المدافعات عن حقوق النساء... بين النظرة الذكورية الدونية وقوة المقاومة

تلعب المدافعات عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق النساء خاصة دوراً كبيراً في عملية النضال من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في المغرب، إلا أن ذلك العمل تحيط به صعوبات وعوائق تصعب المهمة.

حنان حارت

 المغرب ـ باتت المدافعات عن حقوق الإنسان عامة وحقوق النساء خاصة، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لهن الدور الكبير في عملية النضال من أجل تعزيز المساواة ومكافحة التمييز في مجتمعاتهن.

تناضل ابتسام التبات منذ 16 عام من أجل حقوق الإنسان وحقوق النساء والفتيات ولتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية في المجتمع المغربي، وفي تعريفها للمدافعة عن حقوق النساء تقول "هي كل امرأة تمردت على الثقافة السائدة والسلطة الأبوية الذكورية، وتمكنت من التدوين عبر مختلف المواقع المتاحة، للتعبير عن رأيها وموقفها من قضية ما أو لرفض سلوك معين."

وأضافت "الفاعلة النسوية والناشطة هي التي تقول لا أمام أي سياسة قمع، ليس فقط فيما يتعلق بقضايا النساء، ولكن من تمكنت من إدلاء دلوها في أي قضية من القضايا المطروحة الآن في الساحة السياسية أو أي مجال من المجالات فهي مدافعة عن حقوق الإنسان وحقوق النساء، فليس الناشطة فقط التي ترفع شعارات ضد سياسة البلد، ولكن أيضاً المرأة التي تستطيع رفع صوتها وتقول لا للظلم لا للعنف لا للتحرش لا للبطالة لا لمجموعة من السياسات التي تقصي المرأة والمواطن بصفة عامة، فهي ناشطة نسوية".

وعن أبرز الصعوبات التي تواجه المدافعة عن حقوق النساء خلال عملها أوضحت "في المغرب نواجه صعوبات كثيرة ومتنوعة أبرزها العقلية الذكورية من داخل المجتمع، وهو ما يصعب علينا الترافع عن بعض القضايا فنجد أنفسنا ضعيفات لكون الثقافة الذكورية تنخر المجتمع المغربي."

وترى أن مصادفة المدافعات عن حقوق المرأة، لنساء مثقفات وعلى دراية بأهمية المساواة سيسمح بالترافع عن القضايا النسوية في جميع المستويات سواء في الجانب الاقتصادي أو السياسي أو القانوني.

أما القضايا التي يصعب على المدافعات الحقوقيات الترافع فيها، فتقول "نحن في مجتمع محافظ لا زالت مسألة المساواة في الإرث مشكلة أمامنا ونواجه صعوبة في العمل عليها، بالإضافة لموضوع الحريات الفردية، لمواجهتنا عقليات متحجرة لا تستوعب ولا تقدر دور المرأة في المجتمع ولا تعي بالتغيرات الحاصلة الآن ."

وعن نظرة الرجل المغربي للمدافعة عن حقوق النساء قالت "نحن نكون "نشاز" داخل المجتمع، وهذا طبيعي لكون أن المختلف في المجتمع نسلط عليه الأضواء، فالرجل يرانا بمثابة عدو، لأننا حاولنا مساعدة إحدى النساء ربما تكون زوجته أو أخته، فيعتبرنا نسعى إلى إفساد الأخلاق والثقافة السائدة في المجتمع، ولذلك قد نتعرض للسب والشتم والعنف والتنمر من قبل هؤلاء الرجال."

وأكدت أنه "يجب على الرجل أن يدرك أننا لا نسعى لمحاربته، فنحن لا نراه خصماً، ولكن خصمنا هو منظومة القوانين التي تقلل من شأن المرأة."

وحول الأسباب التي دفعت ابتسام التبات لأن تكون مدافعة عن حقوق الإنسان والنساء تقول "إيماني بحقوق الإنسان في شموليته وكونيته، هذا ما جعلني أكون مدافعة عن حقوق النساء وذلك لأننا نعيش في مجتمع يهمش المرأة ولا يحترم مكانتها، فهذا أيضاً جعلني بدون سابق إنذار أدافع عن حقوق النساء، بالإضافة لإيماني بقضية التحرر حيث لا يمكن أن تتحقق إلا بتحرر المرأة، فتحرر المجتمع رهين بتحرر النساء والعكس صحيح."

وما الذي تناضل من أجله، وماذا تحقق اليوم لصالح المرأة المغربية بينت "لا ننكر أن هناك تطور مقارنة مع السنوات الماضية؛ ولكن المرأة لا زالت تعيش الاضطهاد والحيف؛ فالعنف ما زال مستمراً والتحرش كذلك، وبالتالي وضع المرأة لم يتحسن ولم يصل للمستوى المطلوب الذي نطمح له كناشطات، لن نقول إنه سنحقق مساواة فعلية بالشكل الذي نراه نحن كمدافعات عن حقوق النساء، ولكن على الأقل نطالب بمساواة تليق بالتغيرات التي يعرفها المجتمع المغربي في القرن الـ 21".

وحول كيفية تحقيق المساواة أكدت أن "هناك مجموعة من الطرق أولاً الانفتاح على عموم المجتمع بمختلف طبقاته، ولا يمكن أن يظل الحديث داخل الفضاءات والمنتديات وفي الختام إصدار التوصيات، لكن النضال للحصول على المساواة الفعلية يحب أن يكون في الميدان عبر تبني آليات الدفاع الذاتي لدى كل النساء داخل المجتمع بطريقة سلسة لتمكينهن من الانفصال عما هو سائد في المجتمع".

