هدير الحضري: "كوب 27" رفع معدل الاهتمام بقضايا المناخ وحالة الزخم مفيدة لتغذية الوعي العام

التغيرات المناخية ألقت بظلالها على العالم أجمع وأثرت على اقتصاد الدول المتقدمة قبل النامية، وهو الأمر الذي جعل العالم يبحث عن حلول لها، ومن المرتقب أن تستضيف مصر "كوب 27" الذي يحظى باهتمام جميع المعنيين بقضايا البيئة والمناخ.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تعد التغيرات المناخية واحدة من أكبر الأزمات التي تعاني منها الإنسانية في الفترة الأخيرة والتي ترتبط بشكل كبير بسلوكيات الأشخاص تجاه البيئة المحيطة بهم، وأصبح العمل على هذا الملف سعي بالأساس للحفاظ على استمرار الحياة على سطح هذا الكوكب الذي أصبح مهدد بالفناء في حال عدم تدارك الأمر.

العمل على قضايا المناخ والتغيرات التي طرأت بات له الأولوية في ظل الآثار السلبية التي طالت الجميع، وهو الأمر الذي أفرز مجموعة من الأفكار الحيوية التي أثرت على مسار العمل في تلك القضية وواحدة منها مدرسة المناخ التي ألتقينا مع المديرة الابداعية لها، الصحفية هدير الحضري.

وخلال الحوار مع الصحفية هدير الحضري، تمكنا من التعرف أكثر على أدوات الاستعداد لمؤتمر المناخ "كوب 27" الذي تستضيفه مصر خلال تشرين الثاني/نوفمبر المقبل وتأثيره على المهتمين بتلك القضية والرأي العام المحلي، كما تطرقنا لوضع الصحفيين وما قدمته لهم من تدريبات على الكتابة في هذا الملف، والتي لم تكن قاصرة على الداخل المحلي بل كان للكتاب في الكثير من البلدان العربية نصيب منها أيضاً.

 

النساء هن حائط الصد الأول في مواجهة الأزمات... كيف تقييمين واقع المرأة في ظل التغيرات المناخية؟

النساء هن أكثر الفئات هشاشة لذلك تتأثرن بمختلف الأزمات ومنها التغيرات المناخية، ومن أكثر الأعباء التي تقع عليهن زيادة الأعباء المنزلية المتأثر بالدور النمطي للمرأة وما ترتب عليه من مسؤوليات، فهناك عدد من القرى بها جفاف، وتضطر النساء للانتقال من أجل الحصول على المياه في رحلات طويلة وشاقة؛ لتلبية احتياجات أسرهن، والتغيرات المناخية أدت أيضاً إلى تسرب الفتيات من التعليم نتاج الظروف الاقتصادية السيئة التي تدفع الأسر نحو منع النساء من التعليم من ثم تزويجهن مبكراً.  

وهناك الكثير من النساء تعانين لاعتمادهن على الطهي الغير نظيف في الدول الافريقية، وتضطررن للخروج في رحلات طويلة للحصول على الأخشاب لاستخدامها في طهي الطعام، وهو ما يؤثر على الصحة سلباً ويرتفع معه معدل الوفيات بين النساء.

 

هناك حالة زخم بشأن التغيرات المناخية وتأثيرها على الواقع... كيف ترين حجم الوعي بتأثير تلك الأزمة على الحياة والتعاطي المحلي معها؟

الاستعدادات لمؤتمر المناخ "كوب 27" خلق حالة من الوعي في الأوساط العامة بقضايا المناخ المتنوعة، وتم البدء في فهم حجم الرابط بين ما حدث مؤخراً من تغيرات مناخية ومسار الحياة العادية للأفراد، وزاد أيضاً من حجم الاهتمام الإعلامي بالقضية، وما لذلك تأثير مباشر على حالة الوعي العامة نتيجة ما يتم نشره من معلومات عن الآثار السلبية للتغيرات المناخية، وطرق العمل على تحجيم تلك الأزمة من خلال تغيير السلوكيات العامة.

بينما طال الاهتمام بقضايا المناخ والوعي العام الصحفيين ومؤسساتهم وراح عدد ليس بالقليل منها يتجه نحو الكتابة عن واقع التغيرات المناخية، وتأثيرها على الحياة وهو أمر لم يكن منتشر قبل ذلك.

 

لمدرسة المناخ دور فعال في إثراء حالة الوعي... ما هي أدواتكم في التعاطي مع التغيرات المناخية؟

قمت بمشاركة الزميلة رحمة ضياء مؤسسة مبادرة "مدرسة المناخ" بتدريب عدد من الصحفيين/ات على الكتابة عن التغيرات المناخية وسبل التقاط الأفكار التي يمكنها أن تكشف جانب ليس بالقليل من تبعات التغيرات المناخية وتأثيرها بشكل عام.

كما تم عقد سلسلة من التدريبات التي شارك بها عدد من الخبراء والمهتمين بهذا المجال في محاولة منا للتفاعل مع تلك الأزمة ورفع مستوى الوعي العام بشأنها وكذلك إشراك الصحفيين/ات ومساعدتهم/ن في امتلاك أدوات العمل على هذا الملف والتعامل مع مؤتمر المناخ المقام في تشرين الثاني المقبل بمصر.

