إسراء شبلاق: للمرأة الفلسطينية دوراً بارزاً في مواجهة التغير المناخي والتخفيف من آثاره

تعتبر المرأة قوة بشرية ورمزاً معنوياً من رموز البيئة ولها الدور الأكبر والأعظم في التخفيف من آثار ظاهرة التغير المناخي التي تعد خطراً كبيراً على الصعيد البيئي والصحي، واتباع أفضل الممارسات للتكيف مع التغير المناخي في قطاع الزراعة

نغم كراجة
غزة ـ
يعرف التغير المناخي بأنه تغيرات وتقلبات واضطرابات في معدل الحالة الجوية السائدة لفترات زمنية طويلة يشمل اختلافات في معدل درجات الحرارة ومعدل تساقط الأمطار والضغط الجوي المرتبط به من الرطوبة وشدة الرياح واتجاهه وحركته، وهو ما يحدث ضرراً في اختلال الأنظمة البيئية سواءً كانت الأنظمة البيئية الحية أو الغير حية.  
تعتبر المهندسة إسراء شبلاق منسقة مشروع تمكين المرأة في مواجهة التغير المناخي لدى مركز شؤون المرأة، أن التغير المناخي "كارثةً بيئية وقضية عالمية أصبحت تهدد جميع قطاعات الحياة، وهنالك الكثير من سجلات الرصد البيئي سجلت أرقام مختلفة في التغير المناخي"، وتؤكد أن ظاهرة التغير المناخي تشكل خطراً كبيراً وأضراراً بالغة في كافة مجالات ونواحي الحياة.
موضحةً أن التغير المناخي "ينشأ بفعل ظاهرة الاحتباس الحراري أو الاحترار العالمي وهو عبارة عن تجمع عدد معين من الغازات في الغلاف الجوي يطلق عليها اسم الغازات الدفيئة وتشمل مجموعة من الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروس والميثان وعدة غازات أخرى، ووجود هذه الغازات شيء طبيعي في الغلاف الجوي وبدونها لا نستطيع العيش على كوكب الأرض".
وعن أسباب ظاهرة التغير المناخي تقول "إن أنشطة الإنسان الغير صديقة للبيئة أدت إلى اختلال معدلات الغازات الدفيئة، فارتفع معدلها عن المستوى الطبيعي وبالتالي نشأ التغير المناخي، والأسباب تنقسم إلى قسمين أسباب طبيعية خارجة عن سيطرة الإنسان تضم تغيرات فلكية وتغير مدار الأرض واختلاف زاوية ميلان المحور وأحياناً حدوث انفجارات بركانية ومواد في قاع البحار وانصهار قمم المناطق الجليدية وغيرها الكثير من الأسباب"، منوهةً إلى أن تلك الأسباب لا تؤثر بشكل كبير على ظاهرة التغير المناخي.
وتضيف "تؤدي العوامل المادية أي العوامل البشرية إلى ارتفاع ظاهرة التغير المناخي في مختلف القطاعات كالقطاع الصناعي والزراعي والإنتاجي وغيرها، ونتيجة للتطور التكنولوجي أصبح هنالك اعتماد كبير على مصادر الطاقة الغير متجددة والتي تنتج ثاني أكسيد الكربون المسؤول الرئيسي عن ظاهرة التغير المناخي".
وتشير إلى أن الأنشطة الغير صديقة للبيئة كالرعي الجائر وإزالة الأشجار أي التقليل من الرقعة الخضراء، وكذلك النفايات التي تنتج بكميات هائلة تساعد على إنتاج ثاني أكسيد الكربون، والنمو السكاني الكبير الذي يزيد من إنتاجية العمليات الصناعية، كل ذلك يسبب التغير المناخي بشكل حاد. 
وأكدت على أن مركز شؤون المرأة يدعم المرأة لتمكينها بيئياً وإبراز دورها وتطوير قدرتها من خلال تفعيل برامج تندرج تحتها مشاريع تهدف إلى توعيتها واتباع أفضل الممارسات والوسائل للحد من انتشار الظاهرة "نفذ مركز شؤون المرأة مشروع تمكين المرأة في مواجهة التغير المناخي لعام 2021، بتمويل من مؤسسة كڤينا تل كفينا، وذلك لتمكين الفتيات والنساء المزارعات اللواتي يمارسن الأنشطة الزراعية المختلفة بصورة رئيسية".
