"شجرة الفتاة" على جبل كزوان

هناك العديد من المواقع التاريخية في شمال وشرق سوريا يتوقف فيها الزوار، بالإضافة إلى العديد من القصص الخفية التي تنتظر من يكتشفها

تحدثت مريم الحسن وهي من قرية خيرا في جبل كزوان، عن قصة شجرة على جبل كزوان تسمى "شجرة الفتاة" تفجرت نبع ماء بالقرب منها وقالت "لا يُعرف كم هو عمر شجرة الفتاة، إلا أنها تعود إلى زمن اليهود. ويقال أن اليهود أرادوا الإمساك بفتاة، لكن الفتاة طلبت من الله أن يحولها إلى شجرة حتى لا يتم الإمساك بها، وعلى هذا النحو وصلت هذه القصة إلى يومنا هذا ونحن نحمي الشجرة ونعتني بها".
 
سوركل شيخو
الحسكة - . جبل كزوان هو أحد الجبال في منطقة الجزيرة يقع على بعد 35 كم جنوب غرب مدينة الحسكة. هناك العديد من الأماكن التاريخية في جبل كزوان التي أصبحت مكاناً للراحة لكثير من الزوار وأهالي منطقة الجزيرة، أحدها قلعة سكرة ومغلوجة. كما يوجد العديد من ينابيع المياه على الجبل يمكن للناس والحيوانات الاستفادة منها. وسكان الجبل يكسبون رزقهم من تربية الأغنام والمواشي، والبديل عن السيارات والدراجات النارية هو الحمار. ولكل تلة قصة خاصة بها. ولكن إلى الشرق من قرية خيرا يوجد نبع ماء يصل طوله إلى 4 أمتار وعرضه متر واحد، وتوجد شجرة بجوار ذلك النبع. هذه الشجرة مثل جميع الأشجار الأخرى تتساقط أوراقها وتخضر من جديد حسب كل موسم. أوراق الشجرة خضراء، لكنها لا تثمر مثل الأشجار الأخرى. تنتج كل الأشجار الأخرى ثمرة الكزوان أي ينمو صمغها ويؤكل ويستعمل. لكن هذه الشجرة لا تنتج ثماراً، إنها تخضر فقط. اسم هذه الشجرة هو "شجرة الفتاة" وعمرها غير معروف، ومن الغصن الممتد من الشجرة إلى الأرض نبتت شجرة أخرى ولكنهما تشابكتا مع بعضهما البعض. لكن لم يعرف حتى الآن كم هو عمر هذه الشجرة. ولمعرفة المزيد عن قصة هذه الشجرة واختلافها وعن كيفية حمايتها من قبل الأهالي، كانت لوكالتنا لقاء مع مريم الحسن البالغة من العمر 60 عاماً وهي من أهالي القرية.
أوضحت مريم الحسن في بداية حديثها أن أهالي جبل كزوان يكسبون قوت يومهم من تربية الأغنام، "هذا المكان هو مسكني وملجأي وموطن طفولتي. نعيش هنا ونكسب رزقنا وقوت يومنا من تربية الأغنام. هناك العديد من الينابيع التي نقوم باستجرار المياه منها وتستفيد منها مواشينا".
 
قصة "شجرة الفتاة"
وأشارت مريم الحسن إلى أنه هناك شجرة في خيرا تختلف عن سائر الأشجار "هذه الشجرة موجودة من زمن أجدادنا ويقولون أن هناك نبعاً تحت هذه الشجرة. سمعت من جداتنا أنه في زمن اليهود عندما كانوا يقاتلون في جبل كزوان، لم تكن هذه الشجرة شجرة بل كانت فتاة. ويقال إن الفتاة طلبت من الله أن يحولها ويجعلها شجرة حتى لا يمسك بها الجنود اليهود ويعتدوا عليها، فاستجاب لها الرب وحولها إلى شجرة وخلق بجانبها نبعاً. ليست لدينا معلومات مفصلة لأن عمر هذه الشجرة طويل جداً سمعتها جدتي من أجدادها وأخبرتني بها. وبمرور السنين تتضاءل المعلومات ولم يتبق أحد من ذلك الوقت ليروي القصة الحقيقية. لكن ما نتذكره حتى الآن هو أن هذه الشجرة هي في الواقع فتاة".
 
