الانقسام الفلسطيني يفاقم معاناة النساء

استمرار الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة يمزق البلاد لنصفين، وتداعياته المتمثلة بالقوانين المجحفة جعلت النساء والأطفال ضحايا لهذا الانقسام.

رفيف اسليم

غزة ـ الانقسام الفلسطيني فاقم حجم المشكلات التي تعاني منها المرأة، ووضعها تحت مطرقة القوانين المجحفة التي خلفها، لتكون الخاسر الأكبر في هذا الانقسام.

قالت الباحثة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ماجدة شحادة، إن الانقسام الفلسطيني كان له أثر كبير على العديد من القوانين منها قانون العقوبات والأحوال الشخصية، فمن الطبيعي أن تتأثر المرأة أيضاً، موضحة أن "العراقيل التي تواجه تطبيق القوانين في البلاد هي كون فلسطين دولة تخضع للاحتلال، الأمر الذي جعلها تعتمد في مرجعيتها لقوانين دول أخرى كمصر والأردن".

ونوهت إلى أن قانون الأحوال الشخصية المطبق في قطاع غزة هو قانون حقوق العائلة المصري لعام 1954، بينما الضفة الغربية تعمل بالقانون الأردني لعام 1968، بالتالي هناك فجوة كبيرة بين القوانين المطبقة وقد حاولت الجهات المعنية إصلاحها، لكن الانقسام كرس هذه المشكلات حيث أن القانون المعمول به في الضفة الغربية يعتبر ملغياً في غزة والعكس صحيح، فعلى سبيل المثال إذا المرأة تقلت حكماً في محكمة قطاع غزة فإنه لا يعترف به في محاكم الضفة، وهذا ما فاقم من حجم المشاكل التي تعاني منها النساء، خاصة فيما يتعلق بالحضانة والنفقة وحق رؤية الأطفال بعد الطلاق وغيرها من القضايا التي ما زالت المرأة تسعى لتحقق أي تقدم ملموس فيها.

وأكدت ماجدة شحادة أن تعطل المجلس التشريعي لمدة 12 عاماً، ومحاولات التدخل التي تفرضها بعض الجهات أضر بقضايا النساء العالقة، لافتة إلى أنه من غير المقبول أن تحل بعض الحركات أو الفصائل أو القبائل بدلاً من المجلس التشريعي لتأدية دوره، لأن ذلك يعتبر تكريس للانقسام السائد وبالتالي تعطيل مصالح النساء.

وأضافت أن هناك مشكلات تخص المرأة تحتاج لحلول واقعية وعلى رأسها تدني سن تزويج الفتيات، فمازالت الفتاة في قطاع غزة تزوج في سن الأربعة عشر عاماً وتحرم من حقوقها كحقها في التعليم، في المقابل يجرم القانون في الضفة الغربية هذه الظاهرة ويرفض تزويج الفتيات دون سن ثمانية عشرة عاماً.

كما لفتت لحق الحضانة الذي تدور حوله العديد من الإشكاليات، ففي الضفة الغربية يحدد سن الحضانة بـ 13 عاماً ويخير الطفل بعد هذا السن إذا أراد العيش ما والده أو والدته، بينما يبرز التمييز في تحديد سن الحضانة ما بين الذكر والأنثى في غزة، فيحدد للأول بـ 7 سنوات ويمكنه البقاء حتى 9 سنوات بينما الفتاة من 9 وتمد 11، بينما لا يتم سؤالهم عن الطرف الذي يودون البقاء معه.

وأكدت أن المرأة والطفل في قطاع غزة يحتاجان لسن قوانين ذات بعد إنساني لا تنتهك معايير الأسرة وتشتتها، فهما يدفعان فاتورة الانقسام وقوانينه المجحفة في كل الحالات، فقد باتوا يخضعون لحكم المجتمع والعادات والتقاليد التي تجردهم من كافة حقوقهم.

وقد تمت عرقلة تطبيق عدة قوانين تسعى لحماية المرأة والطفل وفق ما أكدته ماجدة شحادة، منها قانون حماية الأسرة من العنف، وتعتبر العشائر هي أولى الجهات التي حاربت هذا القانون لأن التصديق عليه يعني انتهاء دورها حيث أن القانون نص على أنه يحق للعشائر التدخل لمرة واحدة فقط لحل المشاكل الأسرية، وهو الأمر الذي يأتي على عكس ما تقوم به اليوم فهي تستمر بالضغط على المرأة حتى تجريدها من كافة حقوقها، ثم تدفع بها إلى المحاكم متضررة من زواجها وفاقدة المؤخر والنفقة وغيرها في سبيل حصولها على الطلاق.

وأكدت أن جرائم القتل على خلفية الشرف مستمرة، وأن القوانين التي تدعم هذه الجرائم يجب العمل على إلغائها، لأنها تعطي الجاني الحق بشكل كامل لقتل النساء والهروب من العقاب، كما حدث مع اسراء غريب التي تم الاعتداء عليها بالضرب المبرح من قبل ذويها في إحدى المستشفيات الحكومية، وهناك أمثلة عديدة لكثير من النساء اللواتي فقدن حياتهن بسبب غياب الحماية والقوانين الرادعة.

 

وكذلك الحال مع قانون التحرش الذي يحول المرأة من ضحية إلى جانية، فعلى سبيل المثال عندما تقدم الفتاة الشكوى يتم تحوليها إلى دائرة العلاقات العامة في مركز الشرطة دون فتح إي محضر، ويحاولون أقناع الفتاة بالتنازل عن الشكوى بحجة عدم تشويه سمعتها وهم بذلك يقيدون من حريتها ويتركون الجاني حراً طليقاً.

وتختتم ماجدة شحادة حديثها بالتطرق لإشكاليات القوانين التي طالت الزواج أيضاً، ففي قطاع غزة لا تستطيع الفتاة أن تتزوج إلا بوجود ولي أمرها، كما أنها لا تستطيع السفر إلا بموافقة ولي الأمر حتى وأن كان هذا المنع سيحرمها من دراسة أو عمل في الخارج.