'الحماية التي يوفرها قانون العقوبات الليبي للطفولة حماية خجولة'
شهد المجتمع الليبي في الفترة الأخيرة حالات تعدي كثيرة على الأطفال من إيذاء جسدي وتحرش جنسي، ووصل الأمر إلى حد ازهاق الأرواح.
ابتسام اغفير
بنغازي ـ في ظل الفوضى التي تعيشها ليبيا من انقسام سياسي وانفلات أمني، يعيش الأطفال حياة صعبة ويتعرضون لمختلف أشكال العنف بالمقابل ليس هناك تطبيق للقوانين التي تحميهم.
حول قانون حماية الطفل تحديداً، خاصة وأن العنف قد طاله من اعتداءات بالضرب إلى ازهاق الروح تقول المحامية والحقوقية فريحة الجيلاني أن "القوانين التي من المفترض أن توفر الحماية للطفل لها شقان أولاً الحماية المدنية والتي بدأت بها بعض التشريعات، وكان أهمها القانون رقم 5 لسنة 1997 الخاص بالطفولة، وأيضاً القانون رقم 17 لسنة 1992 توجد به بعض البنود التي تهتم بالطفولة، خاصة بشؤون القاصرين دون سن 18، وكذلك قانون رقم 10 لسنة 1984، الخاص بالزواج والطلاق".
وبينت أنه "الشق الثاني من القوانين وهي الحماية الجنائية الموجودة في قانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجنائية، فصل فيها بعض الأمور الخاصة بشأن الطفل، فعند الحديث عن جرائم الأسرة التي تندرج تحت الباب الثاني، سنجد بعض النصوص التي تتناول بشكل تفصيلي الإساءة لأحد أفراد الأسرة والذي قد يكون طفلاً".
ولفتت إلى أن "الحماية التي يوفرها قانون العقوبات للطفولة هي حماية خجولة، فالروابط الأسرية في المجتمع الليبي تضع محدودية لسن سياسة جنائية، تحمي الطفل بطريقة تكفل عدم إيذائه، وعدم التعدي عليه بأي شكل كان".
وتفصل فريحة الجيلاني أن القانون رقم 5 لحماية الطفل قائلة "هذا القانون يحتاج إلى كثير من التعديلات والإضافات وإن كان يحمل بعض النصوص التي تحتاج لوائح لاحقة تصدر بقرارات لتفسير ما تضمنته، حتى تكون الحماية متفقة مع ما جاء في اتفاقية حقوق الطفل، وهي الأكثر تفصيلاً في موضوع الحماية، بحيث نأخذ الجوانب التي تتفق معنا كمجتمع ليبي مسلم، ونتحفظ على باقي النصوص التي نراها قد تخالف الشريعة".
وأشارت إلى أنه "في القانون رقم 5 ميزة جيدة وهو أن الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين يحملون صفة مأمور الضبط القضائي، وذلك عندما يلاحظ تعدي على الطفل، سواء في الإدارات أو المؤسسات التي تكفل حماية الأيتام أو مجهولي النسب، أو حتى عندما تلاحظ التعدي من عائلة الطفل نفسه، فأنه بناء عليه يستطيع تحرير محضر ضبط في واقعة معينة ويحيلها لجهات الاختصاص للتحقيق في هذه الحادثة، وهذا من الجانب الجنائي".
وأضافت "القانون نص على إنشاء لجنة عليا للطفولة، ونأمل أن نلتمسها حقيقة على أرض الواقع بما يحقق الحماية المأمولة للأطفال، ولكن لم نرى وجود لهذه التشريعات على أرض الواقع لحماية الطفل، وعندما نبحث عن الأسباب نجد أن الأسرة غير واعية ومدركة لوجود هذه التشريعات وحقوق الطفل، أو أن ما يقوم به الوالدين تجاه الطفل من عنف وتعدي يضعه المجتمع في إطار التربية".
وأكدت أن "التعدي على الطفل سواء من العائلة أو من الخارج يتمثل في أشكال كثيرة منها التعدي اللفظي، التعدي الجسدي، والنفسي، ورأينا أن هناك حالات وصلت إلى حد الموت، وهناك أيضاً الخطف، والاعتداء الجنسي على الطفل".
