التلوث والإجهاد المائي يفاقمان أزمة المياه في ليبيا

في ظل معاناة ليبيا من الاجهاد المائي، وزيادة الطلب على المياه الجوفية، من المحتمل أن تواجه البلاد، مشاكل مائية وشيكة إذا لم يتم إيجاد حلول قريباً، حيث تقترب الموارد المائية والبنية التحتية في ليبيا من مستويات الانهيار.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ على الرغم من أن ليبيا تمتلك أكبر منظومة للمياه الجوفية في العالم متمثلة في النهر الصناعي الذي يتغذى عليها، إلا أنها أخذت في التدهور في ظل الإجهاد المائي الذي بدأت تعاني منه في الآونة الأخيرة.

احتلت ليبيا التي تعتبر الأكثر تأثراً بشح المياه في العالم؛ في عام 2019 المرتبة السادسة كأكثر دول العالم التي تعاني من الاجهاد المائي، وهذا دعا لأن تكون الكثافة السكانية العالية تتواجد في الشريط الساحلي، وبالتالي هنا يزداد الطلب على المياه، فليبيا تعتمد بنسبة تتجاوز 98% على المياه الجوفية.

أوضحت الناشطة البيئية ياسمين الأحمر أن المياه السطحية نسبتها قليلة جداً لا تتجاوز الـ 1% من العيون والأنهار والبحيرات، والبعض منها عرضة للجفاف بسبب التغييرات المناخية التي تشهدها البلاد حالياً، وأحد الأمثلة على ذلك جفاف بحيرة بزيما في الجنوب الليبي، وجفاف بحيرة الكفرة حيث تحولت إلى سبخة.

وأرجعت سبب الاجهاد المائي إلى كثرة السحب والطلب على المياه الجوفية وحفر الآبار العشوائية، والاستغلال المفرط للمياه، بالإضافة إلى قلة هطول الأمطار وتوزيعها وبالتالي توجد قلة في تغذية طبقات المياه.

وأشارت إلى أنها أجرت دراسة خلال عام 2021، حول منطقة تاجوراء، التي تعد مثال لمناطق عديدة في ليبيا، لا تصلها إمدادات النهر الصناعي وبالتالي يلجأ السكان لحفر الآبار من أجل تلبية احتياجاتهم المائية، ولكن نتيجة وقوعها على ساحل البحر الأبيض المتوسط ظهرت لديهم ظاهرة تسرب مياه البحر، وهذه الظاهرة تعاني منها جميع الدول المطلة على السواحل سواء بحار أو محيطات.

وأظهرت الدراسة أن هناك زيادة في معدل الأملاح في المياه الجوفية، التي سببت في تدني جودة المياه وأصبحت بالتالي غير صالحة لا للشرب ولا للزراعة، إضافة إلى تلوث هذه الآبار بمياه الصرف الصحي، وهي مشكلة تعاني منها ليبيا ككل، فكما معروف أن 45% من المنازل والمؤسسات هي متصلة بالشبكة العامة للمياه والصرف الصحي، ويتم تصريفه إلى البحر، دون معالجة.

وأوضحت أن الباقي يتم تصريفه عن طريق حفر الآبار الامتصاصية المعروفة "بالآبار السودة"، ويتم تصريفه مباشرة إلى الأرض، وهذا سبب في تلوث طبقات المياه واختلاطها، مع مياه الشرب وهو مؤشر خطير على حياة الإنسان فكما هو معروف أن هذه المياه تحتوي على العديد من البكتيريا المسببة لعدة أمراض.

وأكدت على أن للمرأة دور مهم في توعية الأبناء والأسرة بترشيد استخدام المياه والمحافظة قدر الإمكان على هذه الموارد، لافتةً إلى أنه هناك عدة توصيات يجب الاهتمام بها منها البحث عن مصادر المياه غير التقليدية مثل معالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها للأغراض الزراعية.

وحول إمكانية توفير مصادر مياه بديلة عن النهر الصناعي، شددت على ضرورة التوجه إلى تحلية مياه البحر وسيكون هذا الحل جيداً، خاصة بعدما ذكرت أن النهر الصناعي لا يغطي كافة المدن الليبية، إضافة إلى أن الأحداث التي شهدتها ليبيا منذ عام 2011 وحتى هذه اللحظة والاعتداءات المتكررة على منظومة النهر الصناعي أدت إلى خروج عدة وحدات عن الخدمة جعلت منه مصدر غير آمن وغير مستقل تعول عليه الدولة مستقبلاً، داعيةً إلى الاهتمام بحصاد مياه الأمطار، والاهتمام بوضع إطار مؤسسي واضح لقطاع المياه في ليبيا.