أزمة بحيرة أورمية: الأسباب والعواقب وإجراءات التعافي غير الفعالة
بفقدان جزء كبير من مياهها، تعرضت بحيرة أورمية للتدمير الكامل بسبب الإدارة غير السليمة وبناء السدود والزراعة العشوائية.
مهتاب شريفي
أورميا ـ بحيرة أورمية، أكبر بحيرة مالحة في الشرق الأوسط، أصبحت الآن على وشك الجفاف بعد أن فقدت أكثر من 95% من حجم مياهها.
السبب الرئيسي لهذه الأزمة هو سوء إدارة الموارد وبناء العديد من السدود والزراعة العشوائية، مما أدى إلى انخفاض حاد في تدفق المياه إلى البحيرة، وفي حين تم تنفيذ مشاريع مثل نقل المياه من منطقة الزاب الصغيرة لإعادة التأهيل، إلا أن هذه التدابير، بالإضافة إلى عدم كفاءتها، أدت أيضاً إلى مشاكل بيئية جديدة.
انخفاض منسوب المياه والوضع الحرج لبحيرة أورمية
وقد فقدت بحيرة أورميا، التي كانت ذات يوم أكبر بحيرة مالحة في الشرق الأوسط، أكثر من 95% من حجم مياهها بسبب سوء إدارة الموارد، والإفراط في استغلال الموارد الجوفية، والتنمية الزراعية العشوائية، وقد وصل منسوب المياه في البحيرة إلى أقل من 1270، بينما كانت هذه القيمة أكثر من 1278 في العقود الماضية.
العوامل الرئيسية لأزمة بحيرة أورمية
جسر مركز الشرطة
ويُعرف بناء جسر "كالانتاري" الذي يربط أورمية بتبريز، بأنه أحد الأسباب الرئيسية للأزمة التي تعيشها البحيرة، وبدلاً من الالتزام بالمعايير الهيكلية وبناء الجسور، تم بناء هذا جسر مركز الشرطة عن طريق ملء جزء من قاع البحيرة بمواد ثقيلة مثل الرمال، مما أدى إلى انسداد تدفقات المياه الطبيعية بين الأجزاء الشمالية والجنوبية من البحيرة وزيادة التبخر.
أدى هذا الجسر إلى تعطيل تدفقات المياه الواردة ومع الانخفاض الطبيعي في مستوى المياه، أدى إلى تقسيم البحيرة تدريجياً إلى أجزاء أصغر.
بناء السدود واسعة النطاق في مستجمعات المياه
خلال العقدين الماضيين، أدى بناء العشرات من السدود في منطقة مستجمعات البحيرة إلى الحد بشدة من التدفق الطبيعي للأنهار المؤدية إلى البحيرة.
هذه السدود، التي تم بناؤها بشكل أساسي لتوفير المياه الزراعية والسيطرة على الفيضانات، لم تمنع مسار المياه الواردة فحسب، بل أدت أيضاً إلى خفض مستوى المياه في البحيرة بشكل كبير وتسببت في وصول تدفقات المياه المحدودة إلى البحيرة. وأدى انخفاض مصادر مدخلات المياه، خاصة خلال فترات الجفاف، إلى زيادة حدة الأزمة.
الزراعة العشوائية والمنتجات كثيفة الاستهلاك للمياه
أدى التطور الواسع النطاق للزراعة وزراعة المحاصيل عالية الاستهلاك مثل التفاح والبنجر في منطقة مستجمع مياه بحيرة أورمية إلى فرض ضغط كبير على الموارد المائية في المنطقة، وقد أدت هذه المنتجات، التي تتطلب الكثير من المياه، إلى استنزاف موارد المياه الجوفية بشكل كبير وتقليل حجم المياه التي تدخل البحيرة، وأدت طرق الري التقليدية والاستخدام المفرط للمياه الجوفية لتلبية الاحتياجات المائية لهذه المحاصيل إلى انخفاض مستوى طبقات المياه الجوفية ومصادر المياه الجوفية في المنطقة.
إجراءات الاستصلاح والتحديات الناجمة عن نقل مياه الزاب الصغيرة
وفي إطار جهود إعادة إحياء البحيرة، تم طرح مشروع نقل المياه من نهر الزاب الصغير الذي ينبع من جبل قنديل على جدول الأعمال، وهذا النهر الذي يؤدي مجراه الطبيعي إلى نهر دجلة ومن ثم إلى الخليج العربي، تم توجيهه إلى بحيرة أورمية عبر أنفاق وقنوات صناعية.
ورغم أن هذه الخطة تعتبر أحد الحلول الطارئة لزيادة حجم مياه البحيرة، إلا أنها خلقت مشاكل وتحديات في مناطق المصب. وقد أدى نقل المياه من الزاب الصغير، بسبب تغير مجرى النهر والاستخراج العشوائي لهذا المصدر، إلى انخفاض توفر المياه في مناطق المصب وتفاقم المشاكل مثل التصحر ونقص المياه في هذه المناطق.
العواقب البيئية والاجتماعية لجفاف البحيرة
بالإضافة إلى تدمير النظام البيئي، تسبب جفاف بحيرة أورمية في مشاكل خطيرة للسكان القريبين، يهدد قاع البحيرة الجاف والمالح صحة الناس وبيئة المنطقة من خلال خلق عواصف ملحية وترابية، ولم يتسبب الغبار الناجم عن الأملاح والمعادن الثقيلة في قاع البحيرة في مشاكل في التنفس فحسب، بل ألحق أضراراً أيضاً بالأراضي الزراعية والماشية.
كما أدت ملوحة التربة إلى تعطيل الزراعة في المنطقة وأجبرت السكان المحليين على ترك أراضيهم، مما أدى بدوره إلى هجرة قسرية وإخلاء القرى.
مقترحات لإحياء بحيرة أورمية
التحكم في تصريف المياه من السدود، من خلال إطلاق المياه من سدود مستجمعات المياه، يتم تحويل التدفق الطبيعي لهطول الأمطار إلى البحيرة، مما يساعد على استعادة البحيرة تدريجياً ويزيد من منسوب المياه خلال الفترات الحرجة.
تغيير نمط الزراعة إلى محاصيل منخفضة استهلاك المياه، فتغيير النمط الزراعي حول البحيرة من المحاصيل عالية الاستهلاك إلى محاصيل ذات طلب أقل على المياه لن يؤدي فقط إلى تقليل الضغط على الموارد المائية، بل سيمنع أيضاً ملوحة التربة، وضمان استدامة الزراعة في المنطقة.
مراجعة وتحسين جسر "كلانتاري" العلوي، الذي تسبب في اضطراب تدفق المياه بين الأجزاء الشمالية والجنوبية من البحيرة، حتى تتمكن تدفقات المياه الطبيعية من الوصول إلى أجزاء مختلفة من البحيرة دون عوائق وتمنع التبخر أكثر مما يمكن منعه.
رفع مستوى الوعي ومشاركة المنظمات غير الحكومية، حول أزمة البحيرة وطرق حمايتها فذلك بإمكانه أن يساعد في جذب المشاركة العامة في تنفيذ تدابير الترميم.
توفير فرص عمل بديلة للمزارعين في المنطقة، حيث سيجنب ذلك زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه والانخراط بدلاً من ذلك في أنشطة اقتصادية أخرى ذات دخل أعلى ولا تضر بموارد المياه في المنطقة.