نهر قريسو... مشكلة تحولت إلى أزمة بيئية
منذ سنوات طويلة، تجاوزت قضية نهر قريسو في كرمشان المشكلة وتحولت إلى أزمة بيئية، وخلافاً لادعاءات المؤسسات الحكومية، لا يزال هذا النهر ملوثاً بمياه الصرف الصحي الصناعي والمنزلي.
جوان كرمي
كرماشان ـ نهر قريسو الذي يدخل مدينة كرماشان من الشمال الغربي ويخرج من الجنوب الغربي ويتدفق شغفاً في قلب المدينة كان يمكن أن يكون نهراً ساحراً مثل نهر النيل في القاهرة أو السين في باريس أو الدانوب في روتردام أو فولغا في فولغوجراد.
لكن منذ سنوات عديدة لا توجد أخبار عن ذلك النهر، بل إنه أصبح يتسبب بأمراض مزمنة، بما في ذلك الجفاف نتيجة تراكم القمامة والتلوث بمياه الصرف الصحي الصناعي والمنزلية، ولسنوات عديدة تجاوزت قضية هذا النهر المشكلة وتحولت إلى أزمة بيئية.
وحتى المؤسسات الحكومية، التي تحاول دائماً جعل القضايا البيئية تبدو أقل أهمية من خلال وجهة نظرها الاختزالية، اضطرت أيضاً إلى قبول الأمر باعتباره أزمة، ولذلك، تم إدراج اسم مكتب إدارة الأزمات في مقاطعة كرماشان أيضاً في قائمة المسؤولين عن التعامل مع مشاكل نهر قريسو، ومن المؤسسات الأخرى المسؤولة عن هذه الأزمة محافظة وبلدية كرماشان، ومنظمة المياه الإقليمية، وإدارة المياه والصرف الصحي.
نهر قريسو
يبلغ طول نهر قريسو 170 كم، وينبع من سفوح جبل شاهو، وخاصة من سراب خروشان روانسر وبعد انضمامه إلى نهر رازاور بالقرب من قرية شابغار، يعبر ببطء سهل كرماشان وبعد اندماجه مع نهر رازاور يدخل نهرا ميرج "كولغو وأبشوران" إلى مدينة كرمشان من الشمال الغربي ويدخل هذا النهر الهادئ والجميل سابقاً المدينة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، ويمر تحت "الجسر القديم" وينضم إلى نهر "غاماسياب" في "مضيق دواي" الواقع في منطقة فرمان، ويعتبر هذان النهران من أهم روافد نهر "سيمره" الذي يصب بدوره في الكرخة والكارون وأخيراً الخليج.
فنهر سيمره ينتمي إلى منطقة مستجمعات مياه الخليج ومن الجسور التي أقيمت على نهر قريسو "الجسر القديم" الذي يزيد عمره عن 500 عام ويعود إلى العصر الصفوي، مما يدل على أهمية نهر قريسو منذ زمن بعيد وارتفاع حجم مياهه في الماضي وقد أفاد العديد من المستشرقين في القرن التاسع عشر أن عرض النهر يتراوح بين 32 و64 متراً، ويختلف باختلاف فصول السنة حسب هطول الأمطار.
الصرف الصحي المنزلي
وأهم مشكلة هي التلوث بمياه الصرف الصحي الصناعي والمنزلي في مدينة كرماشان وعلى الرغم من المقابلات العديدة والإعلانات الرسمية من قبل المؤسسات الحكومية في عدة مرات خلال السنوات الماضية عن قدرتهم على السيطرة على الصرف الصحي الصناعي والمنزلي لمدينة كرمشان ومنعه من التسرب إلى نهر قريسو، إلا أن الصور المسجلة لدى وكالتنا تدحض هذا الادعاء بشكل واضح وتشمل مياه الصرف الصناعي التي تدخل قريسو على الأقل مياه الصرف الصحي للمصفاة وشركة النفط ومدينة كرماشان الصناعية، وفيما يتعلق بالصرف الصحي المنزلي، لا بد من الإشارة إلى الصرف الصحي لمنطقة چیامیرزا (الإلهية)، وخاصة بلدة المحرابي، وكذلك بلدات تطوان وزفر ورودكي ومسكن وتقواسان تصب في النهر.