وحول كيفية تمكين هؤلاء النساء بيئياً تقول "سيقوم المركز بتمكين النساء من خلال زيادة مستوى الوعي البيئي لديهن وتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة وتطوير قدراتهن حول أفضل الممارسة المتبعة للتكيف مع ظاهرة التغير المناخي، فالعديد من النساء الريفيات المزارعات ليست لديهن خلفية علمية حول موضوع التغير المناخي أو تكون ضعيفة".
وتابعت "من خلال مشروع تمكين المرأة في مواجهة التغير المناخي لعام 2021، تم تصحيح الممارسات العشوائية الخاطئة لدى المزارعات وتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة وتم تعريفهن بمصطلحات بيئية جديدة أصبحت المرأة تعلم تماماً ما هو التغير المناخي وأسبابه وآثاره وكل ما يخصه وما الذي بإمكانها فعله لتتكيف مع هذه الظاهرة".
ونوهت إلى أن "عملية التمكين جاءت من خلال تنفيذ مجموعة من الورشات التوعوية، المشروع يغطي كافة المناطق المهمشة في قطاع غزة، ويستهدف المشروع فئة الفتيات والنساء المزارعات وفئة الرجال والشباب المزارعين وفئة قادة المجتمع وهم الشخصيات التي لها القدرة على إحداث التغيير الإيجابي في المجتمع". 
وحول أبرز الأنشطة التي قام بها المشروع تقول "عمل الأعضاء في المشروع على تدريب خريجي/ات الهندسة البيئية والزراعية، وتناول مواضيع متنوعة أهمها تيسير الورشات ومهارات كيفية إعداد المدربين والعنف المبني على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى كورس متخصص في التدريب للتعريف بالظاهرة بشكل مفصل"، وأضافت "كان للتدريب دور كبير حيث تم صقل المهارات الشخصية والعلمية والعملية والقيادية".
وقد عزز التدريب ضمن مشروع تمكين المرأة في مواجهة التغير المناخي، دمج المتدربين في سوق العمل خاصةً حديثي التخرج، إضافة لذلك تم تنفيذ 70 ورشة توعوية موزعة في مناطق مختلفة منهم 30 ورشة استهدفت النساء المزارعات والتي ضمت حوالي 450 امرأة وفتاة.
وأشارت إسراء شبلاق إلى أنهم قاموا بإعداد كُتيب تعريفي خاص باسم مركز شؤون المرأة، تم نشره على الفئات المستهدفة والجمعيات والمؤسسات المختلفة ليعرفهم أكثر عن ظاهرة التغير المناخي "علاوةً على ذلك أنتجنا فيلم وثائقي خاص بمركز شؤون المرأة يبرز تأثير هذه الظاهرة على النساء والفتيات والآليات التي تتبعها حتى تتكيف مع الظاهرة، وتمويل 5 مشاريع زراعية نسوية صديقة للبيئة، وتم اختيار هذه المشاريع وفق معايير بيئية تراعي معايير الاستدامة البيئية والريادة الخضراء،  تنفيذ عدة حلقات إذاعية وتغريدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول المشروع ليصل لأكبر شريحة ممكنة، و نشر 11 مقالة علمية باللغة العربية والانجليزية تبين دور المرأة في التخفيف من آثار الظاهرة".
وأكدت على أنه بإمكان المرأة المساهمة في تخفيف آثار ظاهرة التغير المناخي من خلال اتباع أفضل الآليات والممارسات "كما نعلم جميعاً المرأة نصف المجتمع بالتالي هي شريك رئيسي في تحقيق الاستدامة البيئية فهي تشكل حضور قوي ومميز ورصيد لا يستهان به في دعم القضايا البيئية، كما ندرك جميعاً النوع الاجتماعي سواء المرأة أو الرجل كلاهما لهما دوراً واضحاً في التعامل مع الموارد البيئية فالعلاقة بين النوع الاجتماعي والبيئة علاقة تكاملية، أي قد تكون المرأة أحد العناصر التي تسبب التدهور البيئي أو تحافظ على الموارد الطبيعية الموجودة بالبيئة وهذا يعتمد على طبيعة النشاط التي تؤديه، والمرأة أياً كان دورها في البيت أو عاملة في القطاعات المختلفة لها أهمية كبيرة في التخفيف من ظاهرة التغير المناخي".
وذكرت عدة أمثلة عن دور المرأة في التعامل مع التغير المناخي "على سبيل المثال المرأة في البيت من خلال تعاملها مع أفراد أسرتها لو قامت بغرس ثقافة الحفاظ على البيئة وعناصرها سيكون لها الدور الأكبر بالتأثير عليهم إيجابياً، مثل استخداماتها المنزلية كقطاع المياه من خلال ترشيدها للمياه وعدم السماح بهدر كميات كبيرة منه بدون جدوى، بهذا تكون حافظت على عنصر من عناصر البيئة وهو المياه، وبالتالي خففت من ظاهرة التغير المناخي، كما أن تخلصها من النفايات بإعادة تدويرها والتخلص منها بوضعها في الأماكن المخصصة".
