سعيدة زمزمي: الإعلام البيئي بحاجة إلى الدعم والتشريك

يعاني الوضع البيئي في تونس من تفاقم الاشكاليات على جميع الاصعدة، خاصة خلال العشرية الأخيرة لم يعد لاحترام القوانين أي اعتبار، وضعف التعاطي الإعلامي مع قضايا البيئة.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ تراجع الاهتمام التونسي بالشأن البيئي بعد عام 2011 وتعددت المطبات العشوائية بالبلاد وكثرت النقاط السوداء بالعاصمة والمدن الداخلية ولم يعد للنظافة أهمية لا من قبل البلاد ولا من قبل المجتمع وأمام التحولات السياسية التي عرفتها البلاد أصبح الشأن السياسي يتصدر اهتمام الإعلام.

سلطت وكالتنا الضوء على هذه الجوانب من خلال الحوار مع الإعلامية سعيدة الزمزمي المختصة في مجال البيئة والمناخ ومُؤسسة ومديرة موقع "البيئة نيوز".

 

ما سبب حرصك على الاهتمام بالبيئة وجعل قضاياها من الاولويات رغم كثرة القضايا؟

انا صحفية مختصة في البيئة والمناخ بدأت هذه المغامرة منذ 2016، في فترة كانت القضايا البيئية فيها لا تحظى باهتمام كبير من الإعلاميين لأن المؤسسات الإعلامية تهتم كثيراً بالجانب السياسي والجانب الاقتصادي، بينما لا تهتم كثيراً بقضايا البيئة وهنا تسألت لماذا لا تكون هي مجال اختصاص بالنسبة لي؟ أعمل عليه وتكون لدي رسالة بناءة ذات ابعاد مستدامة، وهي العمل في المجال البيئي ومن هنا انطلقت مغامرة إنشاء أول مبادرة إعلامية تعنى بالبيئة والمناخ والمتمثلة في تأسيس البيئة نيوز، التي تنقسم إلى موقع الكتروني ونشريه ورقية، وانطلقت المغامرة لتكون رسالتنا نشر التوعية البيئية وتغيير سلوكيات المواطن تجاه بيئته، لأننا في تونس نحتاج إلى الثقافة البيئية وإلى محتوى إعلامي ينشر هذه الثقافة في سبيل تغيير سلوكيات المواطن، لأن بدون بيئة لا توجد صحة ولا غذاء وبدونها لا توجد حياة.

 

إي دور للإعلامي البيئي في معالجة القضايا البيئية؟

في اعتقادي الإعلامي البيئي له رسالة واضحة وهادفة وهي تغيير السلوكيات، ونشر الثقافة البيئية، والتفكير في الأجيال المقبلة والمحافظة على مواردهم الطبيعية، وهنا نشير إلى إن هذه الموارد تعيش حالة استنزاف كالموارد المائية والموارد السمكية وكل الموارد التي تعود علينا بالفائدة، لذلك الإعلامي شريك فاعل وله دور هام في نشر التوعية والتدريب والتركيز على أهمية المحافظة على الموارد الطبيعية لضمان الحياة ولضمان استدامة هذه الموارد للأجيال المقبلة.

 

تم اختيار البيئة نيوز مؤخراُ في فنلندا سفيرة للبيئة فهل من تفاصيل حول مجالات التعاون مع بلدان الخارج؟

تجربة  دولية متميزة جداً بالنسبة لي وقبل إن تكون في فنلندا كانت في بلدان أخرى لأن البيئة نيوز تكون دائماً من أول المؤسسات الإعلامية البيئية المتواجدة على المستوى الدولي، حيث مثلت الإعلام التونسي المختص في الشأن البيئي بألمانيا وسويسرا وفرنسا واسبانيا ومؤخراً بفنلندا، وكان ذلك من خلال مجموعة من المقالات التي نالت أعجاب كل الفئات العاملة في المجال البيئي بفنلندا والتي ركزت بالأساس على مناهج التعليم وجودة الحياة لأنها فعلاً من البلدان التي حققت جودة الحياة بصفة فعلية وكانت لي شخصياً فرصة اكتشاف ما لمقصود بالبيئة والتنمية المستدامة والتربية البيئية خاصة بالعاصمة هلسنكي، وكانت لي فرصة الالتقاء بخبراء واساتذة جامعيين حدثوني كثيراً عن البيئة والطرق والمناهج التي يتبعونها وخاصة أسس التربية السليمة التي يقدمونها للأطفال وكان ذلك في الغابات المحيطة ومحاضن الروضات والمؤسسات التربوية، وتكررت التجربة كسفيرة للبيئة في إيطاليا حيث واكبت الدورة 25 لأكبر المعارض.

 

أشرت في تدوينه على صفحتك الخاصة بأن تغير المناخ، الأمن الغذائي، الاقتصاد في الطاقة، تثمين النفايات، الرسكلة من أهم قضايا اليوم دون غيرها فكيف تقيمين اهتمام تونس بهذه القضايا؟

صحيح في جميع التدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي انشر مفاهيم ومعارف عن تغير المناخ، رسكلة النفايات، والاقتصاد الازرق، والاقتصاد الاخضر، التنمية المستدامة خاصة اهدافها والهدف من ذلك هو تبسيط المفاهيم وتشريك المواطنين ونشر هذه الثقافة، لأني اقول أن البيئة هي حياتنا وحياة اجيالنا المقبلة وبالنسبة لتونس اعتقد أنها تتقدم بخطوات نحو الأفضل ومؤخراً رأينا دراسات وتقارير رسمية للعمل على رسكلة النفايات وعلى الاقتصاد الأخضر، لأنه بان أن هذا ساهم بدرجة أولى في تنمية العجلة الاقتصادية وفي هذا الاطار سجلنا العديد من الاستثمارات واقبال الباعثين الشبان عليها.

