"وادي غزة" ينبض بالحياة من جديد بهمة الشباب

ـ صنفت منطقة وادي غزة كمحمية طبيعية طوال العصور التي عايشتها فلسطين وقد ضم الوادي عدة أنواع من النباتات والحيوانات والطيور المهاجرة

رفيف اسليم
غزة ـ صنفت منطقة وادي غزة كمحمية طبيعية طوال العصور التي عايشتها فلسطين وقد ضم الوادي عدة أنواع من النباتات والحيوانات والطيور المهاجرة، ليتحول في السنوات الأخير الماضية إلى مكب للنفايات ومصرف لـ 16 ألف متر مكعب من المياه العادمة غير المعالجة يومياً، ويستوطنه أنواع مختلفة من الحشرات والقوارض والأفاعي بفعل الحصار وبعض ممارسات السكان الجائزة.
تبعاً لأهمية الوادي ومعاناة السكان الذين يقطنونه قررت مجموعة من الفتيات والفتيان إعادة إحياء المنطقة من جديد بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNDP"، عبر مبادرة أطلق عليها "مسار وادي غزة" وهو المجرى المائي البالغ طوله 9 كيلومترات والذي يصب في البحر الأبيض المتوسط.
تقول الناشطة المجتمعية هيا حجازي وهي إحدى المشاركات في الحملة، أن ترشح الوادي لأن يصبح ضمن قوائم التراث لليونسكو والتحول الفارق الذي أصابه من معلم سياحي ومحمية طبيعة تجمع 180 نوع من النباتات و250 نوع من الحيوانات و120 نوع من الطيور المهاجرة، إلى بؤرة تلوث ومكب للنفايات ذات الرائحة الكريهة هو ما دفعها للمشاركة في الحملة وإعادة الحياة للمنطقة من خلال نشر الوعي بين السكان.
ولفتت إلى أن "لممارسات الاحتلال الإسرائيلي دور في تحويل الوادي إلى مصب للمياه العادمة عندما منع تغذية موارد المياه الجوفية من الضفة الغربية مما دمر البيئة النباتية الرطبة الموجودة منذ العصر النحاسي ما قبل الميلاد أي منذ (4500) سنة قبل الميلاد ليتحول من أكثر المناطق جذباً في جنوب شرق فلسطين لمنطقة معدمة" مشيرةً إلى أن الوادي ينبع من المرتفعات الجنوبية في النقب مروراً بمرتفعات الخليل ويصب في البحر المتوسط وهو بذلك يصل بين مصر وفلسطين.
ولعودة الحياة إلى وادي غزة ترى أن الحل يكمن في إعادة تفعيل السدود المبنية منذ آلاف السنين والسماح لإعادة ضخ مياه الأمطار والمياه الجوفية من جديد في المنطقة ومنع الاستخدام الملوث للوادي لتنمو الغابات والأحراش على جانبيه من جديد، لافتةً إلى أن المبادرة لقيت تمويل عالٍ من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وقد تلقى الشباب قبل البدء عدة دورات تثقيفية لتزويدهم بالمعلومات عن الوادي وآليات المناصرة.
وكان اقتناع أمل عبد الباري بحق الإنسان أن يعيش في بيئة سليمة هو ما دفعها للمشاركة في حملة "مسار وادي غزة"، فتقول أن العائلات التي تعيش في تلك المنطقة تعاني طوال العام من الحشرات والقوارض والمياه العادمة مما يجعلها بيئة خصبة للأمراض المعدية، مشيرةً إلى أن التغيير لا يأتي ضمن يوم وليلة بل يحتاج لوقت طويل ربما لسنوات لكن العنصر الأهم أن يكون الشخص مقتنع بالفكرة ويسعى لتنفيذها.
وأشارت إلى أن المبدأ السابق هو ما جعل القائمين على الحملة أن يعنوا بالوصول إلى الشباب والأطفال لأنهم هم من سيواصلون العمل حتى يرجع الوادي لسابق عهده، موضحةً أن الحملة كانت متكاملة وخاطبت جميع الأعمار بما فيهم النساء وكبار السن والرجال من خلال إعادة نشر المعلومات الخاصة بتاريخ الوادي التي لربما لم يكونوا قد سمعوا عنها من قبل مما يشعرهم بأهمية المكان وضرورة المساهمة للحافظ عليه كإرث ثقافي.
وكان أجمل ما لاحظته أمل عبد الباري خلال الحملة همة الفئة الشابة الذين ما إن سمعوا عن إعادة الحياة للوادي حتى انكبوا بأعداد كبيرة للمشاركة بها، وإيمانهم بأهمية أرضهم لذلك قد سعى الجميع على إنجاح الأنشطة سواء الميدانية أو الإلكترونية الخاصة بالوادي، آمله أن تكون تلك المبادرة هي وسيلة للفئات المهمشة كي يتم تسليط الضوء على منطقتهم وتحسين أحوالهم المعيشية إضافةً إلى اتساع نطاق الحملة.
وقد تواصلت وكالتنا مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) عبر البريد الإلكتروني للحصول على معلومات أكثر خاصة بالحملة، لنتلقى بيان خاص أوضح البرنامج من خلاله أن سبب الحملة يعود لأهمية وادي غزة لتنميته مستقبله القادم، بدعم من الحكومة النرويجية وبالشراكة مع ائتلاف شركات الرؤية الشاملة للهندسة والإدارة، شركة مشارق وشركة ألف ملتيميديا.
وأوضحت "UNDP" خلال بيانها أن هناك أهمية كبيرة لمشاركة الفئة الشابة في الحملة للاستفادة من طاقاتهم في التغيير والوصول إلى أكبر قدر ممكن من الفئات المختلفة للمجتمع وإحداث التجاوب مع الناس والرد على كافة الاستفسارات الخاصة بالحملة والمشاريع المستقبلية والتنموية للوادي.
وأشار البيان إلى أن هناك أهمية أخرى لإشراك المؤثرين في محاولة تغيير نظرة المجتمع تجاه وادي غزة، لتعديل السلوكيات السلبية من بعض السكان المحيطين مثل التعديات والنفايات الصلبة، لافتاً إلى أنه يجب على السكان المحليين أن يحافظوا على وادي غزة ويشعروا بملكيته لأن سلوكياتهم الحالية لا تدمر الوادي فحسب، بل تؤثر أيضاً على حياتهم ومستقبلهم.
وأضاف البيان أن من أهداف الحملة حشد مؤيدين محليين ودوليين جدد لمشروع تطوير محمية وادي غزة، وتثبيت التزامهم ودعمهم للمشروع لذلك سيتم العمل من خلال عدة فعاليات منها الزيارات الميدانية والفعاليات، وتعليق اللافتات والمطبوعات، إضافةً إلى إنشاء صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي لعرض المواد الإعلامية، وتدريب مجموعة من الفئة الشابة على المناصرة الرقمية إضافةً إلى المسارات الترفيهية لتنمية العمل الجماعي وإحياء التراث الفلسطيني لدى الشباب.
فيما ستكون الأنشطة المستقبلية بحسب البيان عقد بطولة وادي غزة لكرة القدم، والتعاون مع القطاع الخاص عبر وضع ملصقات على بعض المنتوجات، كما سيتم توزيع زي موحد خاص بالحملة ليقوم بارتدائه الموظفين في بعض المراكز التجارية والمولات في زيارة الجامعات والمدارس وتوزيع كتيبات على الطلاب خاصة بالوادي إضافة لعمل معرض للصور والمشغولات الفنية.