الطاقة الشمسية بديلة عن الكهرباء في لبنان... ولكن!

أدى الانخفاض بالتغذية الكهربائية في لبنان إلى لجوء بعض العائلات إلى طاقة بديلة تعتمد على أشعة الشمس ألا وهي الطاقة الشمسية.

كارولين بزي

بيروت ـ لا يعتبر استخدام الطاقة الشمسية التي توّلد الكهرباء بالجديد ولكنها أصبحت أكثر رواجاً في الفترة الحالية مع غياب التيار الكهربائي أحياناً لأيام وارتفاع تكلفة المولدات الكهربائية الخاصة. لكن الطاقة الشمسية ذات تكلفة مرتفعة أيضاً ومن غير المعروف مدى فعاليتها وأن كانت يمكن أن تحلّ مكان الكهرباء.

 

"ليست بديلاً عن الكهرباء بسبب تكلفتها"

حول مدى فعالية الطاقة الشمسية، وتكلفتها وكيفية استخدامها، قالت المهندسة سلام بوصي "لا يمكن للطاقة الشمسية أن تكون بديلاً نهائياً عن الكهرباء. ولكن بما أن التيار الكهربائي في لبنان أصبح مقطوعاً في معظم الأوقات، يمكننا إذا كان لدينا القدرة المالية بأن نقوم بتركيب الألواح الشمسية على سطح المبنى الذي نقطن فيه لكي نوفر الطاقة لمنازلنا. وبما أننا نعيش في أزمة اقتصادية فإن تكلفة الطاقة الشمسية كبيرة على المواطن، وكنا نتمنى أن تقوم الدولة بمساعدة الناس عبر قروض لاستخدام هذا النظام البديل للطاقة".

وأوضحت أن "تكلفة تركيب الطاقة الشمسية لمنزل يتزود بساعتين تغذية من الكهرباء العامة عبر شركة كهرباء لبنان، وتأمين 8 ساعات تغذية من الطاقة الشمسية نهاراً بالاعتماد على أشعة الشمس مباشرةً، بالإضافة إلى شحن البطاريات التي يتم ربطها بالألواح الشمسية لاستخدامها ليلاً وتأمين نحو 7 ساعات، بهذه العملية يمكن تأمين نحو 15 ساعة تغذية كهربائية عبر الطاقة الشمسية وساعتين من الكهرباء العامة".

 

"هذا ما نحتاجه لـ 15 ساعة كهرباء"

ولكن ما هي التكلفة، في حال كنا سنستخدم 1100 واط في الساعة، في حال قمنا بتشغيل البراد والثلاجة و3 مراوح للسقف (في الصيف) بالإضافة إلى تلفزيون، إنارة خمسة غرف في الوقت نفسه، شاحن للتلفون والكومبيوتر؟، تجيب عن هذا السؤال بالقول إن "1100 واط/ 220، أي نستخدم 5 أمبير في الساعة في النهار ولكن لتأمين هذا الطاقة ليلاً علينا أن نقوم بضرب 1100 واط بسبع ساعات، وعلينا ألا ننسى نسبة الهدر التي تُقدر بـ0.7، وهنا علينا أن نقسم 7700/0.7 ليتبين أننا بحاجة ليلاً إلى 11 ألف واط".

وعن كيفية تخزين الطاقة تبين "تخزن الطاقة عبر البطاريات، بطاريات 240 أمبير و12 فولط، وكل بطارية بهذه المواصفات تؤمن 240 × 12 فولط أي نحو 2880 واط، وبالتالي لتأمين 11000 واط نحن بحاجة لأربع بطاريات".

وأكدت أن كهرباء الدولة كما يتم إطلاق الاسم عليها في لبنان لا يمكنها شحن البطاريات وتأمين الطاقة المطلوبة المذكورة آنفاً.

وأضافت "إذا افترضنا أن كل لوح يمكن أن يؤمن طاقة بقدرة 450 واط، وإذا احتسبنا نسبة الهدر وهي 0.7، أي أن المقدار الذي سنحصل عليه من كل لوح، هي طاقة بقدرة 315 واط. وبالتالي نحن بحاجة إلى 7 ألواح لتأمين الطاقة المرجوة. إذ نحن بحاجة لـ 1100 واط/ الساعة نهاراً وهي طاقة مباشرة عبر الشمس و1100 واط ليلاً في الساعة الواحدة. ولاستكمال هذه العملية نحن بحاجة إلى الـ inverter أو محول الطاقة، إلى جانب الكابلات النحاسية وقواعد للألواح الشمسية".

 

"تكلفة الطاقة الشمسية"

ولفتت إلى الحد الأقصى للأسعار اليوم في السوق اللبنانية "أن تكلفة الألواح الشمسية تبلغ نحو 1732 دولار، أما المحول 3.5 كيلو فوت أمبير KVA، فهي 370 دولار. فيما يتعلق بالبطاريات الأربع فتكلفتهم الاجمالية 960 دولار، قواعد الألواح هي بقيمة 225 دولار، والأسلاك والكابلات النحاسية تقدر بـ 200 دولار أميركي. أي أن المجموع النهائي لا يتجاوز الـ 3500 دولار".