وعن حق الطفل في التعلم قالت فريحة الجيلاني أن "القانون شمل حق الطفل في التعلم سواء أكان سليم أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن برأيي القانون لم يفصل هذا الحق، فلا يكفي للتعليم أن يكون مجاني فقط، فلابد أن يواكب الحداثة الموجودة الآن، وأن نعطي مجالاً للأطفال في الحديث والاستماع إليهم، ويكون هناك نوع من الثقافة التي تنمي الثقة في النفس لدى الطفل"، مشيرةً إلى أن "الطفل ليس رهيناً للعائلة، بل هو جزء منها، ونحن نهتم بالأسرة كونها نواة للمجتمع ولكن لابد أن نحرص على كيفية تنمية الثقة والشخصية لدى الطفل والتي تجعل منه إنسان سليم في المستقبل، ومنتج في مجتمعه".
وحول نطاق الحماية التي كفلها القانون للطفل وهل من الممكن أن تشمل حمايته من أهله قالت "النصوص الجنائية الموجودة لدينا، هي حماية خجولة تراعي الروابط الاجتماعية والأسرية، وتربط رفع الجنائية بشكوى الطرف المتضرر، ولكن كيف يمكن للطفل تقديم شكوى ضد أهله وإذا كان أحد والديه يعنفه فكيف يشتكي على الجاني، وهنا يبقى التعنيف داخل نطاق الأسرة ولا يظهر للعلن لذا سيستمر إيذاء الطفل، مما يجعله غير سوي في المجتمع".
وعن سؤالنا حول إذا تم تفصيل الإساءة هل سيكون لكل إساءة عقوبة مختلفة عن الأخرى أجابت "عندما يتم تفصيل فعل الإساءة والمقصود به مثلاً لو تعدى مجال التربية والصون للطفل سيدخل في مرحلة الإيذاء سوف تكون العقوبة أشد، ومنها يتفرع هذا الإيذاء هل هو جسيم أم عادي، وهل هناك عاهة نتجت عن هذا الايذاء، وهل هناك تعدي جنسي، هل وصل لمرحلة هي أقصى أنواع الإيذاء وهي الموت، لذلك لابد أن يكون هناك تفصيل لكلمة إساءة التي وضعها القانون كجنحة، أو تعامل الإساءة وفقاً للنصوص الأخرى الموجودة في قانون العقوبات كإيذاء خطير، أو قتل أي يتم تصنيفها كجنائية".
ولفتت فريحة الجيلاني إلى أهمية تفعيل قانون عمالة الأطفال "القانون يحضر تشغيل الأطفال، إلا إذا كان هذا العمل لغرض تعليمهم في معهد، ولكن هناك عمالة كبيرة للأطفال، في واقعنا اليوم يقوم الطفل بأعمال شاقة مؤذية لجسده ولابد أن تكون هناك أجهزة ضبطية ليست لمعاقبته، ولكن تقوم باستلامه حتى يتم التواصل مع الأهل ومعرفة الأسباب التي جعلته في وضع معنف وشاق، وأن تكون هناك مؤسسة تتعامل معه كضحية وأن يحاسب الأهل".
وحول تفصيل القانون العقوبة التي تقع على من خطف أو اعتدى جنسياً أو قتل طفل عما قام بهذا الفعل على الكبار قالت "العقوبة موجودة والفعل مجرم، وقد يستخدم الطفل كأداة للتحريض على الفسق والفجور أو يعتدى على الطفل بهدف هتك العرض، وفي كلتا الحالتين هناك بنود في قانون العقوبات 409 و408 ولكن نحن بحاجة للتوعية".
وفي ختام حديثها أكدت المحامية فريحة الجيلاني أن هناك جهل عام بالقوانين وليست فقط القوانين المتعلقة بالأطفال "علينا العمل على الأمية القانونية بشكل عام، وهذا يعني أن القانون موجود ولكن الإنسان المستفيد من هذه الحماية ليس لديه خلفية عنه، ونحن هنا نؤكد على الوعي، فلو تم وضع نصوص ولم تطبق فالحماية هنا والعدم سواء، لذلك يجب أن يكون لدى المواطن معرفة بحقوقه وهذه المهمة يجب أن تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني والجهات ذات الاختصاص المختلفة".