وبدأت العمل كمدير إبداعي في مدرسة المناخ في 2021، ونستهدف من عمل المبادرة تدريب أكبر عدد ممكن من الصحفيين/ا على الكتابة عن تغير المناخ بأسلوب سهل يصل للمجتمع بسهولة، وتمكنت مدرسة المناخ بمساعدة عدد من المدربين/ات المتخصصين/ات من الوصول لقطاع كبير من الصحفيين/ات.

ومن المقرر أن يتم تكثيف العمل في مدرسة المناخ خلال الفترة المقبلة في تدريب الصحفيين/ات لنصل لأكبر عدد ممكن منهم، وبالتالي زيادة عدد ورشات التدريب قبل المؤتمر، وخلال فترة انعقاده نتوقع أن يتم انتاج قصص مرتبطة بالتغيرات المناخية أكبر بكثير مما تم خلال العام كاملاً سواء من صحفيين/ات متخصصين/ات أو غير متخصصين وهو ما سيساهم في رفع من معدل الوعي العام بتلك القضية.

 

من المتوقع أن يكون لـ "كوب 27" تأثير مباشر على الواقع المحلي فما هو حجم ذلك التأثير؟

هناك عدد من الإجراءات التي اتخذتها مصر مؤخراً للحد من آثار التغيرات المناخية ومنها وضع اللائحة التنفيذية لقانون المخلفات الصلبة في آذار الماضي وهو أمر له تأثير هام على هذا الملف.

وانطلقت عدد من المبادرات والمشروعات البيئية المختلفة على مستوى واسع منها ما يتعلق بالمخلفات البيئية نفسها، وكذلك التكيف مع التغيرات في الزراعة وغيرها، ولا أرى أن قضايا المناخ وصلت للقاعدة العريضة من الأفراد فالكثيرون لا يدركون الرابط بينها ومسار معيشتهم من غذاء وصحة وغير ذلك من الأمور، والأمر مازال يحتاج لجهد خاصةً من جانب الكتاب والإعلام لتقريب الصورة أكثر.

ولمؤتمر المناخ "كوب 27" تأثير مباشر على اهتمام المؤسسات الصحفية بتلك الأزمة وفرد مساحات للكتابة حولها، بل وتصميم أقسام متخصصة للعمل عليها وهو أمر لم يكن موجود في السابق، وإن كنت أتخوف من تراجع هذا الزخم والاهتمام بعد انتهاء المؤتمر.

وبشكل عام يمكننا القول إن المؤتمر له العديد من الفوائد المتنوعة والتأثير مباشر على اهتمام المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بهذا الملف استعداداً له، وتمهيداً للعمل على تلك الأزمة العالمية أثناء انعقاده، كما أن هناك مشروع قانون في البرلمان الآن يناقش التحكم في هدر الطعام ويضع عقوبات على المؤسسات والفنادق التي تقوم بذلك، كما أن هناك تحول كبير نحو الطاقة المتجددة خلال السنوات المقبلة، فضلاً عن قانون المخلفات الصلبة وما له من تأثير على تلك القضية.

 

هناك عدد من المبادرات والمجموعات التي انطلقت للتعاطي مع أزمة التغيرات المناخية... ما تأثيرها وواقع وجودها؟

المبادرات ليست وليدة اللحظة فقد كان هناك عدد منها يعمل فعلياً على أزمة التغيرات المناخية ومنها المبادرات الشبابية لجمع المخلفات، أو تلك التي تطالب بمنع البلاستيك، أو الهادفة لتنقية مياه البحر من الشوائب، وأعتقد أن جميع المبادرات ستنتعش مع ارتفاع معدل الاهتمام بقضايا المناخ خلال الفترة المقبلة، وستجد مزيد من الدعم الحكومي أو حتى القطاع الخاص.

والفترة المقبلة أيضاً ستشهد زيادة معدل تلك المبادرات التي ستعمل على توعية الناس بمخاطر التغيرات المناخية وأدوات العمل على تغيير السلوكيات التي تحد من تلك الأزمة العالمية.

 

عدد كبير من الأفراد لا يدركون أن عليهم دور تجاه الحد من تأثير التغيرات المناخية... ما هي أهم الأدوات التي تقلل من تأثيرهم السلبي؟

هناك مجموعة من العادات التي يجب تبنيها منها التقليل من الاستهلاك وعدم السعي لشراء منتجات لن يتم استخدامها لأن هذا سيؤدي إلى هدر أكبر مما يؤثر على المناخ، كما أن هناك كم كبير من أطنان الغذاء الغير مستخدم يهدر سنوياً والتقليل منه يساعد في تقليل التأثير السلبي له، فضلاً عن تقليل هدر الطاقة وهو ما يؤدي لتقليل معدل استخدام الوقود الأحفوري وبالتالي يساعد في تراجع الأزمة.

وإجمالاً على الجميع تقنين استهلاكهم العام فضلاً عن الحد من استخدام البلاستيك لأنه أحد العناصر الأساسية في إنتاج الغازات المسببة للتغير المناخي، وأثناء التواجد في البحر يجب الاهتمام بعدم إيذاء الكائنات الحية الأخرى والحفاظ على الشعاب المرجانية التي تمثل التنوع البيولوجي في النظام البيئي حتى لا يحدث أي خلل.