مشاركة لبنانية فاعلة في مؤتمر المناخ كوب 28

شارك مجموعة ناشطين/ات من لبنان ضمن فعاليات قمة المناخ كوب 28 الذي أقيم في الإمارات، ركزوا خلالها على قضية التغيير المناخي وتأثيره خصوصاً على النساء والفئات الهشة.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ بهدف التعريف بالوعي البيئي في المجتمعات، شارك مجموعة من الناشطين/ات في فعاليات قمة المناخ كوب 28 بعد أن شهد لبنان أزمة بيئية كبيرة تركت آثارها وتداعياتها على الفئات الهشة في المجتمع.

شارك ناشطون/ات من المجتمع المدني والجهات الرسمية في فعاليات قمة المناخ COP28 الذي عقد مؤخراً في الإمارات، بعد متابعة القضايا الملحة ولا سيما المتعلقة بتغير المناخ وآثارها على المجتمعات والبيئة والفئات الهشة في المجتمع.

تقول منسقة الحملات والتواصل العالمي بتحالف "أمة لأجل الأرض" نهاد عواد "رفعنا مطالب التحالف إلى القادة الروحيين في "جناح الإيمان" المستحدث لأول مرة في مؤتمر المناخ COP28 ولقادة سياسيين، كان لدينا في الجناح خمس فعاليات، بالإضافة إلى فعاليتان إحداها في جناح الأبنية السعودي والآخر في الجناح الكندي، طرحت مواضيع متنوعة بين الاقتصاد الإسلامي، ودور الجندرة والعمل المناخي وغيرها من القضايا، بحضور أعضاء التحالف"، لافتةً إلى أنه "كتحالف بدأنا العمل منذ أكثر من ثلاث سنوات، آنذاك كنا عبارة عن خمس منظمات لنصبح الآن 25 منظمة معظم قادتها من النساء، بهدف التعريف بالوعي البيئي في المجتمعات، وتمت دعوتنا إلى فعاليات عدة أطلقنا خلالها خططنا للسنوات المقبلة".

وأضافت "انتهت قمة المناخ بعد مناقشة العديد من المواضيع والقضايا"، مشيرةً إلى أنه من أهمها الدعوة إلى إنهاء عصر الوقود الأحفوري إلى الأبد ودعم الإنتقال إلى الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتنقلنا إلى مستقبل منصف وعادل، وبالرغم من أننا لم نتمكن من الوصول إلى الطموحات التي نريدها، لكن مناقشة تلك القضايا أعطانا الأمل للمستقبل مع إنجاز الخطوة الأولى منه، ومع تعزيز التزام الدول بتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، ومطالبة الدول النامية بالدعم المالي والتكنولوجي لمواجهة التحديات البيئية لتكون لهذه الدول القدرة على التكيف مع آثار التغيرات المناخية".

أزمة بيئية كبيرة في لبنان

فضلاً عن الأزمة الاقتصادية والسياسية شهد لبنان أزمة بيئية كبيرة جداً، وكذلك تلوثاً بيئياً نتج عنه آثار سلبية أثرت على الصحة العامة "كانت لبنان من الدول التي شهدت تغيرات مناخية كارتفاع درجات الحرارة، وتغير في نسب المتساقطات، ومن المتوقع أن يشهد في المستقبل ارتفاع منسوب مياه البحر في بيروت والتي يمكن أن تتسبب بنتائج سلبية على القطاع السياحي، لذلك لبنان بحاجة إلى تنظيم فعال لإدارة الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى الوعي للحفاظ على هذه الموارد ة بطريقة مستدامة ومنع التدهور البيئي".

ولفتت إلى أنه "كمجتمع نعاني العديد من المشكلات الأمنية والاجتماعية، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي ألقت بثقلها على البلاد وأصبحت هناك أولويات صحية واجتماعية، كما نشهد تصاعداً في عدد السرقات والقتل، ومن الأمور الناجحة التي لمستها هو أنه عندما نربط الأزمة البيئية بتأثيرها على الاقتصاد أو على الصحة وكثرة الأمراض ستكون الاستجابة أكبر، فعندما نتحدث عن الطاقة المتجددة فالناس لا تهتم، ولكن مع انقطاع التيار الكهربائي المستمر وجدنا أن هناك موجة اهتمام بالطاقة المتجددة".

وأضافت "عند التحدث عن لبنان نجد أن هناك موجة كبيرة من الاستياء والغضب تجاه الدولة، والأزمة الاقتصادية، ومع ذلك لا تستجيب الحكومة للمطالب ولا هي قادرة على التصدي للتحديات المناخية ولا البيئية"، مشيرةً إلى أن اللبنانيين/ات رغم كل الظروف لديهم أمل، ويتجهون نحو التغيير وتحسين الأوضاع، وإحداث إصلاحات في البلاد.

النساء الأكثر تضرراً من تغير المناخ

وقالت إن "النساء من أكثر المتضررين من التغيرات المناخية جراء التحولات البيئية والاقتصادية، خصوصاً على اللواتي تعملن في القطاع الزراعي، لافتةً إلى أن النساء لديهن دوراً إيجابياً في المجتمع وتساهمن في الجهود الاجتماعية والإنسانية، وتتحملن العبء الأكبر كونهن الأكثر تأثراً بتغير المناخ وخصوصا من الناحية الصحية"، مضيفةً "قبل الأزمة الاقتصادية كنا نطالب أن يكون لدينا قضاء بيئي وشرطة بيئية، ولم تتحقق هذه المطالب، والآن وبعد الأزمة الاقتصادية، نرى أن هناك زيادة في قطع الأشجار وعدد الحرائق، ولضبط هذه الأمور لا أظن أن الحكومة في هذا الوضع الذي تمر به ستكون قادرة مادياً على حلها، لذلك يجبر المزارعين/ات وأصحاب الأراضي الزراعية على ترك أراضيهم والنزوح إلى المدينة وهو ما يخلق تحديات اجتماعية، لذلك نحن بحاجة إلى إجراءات عاجلة لحل تلك القضايا".