خلال السنوات الماضية، وفي الاجتماعات المتكررة للمؤسسات المذكورة لحل أزمة قريسو، تقرر نقل مياه الصرف الصحي المنزلية من مناطق مختلفة من مدينة كرماشان إلى المصفاة وبعد معالجتها سيتم نقلها إلى قريسو لكن من خلال تحقيقات وكالتنا والتي يمكن رؤيتها أيضاً في الصور، تبين أنه لم يتم تنفيذ مثل هذه الآلية، بل تم التخلص مباشرة من مياه الصرف الصحي المنزلية في مناطق مختلفة من المدينة ووضع القمامة في النهر.
مياه الصرف الصناعي
ومن الصور التي حصلت عليها وكالتنا يتضح أيضاً أن أحد خطوط الصرف الصحي هذه تدخل إلى قريسو من شركة النفط، وفي الوقت نفسه، حصلت هذه الشركة على شهادة الصناعة الخضراء، وأحد معاييرها هو عدم التسبب في تلوث البيئة! بالطبع، ولبعض الأسباب، لم نتمكن من التحقق من كامل مسار تقاطع شركة النفط مع حدود قريسو، وهناك احتمال أن تصب كمية أكبر من مياه الصرف الصحي من هذه الشركة والمصفاة في قريسو.
ومن الجدير بالذكر أن الأضرار التي تسببها مياه الصرف الصحي الصناعية على النظام البيئي أوسع بكثير من مياه الصرف الصحي المنزلية. تحتوي مياه الصرف الصناعي، وخاصة مياه الصرف الصحي الناتجة عن مصفاة النفط، على مركبات معدنية ثقيلة جداً، والتي يمكن أن تلوث أي نهر بشدة عن طريق دخولها وتُستخدم مياه قريسو لأغراض الزراعة وتربية الحيوانات على نطاق واسع، ويمكن لهذه المياه العادمة السامة أن تسمم الماشية وتلوث أي منتج زراعي.
كما أن جزءاً كبيراً من حجم مياه أي نهر يخترق التربة ويعود إلى سطح الأرض على شكل سراب وينابيع تستخدم كمياه للشرب وبهذه الطريقة، يمكن لمياه الصرف الصناعي أن تلوث مياه الشرب في منطقة كبيرة بشدة.
الأمل في إنقاذ النهر يبتعد أكثر فأكثر
وبحسب آخر التقديرات في ربيع عام 2023، فإن إعادة تأهيل وإنقاذ نهر قريسو يحتاج إلى أكثر من 3000 مليار تومان من الأموال، تم تأمين 3 مليارات تومان فقط في ذلك الوقت إلى الآن، وبسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية لإيران، يمكن التقدير أن حل هذه الأزمة البيئية الكبيرة تتطلب ما لا يقل عن 4000 مليار تومان، لكن المؤسسات الحكومية في إيران أظهرت أن القضايا البيئية ليست من أولويات برامجها، ومثل هذه الميزانيات تصرف في مجالات أخرى من قبل نفس المؤسسة حتى لو تمت الموافقة عليها في محافظة محرومة مثل كرماشان.
في النظام الإيراني كانت المجالات الأمنية والعسكرية والدعاية الأيديولوجية دائماً ذات أولوية، والآن، نظراً للنقص الحاد في الكهرباء والمياه في الصيف، ونقص الغاز في الشتاء، والعديد من مشاكل البنية التحتية في مقاطعة كرماشان، وما إلى ذلك، فمن غير المرجح أن يتم تخصيص مثل هذه الميزانية لإنقاذ قريسو. إن تنفيذ مثل هذه المشاريع يأتي في المقام الأول من موقف بيئي وهو ما يبعد عنه النظام الإيراني أميالاً.