعد الأخطر من بين أشكال العنف"، لافتةً إلى أن هناك عقوبات تطال المعتدين منصوص عليها في الفصلين 480 و485، والفصل 484 من القانون الجنائي المغربي ينص على أنه يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، كل من هتك من دون عنف أو حاول هتك عرض قاصر يقل عمره عن 15 سنة سواء كان ذكراً أو أنثى.
وأشارت إلى أن الفصل 485 من القانون الجنائي المغربي، ينص على أنه يعاقب بالسجن من خمس إلى 10 سنوات، من هتك أو حاول هتك عرض شخص ذكراً كان أم أنثى مع استعمال العنف، وإذا كان المجني عليه قاصراً يقل عمره عن 15 سنة يعاقب الجاني بالسجن من 10 إلى 20 سنة، لافتةً إلى أن قانون 103/13 لمحاربة العنف ضد النساء يسن كذلك على عقوبات.
وأكدت وديعة عماري أنه بالرغم من تشديد العقوبات إلا أنه لم يتم الحد من جرائم الاعتداءات الجنسية على الأطفال "الأمر يتطلب تكثيف للجهود من كل الجهات لوضع حد لانتشار هذه الظاهرة".
واستدلت ببعض الإحصائيات الرسمية التي كانت قد قدمتها النيابة العامة سنة 2022 واصفة إياها بـ "المقلقة والمخيفة"، وتقول "هناك 3098 ملف عرض على القضاء، والخطير في الأمر أن عدد الذكور الراشدين الذين قاموا بالاعتداء على الأطفال بلغ عددهم 3008، في حين يصل عدد الذكور الأحداث الذين مارسوا هذا العمل الشنيع 209، ومع الأسف مستقبلاً سيصبح هؤلاء يافعين وراشدين وسينضمون للراشدين وسيصبح العدد كبيراً، لهذا لابد من التفكير في حلول أكثر جدية".
وأضافت أنه بالرغم من تلك الأرقام إلا أنها لا تعبر عن الحقيقة "هناك حالات مسكوت عنها وهي الحالات التي تتعرض للاعتداء وترفض أسرها التبليغ، وبالتالي يمكننا أن نتخيل العدد الإجمالي، يجب كسر حاجر الصمت وتحريك مساطر المتابعة تجاه المعتدين، والتصريح عن هذه الجرائم سيوقف هذه الآفة عن التفشي لنحمي باقي الأطفال من التعرض للاعتداءات الجنسية".
وحول كيفية حماية الطفلات والأطفال قالت وديعة عماري "لابد من اتخاذ تدابير وقائية على مستوى المدارس وفتح باب للتوعية في السنوات الأولى للطفل، بإدراج مادة التربية الجنسية في المناهج التربوية، من أجل تعريف الطفل/ة بجنس/ها وخصوصيته/ا، وما هي المناطق الخاصة التي لا ينبغي لأحد أن يصل إليها، من أجل حماية التلاميذ/ات من التحرش، لمنع تزايد هذه الحالات وسط صفوف الناشئة التعليمية".
وفي ختام حديثها شددت على أن الأسر ملزمة بفتح باب الحوار والتواصل مع الأبناء، من أجل البوح وإخبارهم بما يتعرضون له من اعتداءات وتحرشات خلال المراحل التعليمية.