يعتبر البعض أن هذه التكلفة كبيرة جداً ولكن إذا تم احتسابها شهرياً فهي ستوفر طاقة بأقل تكلفة مقارنةً بالتكلفة التي تترتب على المواطن من ناحية الاشتراك في المولدات الخاصة.

وتفند بالتفصيل التكلفة الشهرية "تدوم البطاريات لنحو ثلاث سنوات، وإذ قمنا بتقسيم 960 دولار على 3 سنوات، علينا أن ندفع 320 دولار في السنة وتقسيم الـ 320 على 12 شهراً أي تبلغ التكلفة الشهرية 26.6 $. وفيما يتعلق بالألواح الشمسية والمحول وهما بقيمة 2540 $، وهما يدومان بين 10 و20 سنة. وإذ قسمنا 2540 $ على 10 سنوات أي أن التكلفة السنوية للألواح والمحول 254 $ وشهرياً تبلغ التكلفة 21 دولاراً".   

ونصل إلى تكلفة شهرية تقدر بـ 47 $ شهرياً، الأمر الذي يساهم بتخفيض فاتورة كهرباء الدولة وإلغاء الاشتراك.

وتعليقاً على المشاكل التي يمكن أن تتسبب بها الطاقة الشمسية ومدى فعاليتها ولاسيما الحرائق التي عانى منها بعض الذين قاموا بالاستعانة بالطاقة الشمسية، تقول "عند تركيب الطاقة الشمسية يجب التوجه إلى الأماكن الموثوق منها، فنجدها لدى شركات متخصصة ومهندسين يدرسون المشروع، إذ لا يمكن لأي شخص أن يوصل الألواح الشمسية على محول بالتأكيد يمكن أن يتم توصيلها ويحصل المواطن على الكهرباء ولكن يمكن أن يعاني من مشاكل في المستقبل. يمكن أن يحترق المحول إذا تم فتحه بطريقة خاطئة. من الممكن أن تحدث حرائق لأنه يجب اعتماد مسافة معينة بين الألواح الشمسية، واعتماد كابلات مناسبة للارتفاع والمسافة، وبالتالي يمكن أن يحصل حرائق إذ لم تكن الكابلات تتحمل الطاقة التي تنقلها". وتعتبر أن الرصاص الطائش يمكن أن يؤثر على الألواح الشمسية.

وتلفت إلى أن للمحول أيضاً سعة معينة، مثلاً إذا كان المحول يتحمل بين 3500 و6000 واط لا يمكننا أن نحمله دائماً مقدار 6000 واط أي القدرة القصوى، مما يؤثر سلباً عليه.

وتعتبر أن قلة المعرفة وعدم اللجوء إلى أصحاب الاختصاص يؤدي إلى خسارة الأموال التي دفعها الفرد من أجل تأمين الطاقة الشمسية.

لا يتم استخدام الطاقة الشمسية في الصيف حصراً بل في الشتاء أيضاً بما أن الشمس في لبنان تشرق نحو 300 يوم في العام، وبالتالي على العائلات التي قررت الاستعانة بالطاقة الشمسية أن تقوم بتركيب حماية للألواح الشمسية من الصواعق في الشتاء، ويجب تركيب الرادع للصواعق على اللوحات الشمسية وصولاً إلى الأرض ولكن هناك من يتم توصيله بطريقة خاطئة.

 

"بلدة رميش مثالاً"

وتطرح مثالاً عن بلدة رميش وهي إحدى البلدات الجنوبية، تقول سلام بوصي "تتمتع بلدة رميش بكهرباء 24/24 ساعة. إذ باشرت بلديتها باستخدام العدادات الذكية مع أنظمة الطاقة الشمسية، التي لجأ الى استخدامها أكثر من نصف سكان البلدة وبالتالي أصبح جميع أصحاب منازل رميش يستفيدون عملياً من الطاقة الشمسية التي تم وصلها بشبكة الكهرباء العائدة للمولدات الخاصة. ثم انطلقت حملة لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية في المنازل، مع ارتفاع أسعار المازوت، وحثت الحملة الجميع على ضرورة تركيب العدادات الذكية والمحولات القادرة على ربط الطاقة الشمسية الخاصة بالشبكة العامة أو بالمولدات الخاصة".

وأضافت "هكذا استطاع أصحاب المولدات تأمين الكهرباء طيلة ساعات اليوم، دون أي تقنين، بما أنه يتم تأمين الكهرباء للأهالي نهاراً من الطاقة الشمسية، وفي ساعات الليل يتم تشغيل المولدات الكهربائية، حتى أن أصحاب المولدات استغنوا عن المولدات الكبيرة لتأمين الكهرباء، بل أصبحوا يكتفون بتشغيل مولدات صغيرة تؤمن الحاجة المطلوبة وتساهم في توفير المازوت في ظل اشتداد أزمته".

وتختم سلام بوصي حديثها بالتأكيد على أن "الأهالي الذين سيعمدون إلى تركيب الطاقة الشمسية في منازلهم باستطاعتهم الاستغناء عن شراء عدد كبير من بطاريات التشريج، لأنهم يستطيعون الاكتفاء بالطاقة نهاراً وبيع الفائض منها لأصحاب المولدات، والحصول على الكهرباء ليلاً من المولدات مجاناً أو بشكل شبه مجاني ذلك يعتمد على ما قدموه من طاقة لأصحاب المولدات".