وحول ما هو بإمكان المزارعة فعله للمساهمة في الحد من التغير المناخي تقول "بإمكان المزارعة ممارسة الأنشطة الزراعية المختلفة وهي أكثر الفئات إحساساً بآثار التغير المناخي وبدورها يمكنها ترشيد استهلاك المياه فيتم ري المزروعات في وقت محدد واتباع أساليب الري الحديثة الآمنة واستخدام الأسمدة الطبيعية عوضاً عن الكيماويات، مثلاً استخدام النفايات العضوية كالتالف من الأطعمة أو تجميع الأوراق المتساقطة والثمار التالفة  تخميرها في ظروف حرارية معينة يتحول لسماد طبيعي، أو الاستفادة من الأسطح بالزراعة فيها لتعطي منظراً جمالياً بطريقة صديقة للبيئة"، مشيرةً إلى أن المرأة العاملة أيضاً لها دور كبير في تعزيز الوعي البيئي سواء كانت معلمة، وإعلامية أو غيرها من المهن فهي تلعب دور مهم في إدارة النظام البيئي.
وبالرغم من دور المرأة الفعال في الحفاظ على البيئة سواء داخل أو خارج الأسرة إلا أنها تواجه عدة تحديات ومعيقات كما تقول إسراء شبلاق "المعيقات الاجتماعية المرتبطة بالعادات والتقاليد الموروثة في المجتمع الفلسطيني من أكثر المعوقات التي تحول دون مشاركة المرأة مشاركةً فعالة في تنمية المجتمع والحفاظ على البيئة وحمايتها من الكوارث على رأسها ظاهرة التغير المناخي، حيث تدفع المرأة إلى عدم المشاركة الإيجابية كانخفاض مستوى التعليم وارتفاع مستوى الأمية بين النساء والفتيات، وهو ما يحول دون وصول ثمرة التعليم والتثقيف البيئي إلى شريحة معينة من شرائح المجتمع، من ناحية أخرى بالرغم من مساهمتها في صنع القرار في القطاع البيئي إلا أن مساهمتها لا زالت محدودة ودون المستوى المطلوب لتحقق التكافؤ بينها وبين الرجل للوصول للموارد البيئة".
وتابعت "لا زالت المرأة تعاني من ضعف التواجد في القطاع البيئي وأيضاً من ضعف مشاركتها في صنع القرارات المحلية وهذا يعني ضرورة وضع خطوط استراتيجية تعمل على تفعيل دورها لتحقيق الإدارة المتكاملة والمثالية للموارد البيئية لتحقيق التنمية المستدامة الفلسطينية، والعائق الأبرز هو التمييز المبني على النوع الاجتماعي، حيث تتعرض المرأة لصور متنوعة من العنف مثل حرمانها من حقها في التعليم لأي سبب من الأسباب سواء للزواج المبكر أو تسربها من المدارس، لذلك نحن بحاجة لتعزيز إجراءات إشراك المرأة الكاملة والفعالة في تحقيق الاستدامة البيئية ليتلاءم دورها في حماية البيئة وإدارة مواردها".
وأكدت على أنه "يجب تشجيع المرأة على المساهمة في الحفاظ على البيئة، والتعاون ما بين المؤسسات النسوية والمجتمع المدني والبلديات، أو المؤسسات الدولية، لتكثيف الجهود في التخفيف من التغير المناخي وتحقيق الاستدامة البيئية".
وشددت على أنه يجب العمل على توعية المجتمع بخطورة التغير المناخي من خلال تعزيز الوعي البيئي والتشجيع على المشاركة في حماية البيئة والحفاظ عليها". 
ووجهت منسقة مشروع تمكين المرأة في مواجهة التغير المناخي لدى مركز شؤون المرأة، إسراء شبلاق في ختام حديثها رسالة للمجتمع الفلسطيني قائلةً "مسؤولية الحفاظ على البيئة مسؤولية جماعية ولا يعفى أي شخص من هذا الواجب في أي مكان، فلابد من تكاثف الجهود للحد من التغير المناخي خاصةً في قطاع غزة الهش الذي يعاني من مشاكل وتدهور بيئي خانق، معظمها لا يتوافق مع المعايير التي وضعتها وزارة الصحة، وتتسبب في خلق أضرار كبيرة".