 

 

ولا يتخلف رأي الناشطة السياسية والمنسقة لمجموعة "النساء الشابات من أجل الديمقراطية" بشرى الشتواني عن سابقتها في تعريفها للمدافعات عن الحقوق، فتقول "المدافعة عن حقوق الإنسان والنساء، هي كل امرأة تدافع عن حقوق الإنسان الأساسية وتسعى لحمايتها، هي كل إمرأة استطاعت الدفاع عن قضية معينة وليس بالضرورة أن تكون تنتمي لتنظيم أو حزب أو مشهورة."

وأوضحت أن "النساء اللواتي تقطن في المناطق النائية في المغرب واللواتي تدافعن عن حق أطفالهن في شرب ماء من الصنبور دون تكبد عناء نقلها من الآبار، أعتبرهن مدافعات عن حقوق الانسان"، مؤكدة أن "المدافعات عن حقوق الإنسان والنساء هي كل امرأة تؤمن أنها لا بد من تحقيق عدالة اجتماعية ومساواة فعلية في المجتمع، ولديهن من الشجاعة والتمرد ما يكفي للجهر وقول ذلك، قد تختلف درجات الشجاعة والتمرد من امرأة لأخرى، لكن يبق الهدف واحد."

وأضافت "كوني مدافعة عن حقوق النساء، فهذا لا يعني أنني لا أتعرض للعنف ولا أتأثر بما يحصل معي من مواقف؛ فالمدافعة عن حقوق النساء هي أولا وأخيراً إنسان؛ نحن خرجنا من رحم المأساة بكينا وأحببنا وتزوجنا وطلقنا وتمرد علينا أبناؤنا وتمرد علينا آباؤنا وتمردنا عليهم، وعنفنا أيضاً، وتخاصم معنا أفراد عائلاتنا وفقدنا الكثير، وبالتالي هذا التراكم الكبير في وقت من الأوقات لم يكن لدينا من الجرأة  أو الحق الإعلان عنه أو البوح به، عشنا مجموعة من الاضطرابات، أدخلتنا في اكتئاب، لكن برغم كل شيء لم ندعها تؤثر فينا بالشكل الذي يجرنا للخلف، بل كان كل ذلك حافزاً لنا لاستكمال المسيرة من أجل الترافع، من أجل مساواة فعلية وعدالة حقيقية."

وأوضحت "كجمعية نحرص على خلق فضاءات للبوح للمدافعات عن حقوق النساء، وللصحافيات المدافعات عن قضايا النساء بشكل آمن للحفاظ على الخصوصية وللخروج بنتائج إيجابية."

وعن الاختلاف بين الأجيال المدافعة عن الحقوق بينت "هناك اختلاف في طريقة معالجة القضايا هناك صراع أجيال، المدافعات عن حقوق الإنسان من الجيل الأول تناضلن بطريقتهن والمجموعات أو المبادرات النسائية الشابة تناضل بطريقتها، لكن الكل يصب في الاتجاه نفسه، في اتجاه العدالة الاجتماعية والمساواة، ليس مهماً من سيصل الأول ولكن المهم أن نترك أرضية جيدة كشابات كما تركتها لنا الأجيال التي قبلنا".

 

 

تعمل سعاد الطاوسي الناشطة الحقوقية، والخبيرة في قضايا النوع الاجتماعي على إلغاء التمييز ضد المرأة القائم على أساس النوع الاجتماعي وضمان تمتع النساء بكامل حقوقهن وحريتهن، وأكدت أن مصطلح المدافع عن حقوق الإنسان وحقوق النساء، سواء أكان رجال أو امرأة فهم يشاركان في تعزيز جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها "لا يوجد توصيف محدد يتم إخضاعه للشخص الذي يدافع عن حقوق الإنسان وحقوق النساء سواء كانت امرأة أو كان رجلاً، فهم مجموعة أشخاص من كلا الجنسين آمنوا بالإنسان وقدراته، وربطوا هذا الإيمان بمجالات الحياة لتأسيس مجتمع يحترم الكرامة والمساواة والحرية والمبادئ الكبرى لحقوق الإنسان بكل تعدد أجناسه ومعتقداته."

وعن الصعوبات التي تواجه المرأة المدافعة عن حقوق الإنسان وحقوق النساء أوضحت أنه "نواجه صعوبات بحكم أننا في مجتمع ذكوري، باعتبار هناك سلطة وأن المرأة التي تثور على تلك السلطة الأبوية والتمثلات الإجتماعية التي تأتينا من التربية والموروث الثقافي والعادات والتقاليد التي تضع المرأة في خانة المرأة الخنوعة والمطيعة لسلطة الرجل سواء كان الأب أو الأخ او ابن العم وفي لحظات حتى الإبن الراشد يطالبها بالخضوع لسلطته، وهذه التمثلات والعقلية الذكورية جسدت في القوانين، وفي البرامج التلفزيونية والمناهج التعليمية، في محاولة لإخراجها من كونها إنسان كامل الإنسانية شأنها شأن الرجل الذي له حقوق وواجبات."

وعن الفرق بين المواطنة والمدافعة عن حقوق الإنسان والنساء، شددت على أن "الفرق بينها وبين امرأة أخرى هو أنها وعت أن الحقوق تنتزع ولا تهدى، وبالتالي المدافعة عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق النساء خاصة، واجهت الأسرة والمجتمع، وواجهت القوانين ومكان العمل، وأيضا واجهت نظرة المجتمع التي أسست للتمثيل الاجتماعي".

واختتمت الناشطة سعاد الطاوسي حديثها بالقول "لا يجب تأنيث الهجوم الذي تتعرض له المرأة المدافعة عن حقوق النساء، لأن هناك رجال أيضاً يدافعون عن هذا الحق وكلا الجنسين معرضين للضغوطات والمخاطر ذاتها".