"يزور المسافرون والزوار هذه الشجرة"
بينت مريم الحسن أن الأهالي يستفيدون كثيراً من نبع الشجرة، "عندما يمر الرعاة بالقرب من النبع تشرب الأغنام الماء من هذه النبع كما تقوم العديد من العائلات باستجرار الماء من النبع وسقاية البساتين التي يزرعون فيها الخضروات في الخريف والربيع. وفي نفس الوقت يتوقف الكثير من المسافرين في القرية لزيارة هذه الشجرة. كما أن العديد من الزوار من مختلف المدن في منطقة الجزيرة يأتون في السنوات الأخيرة بشكلٍ خاص لزيارة الشجرة. يأتي الزوار من بداية شهر شباط حتى بداية أيار ويجلبون معهم الكثير من الأطعمة ويفرح أطفال القرية بذلك. ولكن للأسف بسبب حالة الحرب، لم يعد الزوار يأتون كما في السابق، وخاصة في السنوات الست الماضية أصبحوا قليلين جداً".
 
"يشفى المرضى الذين يلجؤون إلى هذه الشجرة... إنها شجرة الأمنيات"
ولفتت إلى أن الشجرة هي أيضاً شجرة الأمنيات، "هذه الشجرة هي أيضاً شجرة الأمنيات، حيث يقوم الأهالي والزوار بربط خيط لا يهم لونه بالشجرة، ووفقاً لنوايا قلوبهم تتحقق رغباتهم وأمانيهم. فمثلاً إذا كان الإنسان مريضاً وربط خيطاً بالشجرة فإنه يتحسن ويشفى من المرض. يلجأ الناس إلى هذه الشجرة وكأنهم يريدون التخلص من كل الآلام والأمراض".
 
"من يأخذ أحد فروع الشجرة المتساقطة على الأرض من المحتمل أن تحدث له كارثة"
وصفت مريم الحسن الفرق والاختلاف بين هذه الشجرة وغيرها من الأشجار "أوراق هذه الشجرة خضراء ولكنها غير مثمرة، والأشجار الأخرى الموجودة على الجبل تثمر ويؤكل صمغها. وكذلك تؤكل ثمار الكزوان التي تنتجها وتستخدم في القهوة. وعندما تسقط فروع الأشجار اليابسة نحرقها ونستخدمها كالقش. ولكن هذه الشجرة ليست كذلك، فحتى الفروع الصغيرة التي تسقط من الشجرة لا نستطيع ولا نجرؤ على احراقها لأنها شجرة مباركة. في الماضي، روى الأشخاص الذين كانوا حاضرين في الحدث أنه 'في إحدى المرات جاء بعض الزوار، ولكنهم لم يكونوا يعرفون شيئاً عن هذه الشجرة، فقاموا بجمع أغصان الشجرة المتساقطة على الأرض وأخذوها. وقبل أن يخرجوا من قرية خيرا انقلبت سيارتهم واحترقوا'. طلبت مني والدتي أيضاً أن لا أرفع أو أحرق غصناً أو فرعاً صغيراً متساقطاً من هذه الشجرة وأنا أفعل ذلك ولا ألمسها. فمن المحتمل أن تحدث لنا كارثة إذا ما قمنا بإحراق أو أخذ فرع صغير إلى المنزل. لا أحد يلمس فروع الشجرة اليابسة والذابلة التي تتساقط على الأرض. ولكن عندما تنمو وتخضر الشجرة نجلس ونستريح تحت ظلها ونأكل طعامنا بالقرب منها ونشرب الماء من نبعها".
 
"من منسوب المياه، نعرف كيف سيكون موسم العام"
أشارت مريم الحسن إلى أنهم يعلمون كيف سيكون موسم السنة من منسوب مياه النبع "في السابق اعتدنا أن نشرب الماء من نبع الشجرة، وفي السنة التي تهطل فيها الأمطار تتدفق مياه النبع وتسير في الوادي. وفي السنوات القليلة الماضية، جف النبع. فعندما ينخفض مستوى مياه النبع، نعلم أن الموسم سيكون أيضاً قليلاً. وقد انخفض منسوب المياه هذا العام أيضاً".
 
"يجب حمايتها والاعتناء بها"
وقالت مريم الحسن في ختام حديثها "أنا أحمي هذه الشجرة كثيراً، ولا أسمح للأطفال برميها بالحجارة أو ضربها بالعصي، لأن هذا لا يجوز، وعلى كل من يزورها أن يحميها ويعتني بها ولا يسمح بإيذائها".