الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة تكافح تزويج القاصرات... وهذا ما يميز اقتراحها

تنشط حملات التوعية والمناصرة للمرأة ولكل مستضعف، بمناسبة حملة الـ 16 يوماً العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي التي تنطلق اليوم الخميس 25 تشرين الثاني/نوفمبر

كارولين بزي
بيروت ـ ، وتركز الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة هذا العام على قضية تزويج القاصرات.
 
"نقدم خدمات ومساحات آمنة للناجيات من العنف" 
عرفت مديرة المشروع الإقليمي ومنسقة الشبكة الإقليمية لمكافحة تزويج القاصرات في الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، غنوة شندر، لوكالتنا دور الهيئة اللبنانية، وتقول "هي جمعية غير حكومية تأسست في بيروت في العام 1997، وفي العام 1999 أسسنا مركزاً في طرابلس، وأصبح لدينا اليوم نحو ستة مراكز بين طرابلس وبيروت وتعتبر هذه المراكز مساحات آمنة للنساء والفتيات الناجيات من العنف، أي أننا نستقبل أي فتاة أو أي امرأة مقيمة على الأراضي اللبنانية بعيداً عن جنسيتها وطائفتها وخلفيتها، ونقدم لها كل الخدمات التي تتعلق بأي نوع من أنواع العنف، إن كانت الخدمة عبر استشارة قانونية أو تمثيل قضائي في المحاكم من قبل محامين. استشارات اجتماعية من قبل العاملات الاجتماعيات أو استشارات نفسية من قبل الطبيب أو المعالج النفسي الموجودين في مراكزنا".
وتتابع "يعتبر هذا أحد نشاطاتنا الأساسية كما لدينا نشاطات أخرى، مثل الإصلاحات القانونية، دراسات وأبحاث قانونية، مشاريع قوانين نقدمها لمجلس النواب، نستقي مواداً موجودة في القوانين اللبنانية إن كان بقوانين الأحوال الشخصية أو بقانون العقوبات، ونقدم على أساسها اقتراح وتعديل قانون أو استحداث قانون جديد لكل القوانين التمييزية ضد النساء والفتيات".
وتضيف "كما نعمل على التوعية والتدريب ومناصرة كل المواضيع المتعلقة بقضايا النساء وحقوق المرأة والفتيات بشكل عام، إن كان من ناحية التحرش والإساءة الجنسية، التزويج المبكر والعنف القائم على النوع الاجتماعي بكافة أشكاله".
 
"للمرة الأولى يتم طرح مشروعنا للنقاش في مجلس النواب"
بمناسبة انطلاق حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، تتحضر الهيئة اللبنانية لعدد من النشاطات التوعوية إلى جانب التركيز على التزويج المبكر، "نركز أكثر على موضوع التزويج المبكر، لأننا في الهيئة منذ سنة تقريباً أطلقنا مشروع بالتعاون مع جمعية Equality Now International وهي جمعية دولية لمكافحة التزويج المبكر، والمشروع الذي نعمل عليه هو مشروع إقليمي ولكننا كهيئة لبنانية نحن المنسقون له في لبنان وفي الشبكة الإقليمية التي تضم لبنان ومصر والأردن".
وتوضح "الهدف من هذا المشروع هو مكافحة التزويج المبكر. وضعنا في الجمعية اقتراح قانون لحماية القاصرات من التزويج المبكر، إذ لا يوجد لغاية اليوم في لبنان أي قانون يحمي الفتيات ما دون الـ 18 عاماً أو يمنع تزويجهن، ويوجد مشروع قانون تم اقتراحه على المجلس النيابي من قبل جمعية أخرى وتبناه عدد من النواب ولغاية الآن لا تزال المناقشة متوقفة، نحن قدمنا مشروع قانون جديد وأضفنا عدة نقاط أساسية للمشروع الموجود في أدراج مجلس النواب".
وتتابع "منذ نحو أسبوعين تم طرح مشروعنا للمرة الأولى على طاولة النقاش خلال اجتماع لجنة حقوق الإنسان النيابية، للمرة الأولى في البرلمان اللبناني وبعد سلسلة اجتماعات مكثفة مع النواب وضعوا مشروعنا على طاولة الحوار للنقاش ووعدونا بأن يستكملوا النقاش به وبالتالي يمكن أن يكون هناك دمج بينه وبين المشروع الموجود، أو تبني لأحد المواد أو المصادقة على المشروع بأكمله، وبالتالي ننتظر ونرى النتيجة".
 
