مريم عاصي تحقق حلمها بإعادة التدوير بـ Marazal

دفعها الطموح والشغف والاهتمام بالبيئة إلى الاتجاه نحو إعادة التدوير، ومعها انطلق حلم مريم عاصي الذي أصبح حقيقة.

كارولين بزي

بيروت ـ أزمة النفايات في لبنان التي اشتدت في العام 2016 كانت حافزاً لمريم عاصي، التي وجدت أن عليها أن تحمي البيئة التي تعيش فيها من خلال إعادة التدوير واختارت عبوات الزجاج هدفاً لها، أما الصورة فكانت لشمعة في زجاجة ألهمتها لتبتكر خاصتها بدلاً من شرائها، ومنها انطلق Marazal.

لم تكن أزمة النفايات وصورة رأتها على الانترنت قصص عابرة في حياة مريم عاصي، بل كانت الانطلاقة نحو تحقيق حلمها.

 

"تجربتي مع إعادة تدوير الزجاج"

بدأت مصممة الغرافيك مريم عاصي مسيرتها مع إعادة تدوير الزجاج في أواخر العام 2016. وتقول لوكالتنا "عندما اشتدت أزمة النفايات لفتني العديد من الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تدور حول إعادة التدوير بغية التخلص من النفايات، وبما أنه كان لدي وقت فراغ ولاسيما في عطلة نهاية الأسبوع عندما كنت أزور عائلتي في الجنوب حيث أقيم حالياً، وجدت أنه بإمكاني الانشغال بمشروع أحقق من خلاله طموحي، وجذب اهتمامي موضوع إعادة التدوير".

وأوضحت "اتجهت نحو إعادة تدوير عبوات الزجاج وهي طريقة ليست رائجة بكثرة في لبنان، ولاسيما بالطريقة التي أستخدمها"، مشيرةً إلى أنها "اختبرت في البداية إعادة تدوير أكثر من مادة، حتى أعجبني العمل بالزجاج، إذ أن الزجاج مادة جميلة ويجب الاستفادة منها، كما أنها مادة تحتاج لفترة طويلة جداً لتتحلل ولا تفقد قيمتها ولو أعدنا تدويرها أكثر من مرة لا تفقد جودتها. على الرغم من أن التعامل مع الزجاج مؤذي أحياناً ودقيق ولكن طالما نحن نرتدي الملابس الواقية والقفازات المناسبة نستطيع أن نحمي أنفسنا".

لم يكن لدى مريم عاصي أي فكرة عن كيفية التعامل مع الزجاج وتقطيعه، إلا أنها دربت نفسها وحاولت أكثر من مرة حتى وصلت إلى الطريقة المثلى التي معها أصبح باستطاعتها أن تقص عبوات الزجاج. خطوتها بعد أن نجحت بقص العبوات تابعتها باستشارة ذوي الخبرات كعمال الزجاج ومحلات الخردوات.

مرحلة أخرى مرت بها إعادة تدوير الزجاج وعن ذلك تقول "من أجل الحصول على منتج نستطيع أن نستخدمه في حياتنا اليومية ككوب ماء أو شمعة أو غير ذلك، وما إن تعرفت على كيفية التعامل مع الزجاج اشتريت الأدوات الخاصة لذلك وانطلقت بالمشروع".

بدأت مريم عاصي بالعمل على تصميم تلو الآخر، من الشمع وتذويبه ووضعه في زجاجات أُعيد تديروها بهدف الحصول على المنتج النهائي، إلى جانب أوعية النباتات والمصابيح الكهربائية العصري منها والكلاسيكي "استخدم أحياناً الخشب في المصابيح أو القطع الأخرى التي أعيد تدويرها لأن المزج بين الخشب والزجاج يوّلد قطعة مميزة، وأحياناً كنت أستخدم بقايا الخشب لدى النجار أي أقوم أيضاً بإعادة تدوير الخشب".

غادرت مريم عاصي المجلة التي عملت فيها لنحو عشر سنوات لتتفرغ لمهنتها الجديدة في إعادة تدوير الزجاج نظراً لضيق الوقت، موضحة "شعرت أن هذا المشروع الذي أريد أن أطوّره يحتاج إلى وقت أطول، فقررت في عام 2020 أن أترك عملي في المكتب وتزامن ذلك مع انتشار وباء كورونا وتراجع الطلب على المجلات الورقية".

وأكدت على أنها كانت واثقة منذ البداية أن هذا المشروع في حال استثمرت فيه طاقتها ستصل إلى المكان الذي تريده وبالفعل حلمها مع هذا المشروع تحقق.

ساهمت دراسة مريم عاصي في تصميم الغرافيك في تطوير نفسها في هذا المجال من ناحية الابتكار والاهتمام بالتصاميم والديكور، مؤكدةً على أن دراستها ساعدتها في منح مشروعها هوية خاصة.

أطلقت اسم Marazal على مشروعها، وتوضح "مارازال كاسم هو مزيج بين اسم "مريم" ومصطلح "أزل" للإشارة إلى تخليد اللحظات والذكريات الجميلة والجلسات مع الأصدقاء".

 

 

الهدف بيئي

تعترف بأن المشروع أصبح قريباً من الناس لأن هدفه بيئي، لذلك سارعوا للتواصل معها من أجل منحها قوارير الزجاج التي يمكنها أن تعيد تدويرها بدلاً من رميها في النفايات.

على الرغم من أن المشاريع حتى الصغيرة تحتاج إلى رأسمال، لكن مريم عاصي لم تتلق الدعم المادي من أحد، وتقول "لم أتلقى المساعدة المادية من أحد، إذ كنت أعمل وعندما أحصل على راتبي الشهري كنت أدخر مبلغاً صغيراً أشتري فيه حاجيات المشغل، إلا أنني تلقيت دعماً معنوياً من عائلتي وأصدقائي، فمن دون الدعم المعنوي لا يمكن لأحد أن يستمر".

 

"إلى العالمية... هذه رسالتي للمرأة"

عن القطعة الأولى التي باعتها، تشير إلى أنها باعت وعاء نبتة، وتسعى مريم عاصي لأن تتجاوز علامتها التجارية حدود البلاد وتصبح عالمية عبر تصديرها إلى الخارج، لكنها تحتاج أولاً إلى الدعم من البلدان اللبنانية. كما تحلم بأن توسع مشغلها وتطوّر عملها أكثر في المستقبل.

تستعين مريم عاصي في حال احتاجت إلى مساعدة في عملها، بنساء معيلات لعائلاتهن لأنها تعتبر أن المرأة تهتم بالتفاصيل أكثر وبأنها أكثر دقة من الرجل.

لا يوجد قطعة أصعب من قطعة في مجموعة مريم عاصي، إذ تعتبر أن كل قطعة تحتاج لمجهود ووقت بمعدل يومين. 

ووجهت مريم رسالة إلى المرأة قالت فيها "مشروعي يتضمن الكثير من العبر والرسائل، إذ تستطيع كل امرأة أن تبدأ من الصفر على غرار ما قمت به، وتستعين بمواد مهملة ومرمية، وبالتالي ما أن تتخذ المرأة قرار الانطلاق ستجد بأن العالم كله تعاون معها، قصتي ليست قصة النجاح الوحيدة، بل مشروعي نجح من بين آلاف المشاريع التي أطلقتها نساء وهذا يشكّل حافزاً لاستمراريتنا".