 

كإعلامية ماذا تقترحين للنهوض بالواقع البيئي ومعالجة القضايا العالقة؟

أن البيئة هي مسؤولية الجميع واليوم يجب أن نعيش جميعنا في فضاء نظيف وسليم وغداً أيضاً يجب أن تضمن الفضاء لصغارك، وهذه التجربة التلفزية سوف تنطلق قريباً والهدف هو كيف نجعل المواطن يشاركنا في عمله التطوعي الذي يقوم به لفائدة البلاد، لأن البرنامج يشمل ثلاثة أركان ركن البيئة والتنمية المستدامة وركن الطاقة الايجابية وهنا نريد أن ننشر المحبة والموجات الإيجابية لأن البلاد مرت خلال السنوات الاخيرة بظروف صعبة، وأنا من دوري كإعلامية أن أعود إلى التونسيين برسائل تفاؤل ومحبة لننشر المبادئ الصحيحة والفقرة الاخيرة تعنى بالكفاءات والمؤسسة وهنا سوف يكون للمرأة حظ كبير لأن المرأة التونسية سيكون لها مجالاً كبيراً لتقديم كل الاعمال التي قامت بها.

وكإعلامية مختصة اتمنى أن ينال الشأن البيئي الاهتمام المطلوب وأن يتم تشريك الإعلامي حتى يستطيع تقديم المساعدة اللازمة خاصة في مجال التوعية وتغيير السلوكيات لأنه في اعتقادي الإعلامي البيئي له رسالة واضحة وهادفة وهي تغيير السلوكيات، ونشر الثقافة البيئية، التفكير في الأجيال المقبلة والمحافظة على مواردهم الطبيعية.

 

سبب اختيارك كسفيرة للبيئة مؤخراً في فنلندا؟

في بداية الصيف تمت دعوتي إلى عاصمة فنلندا هلنسكي، كصحفية مختصة في هذا المجال وكنت كتبت عدد من المقالات التي نالت الأعجاب ووجدت أن فنلندا تساوي جودة الحياة، وهو الهدف الاساسي للبيئة نيوز وتناولت على ضوئه العديد من المقالات في هذا الاطار، التربية البيئية وكيفية ترسيخها لدى الاطفال، وجودة التعليم في هلسنكي، وتشريك المواطنين في تلك المدينة وكيف يقومون بتثمين كل ما هو موجود لخلق الثروة، ونالني الشرف أن أكون متواجدة ويتم توسيمي كصحفية تبحث عن المعلومة الصحيحة البناءة، عن ترسيخ ثقافة التنمية المستدامة سيتم انجاز كتاب يتحدث عن هذه التجربة ويتم توزيعه في تونس لاتباع هذه التجربة الناجحة.

 

كيف يمكن أن تكون البيئة مصدراً من المصادر وحلاً من حلول معضلة البطالة؟

البيئة هي مصدر للعمل بدرجة اولى عندما نقوم برسكلة النفايات يمكن خلق موارد عملية جديدة ويمكن أن تكون مصدر عمل عندما نخلق موارد جديدة مثلاً الفلاحة، الصيد المستدام بالمهن الخضراء، كل هذا مترابط مع بعضه ويؤكد ويثمن أهمية الموارد البيئية التي على ضوئها يمكن خلق موارد تعمل بيئية جديدة ونعود إلى شهادات وهناك العديد من الابتكارات، اليوم نتحدث عن البيئة والتكنولوجيا، ونتحدث عن البيئة وقطاع النقل وكيف يمكن تطويره عن طريق البيئة.

ونحن كإعلاميين يجب إن نهتم بهذا المجال رغم اشكالياته وكل مكونات المجتمع المدني أيضاً يجب أن تعمل على ملف البيئة خاصة وأننا أمام ظاهرة التغير المناخي وندرة المياه، والجفاف والتصحر وتدهور العديد من المنظومات البيولوجية وبناء عليه يجب أن تتحول البيئة إلى أولوية للجميع لأنها مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة.

 

أي دور للمرأة التونسية في معالجة الاختلالات البيئية؟

للمرأة اليوم دور كبير وفاعل في معالجة القضايا البيئية وخاصة الاختلالات التي تمس بالبيئة من خلال تكثيف أنشطتها التوعوية بفضاءات عملها أو في محيطها الاجتماعي والأسري، لأن المرأة قادرة على التأثير والتبليغ ولها قوة اقتراح مثلها مثل الرجل، ولعل النسبة العالية لانخراطها في المجتمع المدني وفي المنظمات الدولية الناشطة في المجال البيئي لدليل واضح، ونلاحظ جميعنا اليوم مناصرة المرأة التونسية للقضايا البيئية والدفاع عنها بامتياز من خلال تمركزها على الميدان وهذا ما نشهده في السنوات الأخيرة نساء سفيرات البيئة والمناخ وأضافه إلى التوعية والتدريب والتأثير تقوم المرأة بإعداد مناهج وتصورات للقضايا البيئية من خلال تقديم مخطط عمل وبرامج واضحة تؤثر بها على السلطة.