لبنان ... شابات تؤكدن على مواصلة النضال لتحقيق العدالة المناخية

أكدت مشاركات في مخيم العدالة المناخية على مواصلة الجهود لتحقيق العدالة المناخية التي تطال البيئة وحقوق الفئات المهمشة ولا سيما النساء.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ اجتمع 450 شاب/ة ناشطين في مجال العمل المناخي من 100 دولة من المناطق الأكثر تأثّراً بتغيُّر المناخ حول العالم ومعظمهم من دول الجنوب العالمي، في مخيم العدالة المناخية بهدف تطوير الاستراتيجيات والمطالب التي تدعو صناع القرار لوضع العدالة المناخية في صلب صنع السياسات.

أقيم مخيّم العدالة المناخية بمنتجع باين لاند في محافظة جبل لبنان بين 28 آب/أغسطس و1 أيلول/سبتمبر، والذي يعد أضخم حدث من نوعه في المنطقة بمشاركة أكثر من 40 منظمة محلّية وعالمية، فبعد نجاح المخيم الافتتاحي الأول الذي أُقيم في شهر أيلول/سبتمبر من العام الماضي في تونس، وبمشاركة شباب وشابات من مناطق مختلفة لا سيما من الفئات المهمشة من مناطق دول الجنوب العالمي الأكثر تأثراً بتغير المناخ، بما في ذلك الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا والكاريبي ومنطقة المحيط الهادئ ومعظمهم من النساء حيث شكلن 70 بالمئة من المشاركين.

ويهدف المخيم لبناء علاقات وشبكات وتحالفات مشتركة وعابرة للحدود داخل الحركة المناخية في الجنوب العالمي من مختلف القطاعات يمكن أن تبقى متواصلة بعد المخيم، وبناء قدرات ومهارات الشباب، وتشكيل استراتيجيات، وتكتيكات، وأشياء رمزية كركائز للعمل التضامني.

وتضمنت النشاطات ورش عمل حول مواضيع عدة منها تعويض الخسائر والأضرار والتكيّف المناخي، والانتقال التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري والعمل على تطوير شراكات وشبكات بينهم بهدف الدفع نحو التغيير على المستويين المحلي والعالمي.

وقد تم اختيار المشاركين/ت من بين آلاف طلبات الانضمام إلى هذا المخيم، واستناداً إلى عوامل تشمل المجموعات التي يشاركون فيها، ومستوى الخبرة، والدافع لبناء علاقات عابرة للقطاعات وعابرة للحدود، وتم منح الأفضلية للمتقدمين من مناطق الجنوب العالمي، مع التركيز على المشاركين المحليين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولا سيما النساء، فعلى الرغم من أن النساء تمثلن الغالبية في الحركة المناخية عموماً، إلا أن أصواتهن غالباً ما تكون غير ممثلة بشكل كاف في الساحة العامة، علما أن أزمة المناخ تتقاطع مع المساواة الجندرية، حيث تؤثر بشكل غير متساو على المجتمعات المهمشة وخصوصاً النساء.

 

التمييز الجندري

وحول ذلك قالت فاطمة الزهراء تاريب من المغرب، إحدى المشاركات في المخيم وهي شابة فاعلة في مجال العمل المناخي وحائزة على شهادة في العلوم السياسية "عندما نتكلم عن مفهوم العدالة المناخية، فأنه يشتمل بنظري على دمج قضايا البيئة وقضايا أخرى سياسية واجتماعية".

وأوضحت "نواجه الكثير من المعوقات في مجال العمل البيئي كنقص التمويل، ونقص الفرص خصوصاً لدى الشباب في المنطقة العربية وفي المنطقة الأفريقية، هناك الكثير من التمييز، ففي بعض الأحيان هناك مواضيع نشارك بها على طاولة مستديرة وتتم مقاطعتنا كنساء أكثر من الرجال، وهذا ما يجعلنا نشعر بأن هذا المكان ليس لنا، ونشعر بالخسارة، وأن المكان يحد من طموحنا، فالمرأة بنظرهم عضو أدنى كجنس ولا يجب اتخاذ قرارتها بجدية، وهذه من المشاكل التي نحاول التصدي لها".

وقالت "عندما بدأت النشاط في مجال المناخ، كان ذلك في مدرستي، فأسست مع صديقات نادي وأسميناه النادي البيئي وكان من أجل التوعية، وكنا نقوم بورشات عمل مع الأطفال من أجل إعادة التدوير ونشاطات بيئية أخرى، وبهدف توعية الشباب على المشاكل المناخية، بعد ذلك درست العلوم السياسية خصوصاً في مجال المناخ، وعملت مع منظمة عالمية وهي Women And Gender Constituency، وهي من المنظمات المشاركة في هذا المخيم، كما أنها منظمة ممثلة للنساء في نطاق الأمم المتحدة في المجال المناخي، تهدف إلى تسليط الضوء على المشاكل التي نعاني منها كنساء، وكذلك نقدم مطالب وحلول للقضايا التي تهم النسوية والمناخ".