وعن تأثير التغيرات المناخية والأزمة الاقتصادية على المرأة قالت "في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة لا تستطيع المرأة إدارة منزلها ما أثر عليها نفسياً واجتماعياً وصحياً كذلك، وهو ما نراه في قطاع غزة، فالنساء تلدن دون مخدر، وتفتقرن إلى المستلزمات الشخصية، فالمساعدات تقتصر على الغذاء، لذلك من الضروري توفير خدمات صحية خاصةً للنساء خلال الكوارث والحروب، لتتمكن المرأة من مواجهتها بالصورة الأمثل".

كما تزيد الفيضانات مثل التي شهدتها ليبيا من التحديات التي تواجهها كحالات النزوح إلى بيئات غير آمنة، بالإضافة إلى التعرض للعنف والاستغلال الجنسي في الدول النامية، وبما أن الدور الاجتماعي للمرأة في العديد من المجتمعات العربية والعالمية ومنها في لبنان يقتصر على الرعاية والحفاظ على الأسرة، فعند حصول الكوارث يحصل ضغط أكبر، ويتعاظم هذا الدور".

وعن الحلول التي يمكن تطبيقها أكدت "من الضروري تحسين وضع المرأة خصوصاً في الوصول إلى الموارد وتوفير فرص اقتصادية من قبل المجتمع المدني وتمكين المرأة من خلال تعزيز مشاركتها في اتخاذ القرار، وعملية إدارة الكوارث، فوجود المرأة إلى جانب الرجل يعزز المساواة بين الجنسين والمساهمة في التخفيف من آثار الكوارث، ومن أهدافنا إنشاء مبادرات مناخية تتطلب الانتقال الممنهج والعادل من الاستخدام والاستثمار في الوقود الأحفوري، وتمكين المجتمعات المتأثرة بتغير المناخ، والضغط سياسياً على التقاطع والترابط في القيم والمبادئ والمساهمة بالعدالة المناخية".

ومن أكثر المناطق تأثراً بالتغيرات المناخية هي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث من المتوقع ازدياد اضطرار العديد من المجتمعات وخصوصا الزراعية منها إلى النزوح بسبب تغير المناخ، لذلك يجب العمل على اتخاذ تدابير محددة لتعزيز قدرتهم على التكيف مع التحولات البيئية، لافتةً إلى أن المجتمعات التي تعتمد على الموارد الطبيعية هي الأكثر تضرراً وتأثراً بالعوامل المناخية مما يؤدي إلى تدهور مستواهم المعيشي خصوصاً النساء والأطفال وكبار السن.

من جهتها قالت خبيرة الجندر والمناخ ورئيسة اتحاد النساء العالمي للسلام والحرية شيرين الجردي "أعددنا ملفاً يحمل مجموعة من المطالب ويوضح التحديات التي يواجهها العالم العربي، وكنساء نريد أن نكون في مواقع القرار، ومنها الحماية من الصراعات المسلحة والتي لها أيضاً دوراً في التغيرات المناخية، فضلاً عن موضوع الخسائر والأضرار المتعلقة بالتغيرات المناخية، كما تحدثنا عن موضوع التمويل المناخي المتعلق بآثار التغير المناخي وكيف يمكن أن نربط كل ذلك في الأرض التي نعمل عليها، وأهم النقاط التي تناولتها التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ورفض التلاعب بالكلمات حول هذه القضية بحيث لا تؤدي لتغيير حقيقي على الأرض، والتركيز على قضية وقف إطلاق النار في غزة وأن لا عدالة مناخية على أرض محتلة".

وأشارت إلى أنه "لم ننجح بالشكل المطلوب في مخرجات قمة المناخ فالتغيير لا يحصل بين يوم وليلة، وكلجنة المرأة واللون الاجتماعي، ففي اليوم الأخضر للنساء في العالم العربي وغيره قدمنا مطالبنا والتشارك بين النساء من مختلف أنحاء العالم، ومن المهم ذكره ربطنا الصراعات بالتغير المناخي"، مضيفةً "كانت للتغيرات المناخية أثار سلبية على المزارعات كما في العراق اللواتي تعانين من الجفاف والتصحر، والتي تنعكس عليهن من الناحية الفسيولوجية والبيولوجية الذي تمررن بها سواءً المتعلقة بالدورة الشهرية والرضاعة".

وأكدت أنه "من المهم البناء على هذه المعرفة سواءً كمجموعات نسوية وبيئية وغيرها والعمل معاً بإطار جماعي "عمل فريق" وهو للأسف ما نفتقده، فليس المهم من ينجح، بل أن تنجح القضية، كما وأشدد ضرورة العمل مع بعضنا البعض لتكون لدينا أجندتنا الواضحة وأولوياتنا في لبنان والمنطقة، وأن نبدأ بالعمل على الأرض ودراسة التحديات للوصول لنتائج إيجابية".