"يهمنا أن نصل إلى قانون يحمي القصّر من التزويج المبكر"
تقول غنوة شندر أن "أي مشروع سيتم إقراره في مجلس النواب إن كان تم اقتراحه من قبل الهيئة اللبنانية أو من جمعيات أخرى، هو انتصار للجميع. ما يهمنا هو أن نصل إلى قانون يحمي القاصرات والقاصرين من التزويج المبكر".
وتلفت إلى أن أهم ما تم طرحه في مشروع القانون الذي تقدمت به الهيئة، هو انطلاق الهيئة من المادة 9 من الدستور اللبناني، التي تنص على أن "حرية الاعتقاد مطلقة والدولة تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على ألا يكون في ذلك إخلال في النظام العام، وهي تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف طوائفهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية"، أي أن كل الأفراد والمقيمين على الأراضي اللبنانية من المفترض أن يعودوا إلى الدستور بغض النظر عن الخلفيات الدينية أو السياسية أو الطائفية، "انطلقنا من هذه المادة لكي نلزم المشرعين بأن يتقيدوا بالدستور وأن ينبذوا أهوائهم وتبعيتهم السياسية وليفكروا فقط بمصلحة المواطن والمواطنة اللبنانية". 
وتضيف "إحدى النقاط الأساسية التي تميز مشروع القانون الذي طرحناه هي أننا أعطينا الصلاحية لقاضي الأحداث، أي أن قاضي الأحداث سيكون عنده حكم الفصل لمنح الإذن أو عدم منح الإذن لتزويج القاصرات بناءً على عدة شروط أي أن لديه سلطة استنسابية. وطالبنا بإلغاء المواد 505 و518 عقوبات وذلك بعد إلغاء المادة 522 التي تعفي المغتصب من عقوبته في حال تزوج من ضحيته، لأن نتائج هذه المادة بقيت موجودة بالمواد 505 و518 و519، فعندما ألغوا المادة 522 استثنوا الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين (16 ـ 18) عاماً، أي إذا أقدم شاب أو رجل على اغتصاب فتاة قاصر يتراوح عمرها بين (16 ـ 18) عاماً ثم تزوج بها تسقط عنه عقوبة الاغتصاب، هذا اعتبرناه بطريقة غير مباشرة تشريع لتزويج القاصرات، لذلك باقتراح القانون الذي تقدمنا به نطالب بإلغاء المواد المذكورة آنفاً وتعديلها".
 
"غالبية رجال الدين ضد قانون تزويج القاصرات"
وتؤكد أن "أي اقتراح قانون نضعه يتم تطبيقه على جميع المقيمين والمقيمات على الأراضي اللبنانية من كافة الجنسيات وهم مجبرون على الالتزام به في حال تم إقراره كقانون لبناني".
وتشير إلى أن الهيئة اللبنانية منذ تأسيسها أي منذ أكثر من عشرين سنة تعمل على موضوع تزويج القاصرات، ولكن هذه المرة الأولى التي تقترح فيها قانون وتقدمه رسمياً لمجلس النواب "منذ سنة تقريباً لغاية اليوم نحن نجري اجتماعات مكثفة مع النواب ورجال الدين، ونظمنا سلسلة تدريبات لشركائنا، لأشخاص يمكن أن يؤثروا ويناصرونا في قضيتنا، أي أننا نقوم بحملة تأييد متكاملة ومن ضمن هذه الحملة كان لدينا لقاءات مع رجال دين". 
لا تنكر غنوة شندر أنه لدى بعض رجال الدين مخاوف واعتراضات على قانون تزويج القاصرات، وتقول "لدى بعض رجال الدين خوف وقلق وهناك أكثرية معارضة منهم بحجة الدين، ولكن هناك عدد من رجال الدين الذين نتعامل معهم ويناصرون قضيتنا، وأكدوا لنا مراراً أن الدين الإسلامي أو المسيحي يرفضان تزويج القاصرات ويضعان شرطاً أساسياً للزواج وهو الرشد، الرشد العاطفي والفكري. أي أنه من المستحيل لفتاة أو شاب بسن الـ 15 أو 16 سنة أن يتحلى بالنضج والرشد العاطفي والفكري وبالتالي لا يمكن لهم أن يتزوجوا قبل الـ 18 سنة".
وتضيف "هناك عدد من رجال الدين يناصرون قضيتنا من كل الطوائف ولكن الأكثرية يقفون ضدنا ويعارضوننا ولكننا مستمرون بالحملة".
وعن الترويج للحملة، تقول "عندما وضعنا اقتراح القانون في نهاية عام 2020، بدأنا بسلسلة تدريبات للمدربين، قمنا بتدريب عدد من الأشخاص من ذوي الاختصاصات المتعددة، من محامين ومحاميات، ناشطين وناشطات، جمعيات وإعلام وهم بدورهم ينظمون حملات توعوية في مناطقهم، وشملت هذه سلسلة التدريبات مناطق عدة في لبنان في الشمال وبيروت. ونروج لحملتنا عبر الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال لقاءات مع النواب".
وتختم مديرة المشروع الإقليمي ومنسقة الشبكة الإقليمية لمكافحة تزويج القاصرات في الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، غنوة شندر حديثها بالقول "سننظم ضمن حملة الـ 16يوماً دورتين تدريبيتين في 29 تشرين الثاني/نوفمبر في طرابلس ودورة أخرى في 3 كانون الأول/ديسمبر في بيروت".