وأوضحت "منحنا المخيم فرصة للقاء بالشباب من مناطق مختلفة والتعلم من تجارب وخبرات بعضنا البعض، وركزنا على التوعية بقضايا المرأة والبيئة والعلاقة بينها والتقاطع بين هذه القضايا، فالأطفال والنساء الأكثر تأثراً بالقضايا البيئية، ولكن ليس هناك وعي وفهم كافي لهذه العلاقة التي تجمع من جهة بين العلم ومن جهة ثانية العلاقة الاجتماعية والتي يجب التعريف بها للناس".

 

 

وقالت مسؤولة الحملات في منظمة غرينبيس سارة بن عبد الله من تونس "العدالة المناخية بمنظوري هي مسؤولية الأفراد فهم المسؤولون عن تعمق أزمة المناخ والتغييرات المناخية التي نشهدها اليوم في العالم".

وعن التحديات التي تواجهها كناشطة في مجال البيئة أوضحت "هناك غياب للإرادة في صنع السياسات التي تدفع للحد من التغيرات المناخية والانتقال الطاقي (الطاقوي)، وكامرأة في بلدي تونس، فالتحدي الأهم هو أن المجتمع لا يأخذني كناشطة بيئية أنثى على محمل الجد، وهذا الأمر امتد على مدى سنوات، حيث كان معظم الناشطين البيئيين من الذكور والذين استمروا طويلاً في العمل البيئي، فأنا أسعى لأثبات نفسي وأنه يمكنني المساهمة بالحركة المناخية في بلادي"، مضيفة "في تونس، المرأة حصلت على العديد من الحقوق، إلا أننا لا زلنا نعاني من نظرة المجتمع الذكوري".

وعن تجربتها في مخيم العدالة المناخية أشارت إلى أن "هذه التجربة ليست الأولى في مخيم العدالة المناخية، فقد كنت مشاركة في النسخة الأولى التي أقيمت في تونس، وكنت في لجنة التنسيق والتنظيم، أما هذه السنة فكنت ناشطة أكثر مع المشاركين وتعرفت على الكثير منهم، وعلى أفراد من جمعيات وشبكات تخدم في العالم العربي خصوصاً والعالم عموماً، وتمكنت من بناء علاقات وعند عودتي إلى بلدي، فسأواصل نشر هذه الثقافة والمكتسبات والوعي بقضية المناخ وهو هدف هذا المخيم، بنقل ما اكتسبناه من خبرات لمجتمعاتنا، وأن نطبقها ونبسطها للأفراد والذين لم يحالفهم الحظ بالمشاركة في المخيم".

ووجهت رسالة قالت فيها "على شباب العالمي والعربي المهتم بالشأن المناخي، مواصلة العمل على ما يبدعون به، واكتساب المزيد من الخبرات معاً، وخلق الشبكات التي تعمل على أكثر من موضوع وقضية مناخية وتطبيقها على الساحة المحلية والإقليمية والعالمية، ونقل المعلومات التي حصلوا عليها في المخيم للأشخاص الذين يفتقرون للوعي بقضايا المناخ والعدالة المناخية، كون هذه القضايا ليست قضية مستقبلية فحسب، بل قضية حاضرة وبدأنا نشعر بها من سنوات".

 

 

المبادرات والشركات البيئية الناشئة

المهندسة البيئية رين مثلج، وهي مؤسسة شركة ناشئة ((BIOwayste، وهي مؤسسة رائدة في معالجة النفايات وتحويلها إلى غاز حيوي وسماد عضوي أشارت إلى أن "مفهوم العدالة المناخية بالنسبة لي هو تحقيق التوازن والعدالة بين مختلف الشعوب والدول لنتمكن من مواجهة التحديات البيئية".

وقالت "واجهت الكثير من التحديات خلال مسيرتي حتى وصولي إلى هنا، بداية من كوني أنثى ودرست الهندسة البيئية، خصوصاً في ظل العقلية التي تعتبر هذا التخصص خاص بالذكور، وثانياً اختيار تخصص البيئة تحديداً".

وعن عملها ونشاطها أوضحت "نعمل على خطوات عدة خاصة بالتوعية في المجال البيئي، كما شاركت بالعديد من المبادرات، إحداها هي شركتي الناشئة BIOwayste، وقد قمنا بتصنيع آليات لبنانية مئة بالمئة من قبل مهندسين محليين، نتمكن من وضع النفايات العضوية فيها مثل بقايا الطعام والسماد الحيواني لتحويلها إلى غاز حيوي نستخدمه في الطبخ مثلاً، وتوليد الطاقة الكهربائية للاستخدام المنزلي، فضلاً عن سماد عضوي سائل للاستخدامات الزراعية".

واختمت حديثها برسالة وجهتها للشباب قالت فيها "جميعنا نواجه الكثير من التحديات، الاقتصادية والبيئية وغيرها، ولكن هذه التحديات دافع للوصول إلى المكان الذي نختاره ونريد، وليس ذلك فحسب، بل تدفعنا لابتكار أفكار وحلول جديدة للمواجهة، فلنبقى بهذه الهمة وأن نتمتع بالشغف بما نرغب بإنجازه، والتفكير بطريقة منطقية بأن البيئة هي مستقبلنا، وإن لم نحافظ على البيئة، فسنفقد المستقبل، فلنكن واعين بقضايا البيئة وأن نكون صناع التغيير".